«بوتين ترامب2» يواجه بتعقيدات إقليمية
| أنس وهيب الكردي
لم يمض أسبوع حتى برزت عقبات أمام الاتفاق الذي توصل إليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في مدينة دانناغ الفيتنامية.
من نافل القول إن الدول الإقليمية، أكبر المتضررين من الاتفاق، كانت الأعلى صوتاً في التحفظ عليه، فأعلنت إيران أنها غير معنية بأي حديث عن سحب قواتها على اعتبار أن وجودها في سورية شرعي بناء على طلب الحكومة السورية، بينما كانت إسرائيل صريحة في أنها لن تمتنع عن مواصلة استهدافها للعمق السوري، وفاجأت تركيا الجميع بالمطالبة بسحب جميع القوات الأجنبية من سورية.
الروس لم يكونوا راضين باستغلال الأميركيين الاتفاق من أجل إعلان سياستهم تجاه سورية والتي فرغت إدارة دونالد ترامب من بلورتها مؤخراً، وتقضي بالاحتفاظ بشرق سورية ورقة في ترسانة الولايات المتحدة على طاولة المساومات الدولية والإقليمية، وموقعاً متقدماً في اللعبة الكبرى المتتالية الفصول حول الهلال الخصيب، ولم يلبث «حزب الاتحاد الديمقراطي – بايادا» أن أيد الموقف الأميركي، متذرعاً بالأخطار من إيران وتركيا والتنظيمات الإرهابية.
ذهب الأميركيون إلى الاتفاق مع الروس وفي ذهنهم تمرير الوقت الإقليمي المستقطع، في انتظار الانتخابات البرلمانية في العراق، التي من شأنها أن تعكس أحجام القوى العراقية، ومن خلالها موازين القوى ما بين واشنطن وطهران في بلاد الرافدين، وتريد إدارة ترامب أن تحصد في هذه الانتخابات ثمار الاستثمار الكثيف الذي بذلته من أجل دحر تنظيم داعش عن الأراضي العراقية، وهي تعول على أن تصب نتائج حملتي كركوك ضد نتائج استفتاء إقليم كردستان العراق، والموصل ضد تنظيم داعش، في صالح القوى العراقية التي تدعمها، تحديداً رئيس الحكومة حيدر العبادي ومؤيديه.
أيضاً أراد الأميركيون من الاتفاق، اختبار صلابة العلاقات ما بين موسكو وطهران في سورية، وربما كان في ذهنهم أيضاً محاولة التأثير عليها، خصوصاً وأنهم يعتقدون أن روسيا غير معنية، على عكس دمشق أو أنقرة أو طهران، باستهداف ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في شرق سورية، أو الانجرار وراء صراع مع إسرائيل نتيجة «الإجراءات الإيرانية» في جنوب البلاد.
أما الروس فقد وقعوا على الاتفاق برغبة واضحة في عزل تسوية الأزمة السورية عن الديناميكيات الإقليمية والدولية.
قبل الروس بالتوصل إلى اتفاق مع الأميركيين، يصح وصفه بـ«الموضعي»، يتناول مسائل استكمال دحر تنظيم داعش وترتيبات خاصة بجنوب وشرق سورية وإحياء مسار جنيف، من دون أن يقابل ذلك تراجع إدارة ترامب عن العقوبات، التي فرضها الكونغرس على روسيا مؤخراً بذريعة تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية العام الماضي، أو تلك المفروضة على موسكو منذ عام 2014، على خلفية الأزمة الأوكرانية.
على ما يبدو أن الروس قد استعجلوا الاتفاق من أجل ضمان استقرار المعادلة السورية التي هندسوها على مدار أكثر من عشرة شهور، وباتت مهددة جراء التوترات الإقليمية المتصاعدة.