آل سعود وجدول العمل الأخطر على المنطقة
|تحسين الحلبي
لكل دولة عناصر قوة نسبية وعناصر ضعف نسبي، والسؤال هو ما أهم العناصر التي تستخدمها السعودية للتأثير في قادة الدول والأحزاب؟
إذا ما افترضنا أن أهم عنصرين في قدرة تأثير السعودية في الآخرين هما: المال والجيش، فمن البداهة الاستنتاج أن عنصر القوة المسلحة أثبت عجزه وضعفه عن التأثير السعودي في اليمن وهي أفقر البلدان العربية المجاورة للسعودية، فالقوة لم تنجح الآن لأن المال الذي حاولت السعودية استخدامه لشراء قادة في اليمن لم ينجح إلا بشراء عدد قليل جداً من هؤلاء، وما زال اليمن يتصدى لأشرس الحروب التي تشنها دولة عربية على أخرى في تاريخ شبه الجزيرة العربية.
تاريخ وسجل العلاقات الأميركية السعودية يثبت أن العائلة المالكة نفسها، لا يمكن أن تستخدم عنصري «القوة المفترضة» هذه، إلا بعد موافقة الإدارة الأميركية، لأن حركة الأموال السعودية تخضع لإشراف ومراقبة أميركيين رسميين، ولا يمكن تحويل مبالغ مالية ذات قيمة معينة إلا بموافقة الإدارة الأميركية، فالسعودية التي تقدم مئات المليارات من الدولارات للرئيس الأميركي دونالد ترامب وغيره من الأميركيين، لا تستطيع تقديم نصف مليار للفلسطينيين المحاصرين والجائعين في قطاع غزة، ولا حتى 10 ملايين دولار، لأن واشنطن وتل أبيب معاً لن تسمحا بذلك، ولهذا السبب لا تملك السعودية من عناصر القوة المفترضة أي عنصر، لا المال ولا القوة المسلحة، لأن قرار منح الأموال يخضع لموافقة واشنطن ولأن قرار شن حرب على أي طرف يخضع هو أيضاً لموافقة واشنطن، والدليل على ذلك أن حرب الإدارة الأميركية المشتركة مع السعودية على اليمن بدأت الآن تثير انتقادات في الكونغرس الأميركي بعد أن أصبح أكثر من خمسة ملايين يمني مهددين بالموت بسبب الحصارات السعودية على منافذ المساعدات الغذائية لليمنيين والقصف المتواصل على أحياء اليمن.
لكي تتجنب الولايات المتحدة أي مسؤولية عن هذه الكارثة اليمنية، تتزايد الضغوط الآن على ترامب لتوجيه تعليماته للعائلة المالكة السعودية لتخفيض الغارات وتخفيف الحصار، ويبدو أن العائلة المالكة لم تتعلم من درسها في اليمن، وها هي تتوجه بسياسة عدائية متصاعدة إزاء حزب الله في لبنان وضد إيران بموافقة أميركية، من دون أدنى شك ومن المتوقع أن تحمل هذه السياسة السعودية تجاه لبنان الآن مظاهر تستخدم لها العائلة المالكة المال، ولطالما كانت تستخدمه في لبنان وغيره من الدول بتنسيق أميركي في الستينيات والسبعينيات ضد الرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر وحركة التحرر القومي العربية.
لا شك أن الإدارات الأميركية اكتشفت في العقدين الماضيين، أن توظيف المال السعودي من أجل ضرب القوى والأطراف والدول المناهضة للهيمنة الأميركية والمقاومة لإسرائيل، سيكون أفضل كثيراً من توظيف إسرائيل في هذه الظروف، ولذلك احتلت أشكال التدخل السعودي عن طريق تمويل المعارضين والمسلحين وتسخيرهم لزعزعة استقرار عدد من دول المنطقة مثل سورية واليمن والعراق ولبنان، جدول عمل واضحاً وعلنياً للسياسة الأميركية.
السعودية أعربت في مناسبات عديدة عن تأييدها لتقسيم العراق ولتقسيم سورية، وتشير مصادر كثيرة في أوروبا والمنطقة، إلى أن إدارة ترامب تعمل الآن على توظيف الدور السعودي المالي في زعزعة استقرار لبنان الذي تعد جبهة الجنوب اللبناني فيه قوة عسكرية وقتالية كبيرة تهدد إسرائيل ولا تهدد أحداً غيرها! ويبدو أن العائلة المالكة التي فشلت في شراء قادة اليمن الشرفاء رغم فقرهم، تظن أنها ستنجح بشراء قادة لبنانيين وطنيين ومقاومين في لبنان! وبعد اختطاف رئيس الحكومة اللبنانية أصبح كل شيء واضحاً.