العميد عصام زهر الدين شهيداً.. التحية لروحك وبطولاتك
| مازن جبور
انغمس في طينها وغبارها، بردها وحرها، نورها وعتمتها، سنين قتال وحصار وحروب، حتى أصبح جزءا منها وهي جزء منه، ولم يشأ أو تشأ الأقدار أن ينفصل أو يبتعد عنها، وقضى فيها كي يضيء وينير في لحظة كالحة من حياة هذا البلد المشرقي الجريح.
من ثمارهم تعرفونهم، هذا هو حال البطل الشهيد اللواء شرف عصام زهر الدين، فخرٌ لدير الزور أن تحمل اسمه «أسد الدير»، وفخرٌ له أن يقضي في سبيلها وعلى ترابها، وفخر لسورية كلها أنه ابن هذه البلد المقدسة.
وأزهرت أمس أرض دير الزور بالعصام ورفضت إلا أن تعانق دم الصمود، حيث طالته يد الغدر بلغم أرضي عند تقدم الجيش العربي السوري في حويجة صكر، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
وصل الخبر كالصاعقة على كل وطني شريف يعلم أهمية هذه القامة العظيمة التي خسرناها، أبو يعرب أو «نافذ أسد الله» كما يلقب.
خاض ميادين القتال من غوطة دمشق الشرقية، إلى بابا عمرو في حمص التي أعادها إلى سيادة الدولة وفك عقدتها العصية هناك، تنقل مطارداً الإرهاب من مدينة التل إلى جنوب العاصمة دمشق، ثم قائد القوات في حلب، ليصبح منذ عام 2012 قائدا للمخابرات العسكرية في المنطقة الشرقية خلفا للواء الشهيد جامع جامع، ومنذ ذلك الحين، سطر أروع معاني البطولة والصمود، وجعل دير الزور ومطارها عصية على داعش وأخواتها رغم الحصار لأكثر من أربع سنوات متتالية، وبشهادة عناصره، كان بطلاً في أرض المعركة، لا يقبل إلا أن يكون أمامهم.
البطل الشهيد عصام، ضابط في الجيش العربي السوري تدرّج في الرتب العسكرية لوصوله إلى رتبة عميد من مواليد محافظة السويداء عام 1961، وعمليات عسكرية كبيرة قادها صاحب الـ55 ربيعاً، ضد الجماعات الإرهابية المسلحة في معظم الجغرافيا السورية وخرج منها منتصراً، وكانت آخر هذه العمليات هي الأهم في حملة كسر الحصار عن مدينة دير الزور.
و«أبو يعرب» ضابط في الحرس الجمهوري، متزوج ولديه ولدان وبنت، ومن بين أبرز من نعى اللواء الشهيد، شريكه في البطولة والتصدي للإرهاب والقضاء عليه، العميد سهيل الحسن، وفق ما نقلت صفحات التواصل الاجتماعي، حيث نعاه وتوعد بالثأر له بكلمات ما عرفناها من قبل، وقال: «كسرت ظهرنا يا أسد بني معروف يا أبا يعرب الصديق الصنديد، وحق شرائط الصبح التي تشع على جباه شهدائنا الأبرار، وحق صدقك وعزمك وشجاعتك، وحق مشكاة النور في عيون الثكالى واليتامي، وحق قبابنا البيضاء عالية بشهدائنا، وحق وجهك المنير وصدر الصنديد وقلبك الكبير، لن نسكن عن ثأرك فنملأ الأرض جثثاً أو نموت دون ذلك».
من أجمل ما قاله اللواء الشهيد، لحظة اللقاء بين القوات المتقدمة لفك الحصار عن دير الزور مع حامية المطار بقيادته: «بدأتُ الحرب منذ 15 آذار 2011، ولكن هذا اليوم هو الأجمل، انتصار بابا عمرو، انتصار حمص، انتصار الحسكة، انتصار دير الزور، لكن الأجمل هو ما حدث اليوم من لقائنا بالنمور الذين قطعوا مئات الكيلومترات وضحوا بالشهداء والجرحى للوصول ولقاء رجال الأسطورة رجال الصمود الذين حموا دير الزور وفراتها العذب بأجسادهم وبصدورهم العارية».
العميد عصام زهر الدّين.. زهرة سورية الذي سيبقى عطر انجازاته فوّاحاً ولو بعد حين، سيبقى نجمك ساطعاً في السّماء يضيء علينا بكل انتصار لأنّك صانعه قبل رحيلك جسداً وخلودك روحاً.
«نافذ أسد الله» لروحك الطّاهرة السّلام