نقطة نظام.. برسم مجلس القضاء الأعلى
| نبيل الملاح
يلاحظ أن مجلس القضاء الأعلى درج منذ زمن طويل على الاكتفاء بعزل القاضي الذي تثبت إدانته، وعدم اتخاذ الإجراء المناسب بحق القاضي الذي يرتكب أكثر من خطأ مهني جسيم والقاضي الذي يطيل أمد التقاضي في الدعاوى من دون وجود مبرر لذلك، وقد يكون سبب ذلك قصوراً في الأحكام المتعلقة بحصانة القضاة.
لقد نص الدستور على المبادئ التالية:
– احترام الدستور والقوانين.
– سيادة القانون أساس الحكم في الدولة.
– حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون.
– يحظِّر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
وأعطى قانون السلطة القضائية مجلس القضاء الأعلى صلاحية إعطاء القرار بتعيين القضاة وترفيعهم وتأديبهم وعزلهم بناء على اقتراح وزير العدل، واقتراح مشروعات القوانين المتعلقة بالقضاء وبحصانة القضاة وأصول تعيينهم وترفيعهم ونقلهم وتأديبهم وعزلهم.
إن واقع القضاء وأهميته للجميع حكاماً ومحكومين، يتطلب الإسراع بالمعالجة الفورية للخلل الحاصل ووضع إستراتيجية شاملة لتحقيق شعار «نحو قضاء سريع وعادل» يتم من خلالها وضع الخطط والبرامج ومشاريع القوانين اللازمة لتطوير المؤسسة القضائية وإصلاحها.
وسأذكر بعض الأفكار والمقترحات التي كنت قد كتبتها في مقالات سابقة:
1- عدم الاكتفاء بصرف القاضي المتهم بأفعال جرمية كالرشوة مثلاً من الخدمة، وضرورة رفع الحصانة عنه وإحالته إلى محكمة مختصة لتطبيق حكم القانون.
2- وضع الآليات العملية لمراقبة عمل وأداء القضاة بشكل فعال.
3- وضع الضوابط والأصول القانونية والفقهية لتفسير النصوص القانونية، وعدم إطلاق يد القضاة منفردين في ذلك.
4- إزالة التناقضات الحاصلة في بعض الاجتهادات الصادرة عن محكمة النقض.
5- إعادة النظر بقانون أصول المحاكمات المدنية بما يؤدي إلى إزالة الالتباس الحاصل في بعض أحكامه، وتسريع إجراءات التقاضي، وتعديل الأحكام المتعلقة بالتبليغ والخصومة.
إن تنفيذ ذلك يتطلب تفعيل إدارة التفتيش القضائي ورفدها بالمفتشين المؤهلين من أصحاب العلم والخبرة والنزاهة، وأعتقد أن الملاك الحالي لوزارة العدل لا يساعد على تفريغ العدد اللازم من القضاة، ومن ثم يبقى اقتراح الاستعانة بالقضاة المتقاعدين الذين يتمتعون بالعلم والخبرة والسمعة الحسنة الحل المتاح لذلك.
ويأتي دور إدارة التفتيش القضائي في معالجة الخلل الحاصل في بعض الدعاوى ولدى بعض المحاكم، من خلال الاهتمام بالشكاوى المقدمة للسيد وزير العدل، وعدم التسليم بما يقوله البعض إن هناك استئنافاً وطعناً بالنقض، فذلك يعني أن الدعوى ستستغرق سنين طويلة قد يضيع الحق بنهايتها.
ولابد من الإشارة إلى أن تراجع عدد الشكاوى- كما سبق أن صرح مصدر في وزارة العدل لصحيفة «الوطن»- لا يعتبر أمراً إيجابياً في ظل الواقع الذي نشهده، وأخشى أن يكون سبب ذلك يأس الناس من جدوى الشكوى، إلا ما يتابعه السيد وزير العدل بالذات.
لقد وضعت «نقطة نظام» برسم مجلس القضاء الأعلى والسيد وزير العدل، بعد أن قرأت أخباراً عن اجتماعات ولقاءات عقدها السيد وزير العدل للنهوض بالقضاء ومعالجة أوضاعه.
فالمعالجة لن تكون فعالة إن لم تكن صارمة وكاملة، يتحقق من خلالها العدل والعدالة، وعلى القاضي أن يؤمن بأن سلطان القانون عليه وعلينا جميعاً.
باحث ووزير سابق