كالقبر غطته الزهور لكنه عَفِنٌ دفينه…ثمة فرق بين من ينجز مشروع من صنعه ومن ينجز مشروع من اشتراه!
إسماعيل مروة :
العام الماضي (لو) وفي هذا العام (تشيللو) و(العراب) وفي نسختين مقتبستين، وكذلك كان (سنعود بعد قليل) أعمال درامية تم تحويلها عن أعمال عالمية، وإن كان (سنعود بعد قليل) قد نجا من التطابق فإن الأعمال الأخرى لم تفلح كما هو، ودخول سنعود بعد قليل في تفاصيل الحياة السورية والأحداث كاد يجعله عملاً سورياً بامتياز، وإذا ما قام أحدهم بحذف اسم الفيلم الإيطالي كان العمل سورياً بامتياز، كل ما جرى فيه يجري على الأرض السورية، ويمكن أن يجري بطريقة أو بأخرى، ولكنني رأيت أن الموضة التي تجمع نجوماً سوريين مع نجوم لبنانيين للتسويق لدراما يطلقون عليها اسم الدراما العربية المشتركة، ليست إلا للاستفادة من الواقع العربي المتردي لصنع دراما مربحة، سواء كانت من بيئتنا أم لم تكن! سواء عملت على ردم الهوة المجتمعية أم عمقتها..
«لو» بداية الحكاية
عن فيلم لا يتجاوز تسعين دقيقة تمّ صنع عمل مثل «لو»، والذي اعتمد حكاية غريبة، وإن كانت تجري في أوساط من مجتمعاتنا بشكل أو بآخر، وطوال ثلاثين حلقة تابعنا مشاهد فيها من الحرارة والشك والخيانة ما فيها، لتنتهي كما في الفيلم من دون اعتماد بيئة محلية، ومن دون استخلاص أمر سوى الفرجة، والكادر السوري المهم الذي اشترك في إنجاز العمل من الطاقات المهمة التي من المعوّل عليها بهذه التقنيات والرؤية المدهشة أن تعمل على قضايا المجتمع السوري، وإن كانت مماثلة فلا بأس في ذلك، والمشكلة أن مثل هذا العمل- مع كل الملاحظات- حظي بنسبة مشاهدة عالية، وسببها الرؤية والصورة والمعالجة التي خلصت النص من مطبات السقوط، واستمرأ الفنانون السوريون، وصناع الدراما السوريون اللعبة، وتخلوا عن دورهم الثانوي، وهو المنتج المنفذ، وكان لمثل هذا العمل عقابيله وتبعاته، وحتى الآن لم يدرك صناع الدراما السورية أنه يتم استهلاك نجومهم، وتهمل نجماتنا اللواتي يملكن طاقات تمثيلية خارقة لمصلحة الجمال الذي يغطي على المقدرة التمثيلية، وفي كل عمل يبرز نجم لبناني، أو يلمع نجم، وأظن أن المرحلة القادمة ستكون بالاكتفاء بوجود السوريين كضيوف شرف!
وكل ما يقوله المنتج اللبناني، أو المنتج المنفذ بحذق عن أعماله لا يستطيع أن يخفي محاولة سحب البساط من تحت أقدام الدراما السورية والمصرية معاً، وإن كان الأذى سيطول الدراما السورية أكثر بسبب قرب اللهجة وتماثل اللسان والشكل… والمرحلة القادمة ستكون بمسلسلات الدوبلاج التي سيستفيد المنتجون من عناصر نجاح السوريين لسحبها منهم!
ليس هناك من اعتراض على وجود مثل هذه الأعمال، ولكن الغايات وحجم الانتاج أصبحا يشكلان خطراً، والفوائد الفردية أسهمت في عدم شعور أي من صناع الدراما بالخطر الداهم، ومن يتابع يجد أن بعضهم تلونت لهجته، وأخذ من لبنان مقراً له ولعمله، علماً أن كل ادعاءاته كاذبة فأعماله تعرض سورياً، وأخباره تغطى، وأحاديثه تنشر في الداخل، لكنه بما أنه ثروة وطنية على حسابنا، وثروة خاصة بمكاسبه، فهو يخاف على نفسه وإبداعه فإنه يعيش هناك، بل يطلب منا أن نشكره طويلاً لأنه يمثل الروح القومية السورية في الأعمال المشتركة!!
الموسم الحالي وازدياد الخطر
«تشيللو» صورة جميلة تم الترويج لها بشكل كبير، إخراج مذهل، وصورة أنيقة وصنعة متفوقة لحكاية لا تقدم ولا تؤخر، تيم حسن المنتقي الذي يظهر بشكل مدروس، يحمل تشيللو اسمه أولاً، ومع عدد من الممثلين الذين لا تؤثر أدوارهم، وقف نجوم لبنان لحمل العمل والانتشار، وفي هذا ذكاء، وأي ذكاء، فتيم له اسمه، وهو يحمل العمل في المحطات العارضة، وبعد (زمن العار) وما فيه يأتي تيم لأداء دور شراء امرأة وتشيللو في الوقت الذي يباع فيه وطن! ربما كان هذا العمل أكثر جمالاً في وقت آخر، ولكن هل يقبل أحدنا أن يتم إخلاء الفكرة وإخواؤها من أجل حسناء وآلة؟! لست مع الأعمال الملتزمة، ولا أدعو إليها لأنها لا تحمل قيمة فنية، لكنني لا أقبل متابعة الحسناء لثلاثين ساعة والرماد يحيط بي!
وهذا العمل أخطر من «لو» مع التشابه، والخطورة أن الكادر السوري الخلفي والفاعل أكبر بكثير من السابق فصاحب «الانتظار» نجيب نصير، والمتحدث باسم «فكر» هو من أنجز هذا العمل كتابة، والصديق نجيب نصير مع حسن سامي يوسف من أهم كتاب الدراما السورية، فمن «الانتظار» إلى «زمن العار» متابعة لقضايا سورية تناسب فكر نصير وعقيدته الأيديولوجية، ورؤيته الحضارية، فهل انتهت مراحل بناء الشأن المجتمعي لينحاز إلى هذا الترف؟ وكنت أظن أن نصير بما خبرته منه سيعمد إلى إعطاء النص بعداً عربياً ومحلياً، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث! ومن يعرف براعة نجيب نصير وفكره يدرك خطورة أن يكون نصه على المقاس، وربما بدأ بنص آخر على مقاس نجيم والخال، وأحد النجوم السوريين! وسامر برقاوي برؤيته وإخراجه يخرج من عباءة (قلبي معكم) ليرسم لوحة آسرة في غير الزمان والمكان، ومعه الكوادر السورية القادرة على تحويل التراب فريكة… بقي يوسف الخال المنتصر عملياً وأخلاقياً بالمليون دولار ووثيقة طلاق، وعهد بأنه ما أحب ولن يحب بعد ياسمين، والخيبة ترتسم على محيا تيم حسن، فهل تتوقف الخيبة على الشخصية الممثلة أم تنتقل إلى نجوم الدراما الذين أضاعوا (إخوتهم) ومارسوا لعبة مال صناعة الدراما لا غير..!
العراب نسختان
الاستنكار لـ«لو» و«تشيللو» لا يقل عن الاستنكار للعراب، مع أن حكاية العرّاب تحتمل تحميل الواقع العربي فساداً أو عصابات، وها هي طاقات تتحدى لتقدم رواية عالمية بحلقات ممطوطة مستفيدة من نجومية النجوم، ولكن ما هذا الإدهاش والإسقاط الذي جعل السوريين يقومون بإنجاز نسختين من العمل نفسه، وفي العام نفسه، وفي أوقات عرض متقاربة؟!
العملان حملا اسم (العراب) أحدهما لزيادة الإيحاء أضاف (نادي الشرق)، وهنا لا أتحدث عن التمثيل والصنعة، فهذا أمر لا مراء فيه ولا شك، ولكن من عباءة الدبلجة واستقطاب الجمهور أنجز هذان العملان عن العراب، أحدهما لحازم سلمان والثاني لرافي وهبة، وقد سبق لرافي في اختياراته أن تفوق في (سنعود بعد قليل) مع الليث حجو حين كانت سورية حاضرة في كل لحظة.. وأريد أن أغض النظر عن الجانب الذي حاول صناع العملين اللعب عليها، النظام والمعارضة، وكأن هذا العمل هو الذي يقوم بالتصنيف، عراب أخرجه المثنى صبح وعراب أخرجه حاتم علي وكلاهما من عباءة إخراجية واحدة، ومن مدرسة هيثم حقي، وإن قدّر لأحدهما أن ينجز عملاً مقابل العمل الآخر! لم يستطع أحدهما الاستفادة من نجومية عاصي الحلاني، ولم يستطع الآخر استثمار فكرة المعارضة التي روج لها صناع العمل وأبطاله، واقتصر دور العملين على الفوائد الخاصة والمادية، والدليل على ذلك أن «في ظروف غامضة» للمثنى حظي بمتابعة تفوق عرابه وإن أنكر المفكرون، وقد سمعت آراء مشاهدين كثر قالوا: ليش العرّاب؟!
ومن بعد «الفصول الأربعة» المتفوق، وضع حاتم علي بصمته المميزة «التغريبة الفلسطينية» كانت البصمة الفكرية والفنية، ثم انحاز إلى أعمال مأخوذة عن أشعار وما شابه، ليأتي العراب استكمالاً لرحلة لا تنقذها الكاميرا.. مع أن المجال يتسع لتقديم صراع فكري وأيديولوجي دون عرّاب، ودون نادي الشرق، هو في الخارج، وبإمكانه أن يصنع بشكل منطقي وعلمي، لكنه لم يفعل، وحمل العمل لافتات سياسية ومعارضة دون أن تكون له!
«24 قيراط» من متعة
ريم حنا التي قدمت ما أمتع وأفاد وانتقد في الدراما السورية توقع هذا العمل الممتع حقاً، مع توقيع الليث حجو، وما من اعتراض على مثل هذا العمل المشوق والمحبوك بوليسياً ودرامياً وإنسانياً، وهو من رتبة «24 قيراط» لجانب مشاركة الفنانين اللبنانيين، وقد يحمل المؤشر الأول على بداية الاكتفاء من الوجوه السورية مهما علا شأنها، فمع سيرين عبد النور وماغي بوغصن وباسم مغنية وآخرين كانت نجومية عابد فهد تحاول جهدها، ولباسم وجود في عمل عن المقاومة، واكتفى عابد بقيراط من 24.. المشهدية والإخراج غاية في الروعة، والنص نجا من مطبات الأعمال الأخرى المنجزة، ولكنه كان بلا هوية، ولعالم لسنا أهله، على الأقل في الظرف الراهن، وأستعير قول الفنانة أمل عرفة عندما سئلت عن هذه الأعمال، ولم تحدد عملاً محدداً، قالت: كل شيء حلو الصورة واللباس والديكور والإخراج، لكن ماذا أريد أن أقول؟
كما لم تجد أمل عرفة نفسها، كذلك المشاهد تابع سيرين وماغي واستمتع بالجمال والحكاية، وهنا توقف الموضوع، بين ذاكرة وفقدانها، وأخ وتآمره وانتحاره.
تذكر كتب التاريخ، وفي هذا الشيء من الظلم أن الصوفية عندما اجتاحت الغزوات الأرض العربية، نكصوا إلى الخلوات والأدعية، ولم يشاركوا بفعالية في مقاومة المحتل! فهل هذا يصدق على الدراميين السوريين تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً؟! أظن أن الأمر أكثر خطورة بسبب الإعلام، وليتهم اكتفوا بالأدعية! فليكتب أحدنا وليمثل وليقاوم كل سلبية! من أي طرف كانت، ولليث سابقة في (سنعود بعد قليل).
من دون تحيز أقول جميلة هذه الأعمال وممتعة، لكن صنَّاعها كمن يضَّع وردة فوق جيفة متفسخة، وفي أحسن تقدير على قبر لعزيز عجز عن فعل شيء من أجله!!
نجوم سورية والغياب
مع بداية الأزمة غاب نجوم سورية الكبار، الذين صنعتهم سورية وإنسانها، من ممثلين ومؤلفين ومخرجين، ولن أعدد أي اسم من الأسماء، وقد أخذت المسألة في البداية نتيجة الفراغ المفاجئ الكثير من الجدال والشتائم، وبعد مضي خمس سنوات على الأزمة الخانقة، تابعت الدراما في الداخل والخارج، وتابعت الآراء، سابقاً كان المشاهد يسأل عن فلان وفلان، اليوم لم يعد المشاهد السوري يفتقد هؤلاء النجوم، ولم يعد بشوق لرؤيتهم، ولم يعد يعنيه كانوا أم لم يكونوا، النجوم حمّلوا أنفسهم أو حُملوا فوق الطاقة، وأرادوا أن يكونوا نجوم سياسة ورأي عام فأوهموا وتوهموا وغابوا، مع أن عدداً منهم يحضر ويمثل ويغادر بكل احترام، إلا أنهم حافظوا على مواقفهم التي جعلتهم وراء ساتر، ومع مرور السنوات الخمس برز عدد من النجوم الشباب المؤهلين، الذي بدؤوا احتلال الساحة، وبعد أقل من سنة سيصبح هؤلاء النجوم الشباب هم نجوم الشاشة السورية، وسيتحول نجومنا في الخارج إلى ضيوف شرف، وإلى ضيوف برامج فنية راقصة بعد أن يفقدوا الصلاحية، وقد فات هؤلاء أن العمر الافتراضي للفنان عشر سنوات، وبعد هذه السنوات سيأتي من يأخذ مكانه عمراً ومعرفة، فكيف أحرق هؤلاء مراكبهم، ولماذا ربطوا إبداعهم بمسألة السلطة والمعارضة؟! يبدو أن بعضهم يرى نفسه رونالد ريغان فلينتظر حتى يصبح المجتمع قادراً على تقبل نجم في موقع مسؤول!! أغلب هؤلاء النجوم أصدقاء كانوا وما يزالون، لكنهم بغيابهم أفقدونا الاشتياق الشخصي والفني في الوقت نفسه، وخاصة من صار منهم يتحدث المصرية واللبنانية دون أي داع ملح.
ولم أنحز إلى أي من الأعمال، فلا العراب الداخلي ولا العراب الخارجي، كلاهما هدر للطاقات والمال، وأنا في لوم النسخة السورية أكثر، فما تم صرفه على مثل هذا العمل يكفي لإنجاز عشرات الأفلام الوثائقية عن الأزمة، ويستخرج الإبداع من رحم الخيمة والتشرد داخلياً، وخاصة مع الإعلان عن البدء بـ(العراب)، للنسخة الداخلية، فماذا بقي للعراب لم يقله بعد أن وضع سلوم حداد ذقنه على عصاه، وأوجز ما دار في ثلاثين حلقة؟!
سنة الحياة تقتضي أن يحل نجم مكان آخر، وجيل مكان جيل، ولكن ليس من تلك السنة أن يخرج أحدهم نفسه، ويخلي نفسه من مهامه التنويرية لغايات سياسية أو مادية، ولنا في النجوم والممثلين الذين احتفظوا بالاحترام فوق الألق خير مثال.
تألقوا وحافظوا وأبدعوا
بسبب انغماسي بالحياة الثقافية كنت على تواصل دائم مع المثقفين والفنانين السوريين، وتربطني بهم علاقات قوية حيناً، وجلسات لا تتعدى مقهى الروضة أحياناً، وزيارات وما شابه، لكن كل هذه الجلسات الطارئة كانت كافية لمعرفة شيء من الجوهر، وفي هذا الموسم وفي المواسم السابقة رأينا باقة من النجوم لا يستطيع أحد أن ينكر مكانتهم أو ثقافتهم حافظوا على مكانتهم وأعمالهم ووجودهم، والأكثر أهمية قبل الانسياق، استطاعوا المحافظة على آرائهم، وإن كانت مجافية لرأي السلطة في البلد، وكل ذلك لم يمنعهم من العمل الجاد، ومن المشاركة في الفعاليات، وإن كانت لا تمثل طموحهم، ووجدنا هؤلاء النجوم في مكانتهم التي يستحقونها، مع أنه لا يستطيع متبجح مهما علا صوته أن يقول إنهم غير مطلوبين في الدراما العربية، وأكثر من ذلك هم من أعادوا بوطنيتهم سوق الدراما السورية.
بسام كوسا المثقف
لا أحد من العاملين في الوسط الثقافي ينكر ما يحمله بسام كوسا من ثقافة، بل إن عدداً من الذين في الخارج كانوا يصفونه بالمعارض قبل الأزمة، وهو التشكيلي والقاص والفنان المبدع، كان بسام إشكالياً في آرائه قبل الأزمة، وأزعم أن العروض الأولى للعمل في الدراما العربية كانت من نصيبه، لكن عناد المثقف، ولون التشكيلي الجارح، وإبداع المبدع أبقت بسام كوسا على مواقفه، فهو ينتقد، ويتحدث ويشارك، لكنه لم يحوّل نفسه إلى مثقف منبر، وفي أثناء الأزمة ظهر فناننا وفي أكثر من مشهد فكان متفرداً، وحافظ على آرائه التي كانت توصف بالمعارضة، ولكنه لم يتوقف عن أن يكون مثقفاً تنويرياً لمجتمعه، وحافظ على حضوره الزاهي المتميز، وأدى ما لا يمكن لغيره أن يؤديه، ولو اجتمع عدد في شخص واحد، ولذلك فإننا سنشتاق لبسام وإبداعه حتى في حضوره.
عباس النوري
صاحب الكاريزما المميزة، والذي صار علامة مشتركة في أعمال عديدة، عباس من المثقفين الذين يملكون آراء خاصة، وليس من حق أحد أن يصادرها، قال كلامه دون حرج، ولم يكترث لانتقاد وكان مع الوطن في كل فاصلة من فواصله، فكتب ومثّل، وحضر، وكان في المشهد، حتى تحوّل إلى ثابت من ثوابت الدراما السورية.
أيمن زيدان والوضوح
كان أيمن زيدان من آباء الدراما السورية، فأسس وعمل طويلاً، وكان الفنان الذي تليق به كل الأدوار، فانتقد في مشروعه قبل أن يرفع أحد رأسه من الرمال، وخرج إلى فضاء الدراما العربية، وعاد إلى سورية، وهو مطلوب عربياً، وشبكة علاقاته أهم من أي فنان، ومن «قاع المدينة» إلى «حرائر» كان زيدان سورياً منتمياً، وعاد اسمه علامة مهمة في الدراما، وبجهد منه أعاد إخراج «دائرة الطباشير» فقدم عرضاً ساخناً وقاسياً، ولم يتوان عن النقد لما يحدث ومن أي جهة كانت.
غسان مسعود موقف
بعيداً عن الطنطنة الفارغة بالعالمية وما شابه، فقد ملك غسان مسعود بطاقاته وأستاذيته محلاً في السينما العالمية، وأي دور له هناك مهما كان ثانوياً كما يحاول خصومه تصويره فهو قادر على منحه بحبوحة العيش بعيداً، وثقافته تؤهله للتنظير، لكنه لم يرتكب خطأ عمر الشريف رحمه الله بالهجرة، بل يؤدي دوره ويعود ليبقى شاخصاً، ويكون أبو سليم المشرد السوري الرائع المؤمن بالعمل والوطن والغد، وأزعم أن هذا الدور للأستاذ غسان مسعود لم يكن عادياً في مسيرته الفنية.
أمل عرفة، أيمن رضا، شكران
القائمة تطول إن أردت أن أتحدث عن الذين حافظوا على ألقهم وأنفسهم قبل أن يحافظوا على الوطن، وتحصيل حاصل حافظوا على انتمائهم، وأبكونا حباً لسورية وإنسانها، أما سمع أحدنا حديث جوكر الدراما السورية أيمن رضا الذين قال كلاماً منتمياً يعجز عنه الساسة؟ وشكران وأعمالها وإطلالتها وحبها لسورية والشام، وشكران هي من هي! وأمل عرفة النجمة والممثلة البارعة والكاتبة لدنياها، ألم تسأل عن هذه الأعمال الخارجية وجدواها؟ وها هي تنجز مشروعها بسوريتها، كما أنجزت أغنيتها سابقاً، وقنعت أن تكون مغنية سورية مع أن الأبواب فتحت لها في كل مكان!
سلاف والموقف
على صفحات الوطن، وقبل الأزمة جابهت سلاف فواخرجي وزيرين وهما على رأس عملهما، وأخرت الإشارة إليها، لأن كثيرين يصنفونها، وهي لا تنكر التصنيف، وحوربت، ولكنها ببراعتها بقيت المتمسكة بمشروعها السوري، وأجلت مشروعاتها الخارجية على تعددها، ورغم كل التصنيف بقيت الحاملة للعمل المروجة له، ويباع على اسمها، اعترافاً بمكانتها وقدراتها.
إن ما أقوله له علاقة بالإبداع والقدرة لا بالسياسة، فالمبدع الهش الذي لا يترك عملاً لا يشارك فيه ولا يترك أثراً، لن يرفع من إبداعه أن يقف صارخاً مع السلطة أو مع المعارضة، لأن الرأي السياسي إن كنت معه أو ضده لا يصنع مبدعاً، والمبدع الحقيقي هو الذي ينتمي إلى الأرض والإنسان، ينجز مشروع من صنعه، لا مشروع من اشتراه جاهزاً!! هل رأيتم إلى الكثيرين الذين تم تصنيعهم أين هم الآن؟
أرأيتم المبدع الذي صنع نفسه أين هو الآن؟
الغد القادم سيفسح المجال للمبدعين الشباب الذين سيملؤون الساحة تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً، ولن يكترث الحج بأبي حلاوة الذي أخذ علبته معه، وموسم هذا العام بما ملك من طلائع مبشرة في «حرائر» و«بانتظار الياسمين» و«بقعة ضوء» بكادرها الجديد، وغيرها من الأعمال سيظهر نتائجه دون أدنى شك في الموسم القادم عندما يصعد نجوم وتأفل نجوم بعد أن هبطت بالمزاد العلني سواء كانت مع أو ضد…! ولن يجدي قول المسؤولين: إننا نفاخر بطاقاتنا وأعمالنا في الداخل والخارج! ولن يكون الخارج إلا خارجاً، ولو كان من وزن 24 قيراطاً وللحديث صلة.