«الحياة مهنة تافهة» نصوص نثرية لسامي أحمد … لكي تحيا في هذه المدينة.. عليك أن تشيع دائماً جنازة الحياة
| سارة سلامة
يطلق الشاعر والناشر السوري سامي أحمد الذي ينتمي لشعراء المقاطع في الشعر العربي مجموعته الشعرية السادسة بعنوان «الحياة مهنة تافهة»، عن دار «التكوين» للتأليف والترجمة والنشر، يحمل نصوصاً نثرية قصيرة ومع تراجع المطولات الشعرية نرى القصائد القصيرة التي تعتبر تنفيساً عن روح الشعر أصبحت الشكل الأكثر عصرية ربما لأنها تنسجم مع وقع الحياة المتسارع، وفي هذا الديوان ما يستدعي الاستغراب حقاً بدءاً من العنوان «الحياة مهنة تافهة»، والطبعة هي الأخيرة أما حقوق النشر فهي داشرة، نرى حجم التمرد الذي يعيشه وانقلابه على الواقع بكل ما فيه من تفاصيل، وفي زمن ضاعت فيه الكثير من المعاني المؤنسنة نرى الحقد الذي يخفيه البشر كابوساً يدفعنا لتعريته بقدر ما نستطيع، حيث يقول: دائماً «أسلك الدروب المنحرفة، كي أفلت من طرقات تدور حول نفسها، وتعيدني إلى الجسد الذي فرّ مني»، ويقول أيضاً: «كل الذين أحبوني ماتوا.. كل الذين أحبهم قتلوني».
ويحتوي الديوان على العناوين التالية: «في ذمة النشر، دمشق 2013، أرملة الجسد!، عبرا، غيابك سرّ المعنى، ليست هايكو، إلى امرأة بعينها».
واعتمد في هذا الديوان على القصيدة القصيرة جداً كما في مجموعاته السابقة، وهي في أحيان كثيرة تكون عبارة عن بيت شعري واحد موزَّع على سطرين أو ثلاثة، على خطا ما جاء في مجموعاته السابقة وهي: «عميل التعب» و«خذلتني النجوم» «وشُبِّهَ لي».
يقدم سامي أحمد ديوانه باقتباسين من «برنار نويل» حيث يقول: «يجب أن نخاطر بأنفسنا في لا -أعلم- شيئاً، في لا أرى شيئاً حتى نمضي نحو النسيان، ونجعله منتجاً للمجهول.
الوراء يتقدمك
وفي قصائده القصيرة نجد أحمد يطلق صرخات متعددة يحمل فيها حالة من التذمر والهجاء حيث يقول «في هذه المدينة.. مهما مشيت إلى الأمام.. فإن الوراء يتقدمك».
وفي توصيف للمعاناة والحرب وقسوة الأيام نجد هذه المقطوعات النثرية السبيل الوحيد للتنفيس عن الغضب الموجود في داخل كل منا حيث يقول: «عندما كنا صغاراً، كنا نلعب لعبة الحرب، نطلق النار على بعضنا طوال النهار.. طاخ طيخ طاخ طاخ سقطنا على الأرصفة، ركضنا في البراري مقلدين صوت الطائرات ثم أصبحنا حاملات قذائف، وصرنا الآن نكتب الشعر بالكلاشينكوف»، ويقول أيضاً: «لا وجود لشيء في هذه المدينة، اسمه الحرية.. وما لا وجود له لا نحتاج إليه.. أيتها الحرية، اذبحيني، في هذه المدينة لا يرتفع سوى الأسيد أوريك».
دع قلبك يفكر
ومع كل هذا الألم الذي يحتضنه لا بد من بزوغ أملٍ من بعيد ويقول: «لكي تحيا في هذه المدينة، عليك أن تشيع دائماً جنازة الحياة.. لكي تقدر أن تعيش في هذه المدينة دع قلبك يفكر وعقلك عاشقاً».
وفي حالة العشق بين الرجل والمرأة نراه يبحر في عالم من الخيال مقدساً لهذه المشاعر التي تربط بين شخصين ويعنيه المكان لما يشكل له من حميمية «بين خطاك يتمشى طيف، يطفو في عينيك.. يغفو.. في عينيّ.. عيونك الشهل في «الشعلان» بابها مطري، غيمها رواقي»، وأيضاً «الليل نفسه في باب توما.. يتعرى بين أحضانك لينام.. لم أر الطرق تطير كما رأيتها معك».