رياضة

اغتنام الفرص

محمود قرقورا :

إذا هبت رياحك فاغتنمها
فعقبى كل عاصفة سكون
هذا بيت شعري من البحر الوافر مضمونه معروف للخواص والعوام، وغالباً ما تكون كرة القدم مجالاً رحباً لتطبيقه في كل حين، فالفريق الذي لا يترجم فرصه يعاقب بلدغة رغم أنه يكون الأفضل والأقرب للفوز على كل المذاهب الكروية، واللاعب الذي لا يستثمر أزهى أيام تألقه قد يخرج صفر اليدين مع معشوقته، وحال ليونيل ميسي على الصعيد الدولي وهو على أعتاب إنهاء العقد الثالث من عمره تلخص الموقف.
اليوم ينطلق قطار الدور الحاسم للدوري السوري وفريقا الجيش والوحدة الأقرب للتتويج نظراً لامتلاكهما كل العناصر المطلوبة مادياً ومعنوياً، فالشق الأول محوره الزاد البشري من اللاعبين المتميزين، والشق الثاني يؤكده حجز الجيش مكانه بين الثمانية الكبار في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي، وحجز الوحدة مكانه في نهائي كأس الجمهورية، وامتلاكه عنصراً لا يمكن وضعه على الرف في مجال اللعبة الشعبية الأولى في العالم وهو الجمهور الذي يمثل اللاعب الثاني عشر.
الظروف العامة تنبئ بأنهما الأكثر استقراراً وقدرة على حسم اللقب، وإن كان هناك من ناد ثالث سيعيد الحسابات ويتحكم بهوية البطل فهو الشرطة الذي قد يرتقي في حالة مشابهة لارتقاء جبلة لقمة الهرم عام 2000، وكلنا يتذكر كيف استغل جبلة بعناصره المتميزة الشكوحي والخطيب والشلبي ومناف والموسى غياب فريق الجيش عن مسرح الأحداث والتراجع الملحوظ للكرة الحلبية ليحرز اللقب ثلاثة مواسم متتالية أواخر الثمانينيات مطبقاً مقولة: إذا هبت رياحك فاغتنمها، ومازال جيل الفتوة الذهبي بقيادة أنور والخلف والعواد والحبش والعسكر في الذاكرة عندما حاز اللقب مرتين والحال كذلك للحرية والاتحاد.
الجميع يعلم كيف استغل فريق الجيش حالة الاستقرار وصيغة العلاقة زمن سويدان كي يعود لريادة الكرة السورية بعد سنوات من القحط فحقق كل ما يحلو له من ألقاب محلية وقارية.
وكل أطياف الجمهور الكروي في سورية تتذكر كيف هيمن الكرامة على الألقاب المحلية في النصف الثاني من العقد المنصرم زمن الداعم بارودي وكيف كان قاب قوسين أو أدنى من زعامة القارة لولا هفوة قاتلة، وكل ذلك بفضل الاستقرار التدريبي وروح الفريق الواحد وامتلاكه الأفضل من اللاعبين المحليين.
أعتقد جازماً أن الشرطة هو الوحيد في تاريخ الكرة السورية الذي لم يستثمر أجياله الذهبية لأسباب شتى، فتارة كان ينسحب، وتارة لا يشارك، وحيناً لا يقام الدوري، وبرهة يشتعل فتيل الخلافات، فثلاثة ألقاب بين دوري وكأس لا تروي ظمأ محبي الشرطة إبان الكتيبة التاريخية من اللاعبين أواخر سبعينيات القرن الفائت، ومن منا لا يقر بأن الفريق يستحق لقب فريق الأحلام المحلي زمن مدير الكرة وائل عقيل ومع ذلك اكتفى بلقب دوري واحد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن