ثقافة وفن

عبد اللطيف عبد الحميد يدخل عالم الرومانسية للمرة الأولى … «طريق النحل»: قصة حب عاصفة في زمن صعب

| وائل العدس – تصوير طارق السعدوني

تحت رعاية وزير الثقافة محمد الأحمد وبحضوره، افتتحت المؤسسة العامة للسينما أول عروض فيلمها الجديد «طريق النحل» من تأليف وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد، في صالة سينما سيتي في دمشق، على حين انطلقت العروض الجماهيرية في الصالة نفسها إضافة إلى صالتي كندي دمر ودمشق.
الفيلم معاصر يتناول الأزمة السورية ويركز على خيار البقاء في البلاد أو الهجرة منها عبر قصة حب رومانسية، ويؤدي أدوار البطولة فيه بيير داغر ويامن الحجلي وجيانا جورج عنيد وعبد اللطيف عبد الحميد وبيدروس برصوميان ووائل زيدان وغادة بشور ونور وزير ويامن سليمان وأسامة حلوم وسامر الزلم، وظهور خاص لسلاف فواخرجي وقاسم ملحو، أما الاستشارة الدرامية فللكاتبين حسن سامي يوسف وعادل محمود.

الطريق الصعب
يروي الفيلم على مدى نحو ساعتين قصة حب بين شاب وفتاة يلتقيان في بيت للإيجار بأحياء دمشق القديمة سكناه بعد أن نزحا جراء ظروف الحرب حيث تعيش «ليلى» صراعاً بين حبها للشاب «رمزي» الذي يعمل في الإسعاف فضلاً عن موهبته اللافتة في تقليد الأصوات، وهجرة ابن خالتها إلى ألمانيا الذي كان من المفترض أن تتزوجه وطلبه المتكرر لها بأن تلحقه وبين إعجاب الممثل «سليم» بها.
اسم الفيلم مستوحى من أغنية شهيرة لفيروز، حيث يمثل رمزياً الطريق الصعب الذي يمكن أن يرافق مسيرة حياة إنسان، وهو العنوان الذي سبق أن قدم في الدراما التلفزيونية السورية عام 2009 للمخرج أحمد إبراهيم أحمد.
والشريط توجه نحو رواية مصير مأزوم وصعب، عن مصائر الناس ضمن حالة من الفوضى التي يمكن أن يعيشها الإنسان عندما يعرف وطنه حالة حرب طاحنة، وكيف يكون الإنسان مسحوقاً بين خيارين يحبهما، لكنه مضطر للمفاضلة بينهما واختيار أحدهما مهما كلفه ذلك من ألم وحرمان.
كما يحكي عن المدن المنكوبة والحال المظلمة الموجودة في سورية حالياً، تحاصر كل الناس، وتضعهم في متاهات الحياة، وتجعل من أحلامهم وتحقيقها طريقاً شائكاً مليئاً بالألم والقسوة والعنف النفسي، تجري أحداثه بشكل أساسي في مدينة دمشق، وجزء منها في طرطوس.
في هذا العمل يقدم عبد الحميد فيلماً رومانسياً لطيفاً مختلفاً عما قدمه سابقاً في كل تجاربه السينمائية السابقة، ليتحدث عن الصراع الذي يمكن أن يعيشه إنسان بين حب البقاء في الوطن أو ملاحقة أحلامه في السفر خارجه، بحثاً عن المزيد من الأحلام وتحقيقها. إنه حكاية وجدانية عن قصة حب رهيفة بين فنان وشابة، والمآلات التي تصل إليها هذه العلاقة في ظل حالة من الحرب والفوضى والكثير من الإحباطات والألم الذي من الممكن أن تولده ظروف كهذه على مصير علاقة حب عاصفة بين رجل وامرأة في هذا الزمن الصعب.

ظهور أول
ظهر في الفيلم نجمان فنيان يتعاملان للمرة الأولى مع السينما السورية، وهما بيير داغر وجيانا عنيد.
وفي ظهور خاص يقدم الفيلم عدداً من نجوم الفن السوري الذين يظهرون كضيوف شرف، منهم سلاف فواخرجي وقاسم ملحو وكذلك المخرج أحمد إبراهيم أحمد، كما يظهر عبدالحميد ذاته ببضعة مشاهد فيه، وهو ما فعله سابقاً في بعض أفلامه التي قدمها في السينما السورية، حيث شارك ممثلاً في مشاهد قليلة، على حين شارك في عدة أفلام كـ«نجوم النهار» و«صديقي الأخير» و«مطر حمص» و«ما ورد» بأدوار تمثيلية كاملة متعددة المشاهد.

جوائز وتكريمات
وقال وزير الثقافة في تصريحه للصحفيين: «تعبر الأفلام التي تنتجها مؤسسة السينما عن رؤى مختلفة ومتباينة لمخرجين عدة يشكلون مسار السينما السورية، واللافت أن الأزمة أفرزت سينما أفضل بكثير من السنوات السابقة، وهذا قدر الأمم العريقة عندما يعترضها ظرف قدري قاس كالذي تعرضنا له، وقدمت النتاجات الأفضل بتاريخها وهذا ما حصل للفيلم السوري، منوهاً بالجوائز والتكريمات التي تحصل عليها السينما السورية أكثر من أفلام عربية أخرى.
وأكد أن السينما السورية تشهد حالياً انطلاقة كبيرة وفورة إنتاجية، مشيراً في الوقت ذاته إلى ما يحققه الفيلم السوري في المهرجانات وعبر الجماهيرية التي يحظى بها.

هواجس وآمال
وفي كلمة ألقاها أمام الحضور قال مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين: «كعادتها السينما تجمعنا دائماً، تطل علينا بأفلام جميلة وجديدة، تلامس همومنا وأوجاعنا، تحاكي هواجسنا وتعبّر عن آمالنا، تلتزم بقضايانا الحياتية وترسم بمنطقها جسور علاقاتنا الاجتماعية ومدى تأصلها في مجتمعنا، تتسلل إلى عوالمنا الداخلية الدفينة في أعماق كل واحد منا وتطرح علينا أسئلةً مصيرية لا تحتمل التجاهل والمواربة، بل تدعونا للثبات والمواجهة، لتكون بذلك مرآة تعكس صورة هويتنا الوطنية الجامعة وحاملة لهذه الهوية والمحافظة عليها والمدافعة عنها جنباً إلى جنب مع قوات الجيش العربي السوري في وجه كل من يريد العبث بها، ولتوثق بذلك مرحلة مهمة من تاريخ هذا البلد العظيم الذي أثبت للعالم أجمع، أن بلداً يعمرُ تاريخه بتراكم حضارات يصل عمرها إلى أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد لا يمكن لغربان الظلام أن تدنس ترابه».
وأضاف: «هذا ما تحاول السينما السورية أن تسطره في صفحات التاريخ وفكر الحاضر والمستقبل، ولهذا السبب نصنع أفلامنا بحبٍ كبير، وبعشق عميق، مؤمنين أن أفلامنا يجب أن تكون منا وتعبر عنا وعن أوجاعنا وآمالنا وهواجسنا، هذا ما نريده من أفلامنا، وهذا ما نعمل دائماً عليه».
وأكد أن «طريق النحل» فيلم نعالج من خلاله بعضاً من هواجس الشباب السوري في سنوات الحرب الغاشمة التي تشن على بلدنا الحبيب، فيلم رقيق في طرحه ومحاكاته للحدث، فيلم يعاكس الحرب بالحب، كيف لا وهو يحمل توقيع المبدع الكبير عبد اللطيف عبد الحميد، الذي أبكانا وأضحكنا في أفلامه، علمنا بفنه وإبداعه معنى الانتماء لأرض تعشقنا ونعشقها، علمنا كيف تحنو علينا بحبها الكبير لنا وتكبر بنا ونكبر بها».

قالوا لـ«الوطن»
مخرج الفيلم قال إن الفيلم يتحدث عن قصص حب تعاكس هذه الحرب، فالحب نقيض ومضاد لها، وهو انعكاس لخيار البقاء في البلد، لكن هذه القصص جاءت بصورة مختلفة عن مثيلاتها في أفلامي السابقة، معتبراً أن إصراره على مشاركة وجوه جديدة في كل أعماله واجب يقتضيه تقديم هذه الوجوه للجمهور.
أما بيير داغر فقال: الفيلم تجربة جميلة مع المخرج عبد الحميد ويحكي قصة واقعية مستمدة مما يجري حالياً من أحداث ما سيضمن لها المتابعة الواسعة.
وأشارت نور وزير إلى مشاركتها مع أسماء لهم تاريخهم الطويل في السينما، تجربة أغنت مسيرتي الفنية وخطوة مهمة على طريق حلم كبير، حيث جسد الفيلم رؤية سينمائية لامست الواقع بطريقة شفافة كما لامست الإحساس الإنساني لدينا، وأضافت: بالنسبة لي كان التحدث باللهجة اللبنانية بمنزلة تحد بين إتقان اللهجة والحفاظ على الحس التمثيلي، وأرجو أن أكون نجحت في ذلك».
وقال بيدروس برصوميان: هي تجربتي الأولى مع الأستاذ عبد اللطيف عبد الحميد وكانت تجربة ممتعة، ويضيء الفيلم على حالة حب بزمن مليء بالدمار والحقد، وأتمنى أن ينتصر الحب في حياتنا على كل ما هو رديء مثلما انتصر الحب في فيلم طريق النحل، لعلها تكون سبباً من أسباب خروجنا مما نحن فيه الآن.
بدوره أكد يامن سليمان أن العمل مع عبد اللطيف فرصة لكل ممثل وهذه المرة الثالثة التي أقف فيها أمام كاميرته، ومشاركتي داخل الفيلم بدور مدير الإضاءة والتصوير، بخط يتضمن حساً كوميدياً لطيفاً عودنا عليه عبد اللطيف، إضافة إلى بعض ملامح الكاريكاتير الذي يميز شخصياته من خلال الشكل، وقد عودنا أيضاً على أعمال تلامس الروح والمشاعر.
أسامة حلوم أكد أنه لم يستطع تصوير ما تبقى له من مشاهد في الفيلم بسبب مرضه الذي أصابه بسبب البرد الشديد في موقع التصوير، حيث قدم دور مساعد المخرج في الفيلم.
أما من ضيوف الفيلم، فأكدت ريم عبد العزيز أن الفيلم قريب من القلب، وعبد اللطيف عبد الحميد اسم كبير في الإخراج وروحه المرحة كانت واضحة في الفيلم، وأحببت النهاية لأنه أثبت أن الحب فوق كل شيء، ولابد أن ينتصر الحب حتى في زمن الحرب.
وأخيراً، شدد مازن عباس أنه وغيره توقعوا أن يشاهدوا لغة سينمائية ودهشة وعمقاً فكرياً ومقولات كبيرة في إطار طريف عند صاحب «رسائل شفهية»، وهذا لم يحدث للأسف.

قيد العرض والتصوير
بعد عرض فيلم «طريق النحل»، تستعد المؤسسة العامة للسينما لعرض فيلم «حرائق» للمخرج محمد عبد العزيز، و«رجل وثلاثة أيام» للمخرج جود سعيد، و«ليليت السورية» للمخرج غسان شميط.
كما تصور حالياً فيلم «النورج» للمخرج أيمن زيدان، وهو ثالث فيلم لهذا العام بعد فيلمي «الاعتراف» للمخرج باسل الخطيب، و«رجل الثورة» للمخرج نجدة إسماعيل أنزور.
وأما رابع أفلام هذا العام فسيكون بمنزلة تجربة جديدة على السينما السورية، وهو فيلم روائي طويل مؤلف من أربع قصص سيقوم بإخراجها أربعة من الشباب الجدد ضمن إستراتيجية جديدة في مشروع دعم سينما الشباب وسيبدأ العمل به خلال الأيام القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن