ما يجلط وما لا يحتمل!
| حسن م. يوسف
بات القهر خبزنا اليومي نحن السوريين، فكل كلب جعاري تربى على جيف الأمم المنفرطة بات يقرر عنا من يجب أن يحكمنا ومن يجب أن يرحل عن مستقبلنا!
وكل حمار قبرصي شارد جربان صار يسمح لنفسه بأن يخصص لنا جل شهيقه الفلهارموني، كي يعلمنا الموسيقا والفصاحة ويرشدنا لسبل الحرية وأصول صناعة المكدوس، على الرغم من أن أجدادنا الأوغاريتيين وضعوا السلم الموسيقي السباعي قبل ولادة فيثاغورث اليوناني، الذي ينسب السلم إليه، بأكثر من خمسة قرون، كما اخترعوا أقدم أبجدية في التاريخ، وهم يملكون براءة اختراع المكدوس منذ اكتشاف العلاقات الودية بين الجوز وزيت الزيتون والفليفلة والملح والثوم والباذنجان!
وكل خنزير ديوث يطأ أخته، وتوطأ أنثاه أمامه، ولم ير السماء طوال أعوامه، بات يخرج لنا بوزه من القذارة ويعلي قُباعه الشنيع علينا كي يعلمنا أصول الإخلاص والنزاهة والكبرياء والفخار وحب الوطن!
وكل قواد داعر لم يترك شيئاً من فنون الفحش يعتب عليه، بات يرتدي جلباب قيس بن الملوح أو تنورة روميو بن مونتيغيو الفيروني أو عباءة فرهاد حبيب شيرين، ليعلمنا أصول الرومانسية والحب العذري الذي يهري مطرح ما يسري!
وكل ثعبان مرقط بن مرقط، يتكور ملتفاً على نفسه السامة (السامية) ويوجه لنا فحيحه المقدس كي يعلمنا التسامح وعدم ابتلاع البيض وأكل فراخ الطيور الأخرى!
وكل عقرب يصئي في آذاننا ملوحاً بإبرته في آخر ذيله وبسيفه عبر محطته الفضائية كي يعلمنا حب الخير والوفاء والإيثار وإغاثة الملهوف.
وكل بغل يطلق شحيجه باتجاهنا مفاخراً علينا بأن الحصان خاله وأن أنسابنا نحن ضعيفة زربتها الجغرافيا منذ العهد الأموي ونسيها التاريخ منذ العهد العباسي!
وكل بقرة تخور كي تعلمنا نحن السوريين معنى الشموخ والشمم وأصول التباهي على الماعز والغنم وعلى سائر البهائم والأمم!
وكل ضبع يزمجر لأجلنا غيرة على لحمنا الطيب من أن تأكله الذئاب!
وكل دب يعلي صوته القهقاع السهيف كي يرشد السوري لأصول السلوك اللطيف الرهيف، وأصول تربية دودة القز وتسليك خيطان الحرير!
وكل ثعلب يقف مهتزاً أمام الميكروفونات ويضبح في وجوهنا وأقفيتنا كي يعلمنا الأمانَة والإخلاص والاستقامة والتمسك بالمبدأ!
وكل ذئب يعوي وكل خروف يمأمئ، وكل قرد يضحك، وكل ضفدع ينق. وكل قط يموء، وكل عجل يخور، وكل غنمة أو عنزة تثغو، وكل ناقة تمارس الحنين… حتى الفيلة رفعت خراطيمها وبدأت تصئي علينا لتعلمنا الرشاقة والخفة والقفز العالي!
أشهد أنني كمواطن سوري ملتصق بالتراب، قد تحملت كل ما سبق وما هو أسوأ منه، لكن وصف المدعو حمد بن جاسم الإسخريوطي (رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق) لسورية بأنها (صيدة) قد أخرجني عن طوري، وجعلني أستخدم كل قاموسي الفقير من الشتائم!
«احنا تهاوشنا على الصيدة، وفلتت الصيدة واحنا قاعدين نتهاوش عليها».
فهل بين السوريين من يملك ما يكفي من المال والنخوة لتقديم هذا المجرم الصفيق لمحكمة العدل الدولية!