«مخوليات» يمزج الحب والفرح مع اللون مستنكراً الحرب … د. بثينة شعبان: المعرض يبث الحياة في قلوب البشر لأنه يرى في ما تعرضت له سورية إشعاعاً جديداً
| سارة سلامة
في معرض «مخوليات» الذي استضافته صالة «ألف نون» للفنون والروحيات والذي يعتبر المعرض الفردي الأول الذي تقدمه للفنان موفق مخول، اجتمعت اللوحة مع الكلمة بكل ما تحمله هذه اللوحة من ألوان صاخبة تضج بالحب والحياة والكثير من الأمل ونبذ الظلام والسواد الذي خلفته الحرب، متضمناً اثنتين وعشرين لوحة بقياسات متنوعة بتقنية الإكريليك على القماش وبأسلوب تجريدي مستخدماً الألوان المضيئة الموزعة بشكل متوازن.
كما وقع مخول كتاباً جمع من خلاله منشورات إلكترونية ساخرة عن الواقع الفني والاجتماعي نشرها عبر صفحته على «فيسبوك» لتكون نصوصاً فيسبوكية متحررة تعبر عن سنوات الحرب الماضية قائلاً عن تجربته: «لم أقدم نفسي هنا أديباً لكن امتزج الحب مع الحزن مع الفرح مع اللون وخرجت معي هذه العبارات البسيطة الممزوجة بفطرية تفكيري وحبي للوطن والإنسان».
جذوراً لإشعاع جديد
وأكدت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان في تصريح للصحفيين أن: «معرض اليوم يبث الحياة ليس فقط في اللوحة وإنما في قلوب البشر لأنه يرى في كل ما تعرضت له سورية جذوراً لإشعاع جديد وظهور جديد وحياة معافاة ويدل على التجدد الدائم في سورية، وما يميز الفنان مخول هو تركيزه على الإنسان باعتباره الأساس في إعادة الحياة في أي مكان بالعالم وذلك اعتماداً على روح الإنسان ونفسيته ومشاعره وقلبه».
وبينت الدكتورة شعبان أن: «الفنان مخول يقوم بتحويل القطع المدمرة إلى قطع ملونة لأنه يرى أنها تستعد لحياة جديدة لا يرى بها الدمار إنما يراها تقرع طبول المستقبل الجديد، ونلاحظ أن الفنان مخول تأثر بشكل واضح من رحلته إلى الصين بالألوان والرسم هناك إضافة إلى الطقس الكنسي والروحي وما يميزه بشكل عام هو الحب، كما أنه يعتمد على الدوائر التي تمثل عنده كل شيء جميل ورائع».
وأعربت الدكتورة شعبان عن سعادتها بهذا العمل الفني «الذي نلمس به مؤشرات كثيرة منها بداية تعافي سورية وانطلاقها في مسيرتها الحضارية المتجددة لتكون دائماً نموذجاً للعالم وللاستمرارية».
سورية لا تزال ولاّدة
ومن جانبه قال معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض: «بعد نحو سبع سنوات من الحرب على سورية ما زال السوريون ومن بينهم الفنانون مصرين على الوجود وترك بصمة واضحة مفادها أن السوري «غير قابل للموت» فهو إنسان متجدد ومتشبث بالحياة ويمد جسور التواصل الثقافي والفني مع الآخرين، وهذا يدل على أن سورية لا تزال ولادة ومستمرة منذ أكثر من عشرة آلاف عام رغم الغزوات والحروب العديدة والمتنوعة والتي تختلف أسماؤها ولكن بالمضمون هي واحدة هدفها هو السيطرة على هذه البقعة الطاهرة الطيبة إلا أنها استطاعت بفضل أبنائها أن تتغلب على كل العوائق وتجتازها».
وأضاف المبيض إن: «معرض اليوم هو حالة إبداعية جديدة للفنان موفق مخول ورافق هذا المعرض توقيع كتاب وهو عبارة عن مجموعة خواطر كان قد نشرها مخول عبر عدة سنوات على صفحته الشخصية على «فيسبوك»، وأحب أصدقاء الفنان جمعها في كتاب لتكون الفائدة أشمل ومركزة أكثر».
صاحب بصمة
ومن جهته رأى رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الدكتور إحسان العر أن: «الفنان مخول قدم مجموعة من الأعمال المهمة وتجربته معروفة وواضحة، ويتميز في الزخم والعطاء ومشاركته الدائمة في المعارض الجماعية، أما اليوم فنجده يقدم بهذا العمل الفردي أكثر من 20 عملاً»، مضيفاً إن مخول صاحب بصمة في الساحة الفنية التشكيلة وأعماله ذات قيمة فنية عالية سواء على صعيد الموضوع أم على صعيد تكوين العمل الفني بما يحتوي من مسرح وعمق في التاريخ والألوان التعبيرية واتجاه بعضها نحو التجريد وهذه الأعمال كلها تنم عن شخصية متوازنة وتجربته التي تمتد لأكثر من 30 عاماً».
شيء من روحي
وتحدث الفنان موفق مخول عن المعرض قائلاً إنه: «حصيلة تجارب خلال سنوات الحرب على سورية ونحن الآن بحاجة إلى الفن الذي يطور ثقافتنا ويدفعنا إلى أن نحب الحياة ونحب الجمال، واللوحة التشكيلية يجب أن تكون خارج مراسمنا وهي جزء من علاقاتنا ومن حوارنا الإنساني الوطني»، مبيناً إنه ربط بين الكلمة واللوحة لأن الأدب والفن لهما دور أساسي في تطوير الإنسان وبنائه، وخاصة في المرحلة القادمة وبناء الإنسان أهم من بناء أي شيء آخر».
وأضاف مخول أنه: «لا بد من وجود حوار بين اللوحة والإنسان فاللوحة ليست ألوانا فقط وتجربتي اليوم فيها شيء من روحي وأحاسيسي وغضبي وحزني، وأشعر أن اللوحة تحاورني أكثر مما أحاورها، ولا شك أن العمل الفني التشكيلي هو حالة إنسانية ووجدانية وحالة مهمة جداً في تطوير المجتمع وثقافته ويجب أن نخرج بها خارج الصالات إلى الشارع والساحات لكي نصل إلى المجتمع كله».
طاقة جمالية
وبدوره قال مدير صالة «ألف نون» الفنان التشكيلي بديع جحجاح إن: «صالة (ألف نون) اعتادت بنية لها علاقة بروابط تخدم قضايا الجمال عبر اللوحة واللحن والكلمات وتوقيع الكتب الأدبية، واليوم نحن في معرض «مخوليات» أمام تحول مختلف وأمام شخصية أثرت في وعي السوريين خلال فترة كبيرة وأثرت في المشهد السوري من خلال الأعمال التي قاموا بها في الشوارع وموسوعة «غينيس» التي حصل عليها هو وكل الفريق».
وبين جحجاح أن: «هذا التكريم اليوم ليس فقط للفنان موفق مخول إنما لكل الفريق الذي عمل معه، وجاءت النصوص الفيسبوكية المتحررة لنشعر كأننا أمام «جان جاك روسو» مختلف له علاقة بالأدب الساخر الذي يحمل في داخله بنية لها علاقة بالوعي والتحول باتجاه الحقيقة أكثر ونحن اليوم بحاجة إلى الفن البنّاء البعيد عن المادة والجشع، الفن الذي يحتوي على طاقة جمالية»، موضحاً أن «هذا المعرض هو الفردي الأول الذي تقوم به صالة «ألف نون» لأخ من هذا الوطن والذي تقاسمنا معه الآلام والأحزان لنقول للحرب إننا صامدون».
ويذكر أن الفنان موفق مخول من مواليد دمشق عام 1958 يحمل إجازة من كلية الفنون الجميلة قسم التصوير عام 1982 وهو موجه اختصاصي لمادة التربية الفنية بمديرية تربية دمشق، وأقام عدة معارض فردية وجماعية وهو مشرف على فريق إيقاع الحياة الذي نفذ عدة أعمال جدارية وطرقية في دمشق ودخل أحد أعماله في عام 2014 موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية كأضخم جدارية مصنوعة من مواد مدورة من مخلفات البيئة.