قضايا وآراء

قضايا الوفد الموحد

| مازن بلال

وصول بعض أطراف المعارضة إلى توافق حول وفد موسع، يعكس بيئة سياسية مختلفة، لكنه لا يقدم أي مؤشرات إلى إمكانية تحقيق تقدم على مستوى العملية السياسية، فعلى الأقل هناك طرف هي منصة موسكو، كان خارج بيان المعارضة في الرياض، ورغم بقاء مندوب هذه المنصة كمراقب في تلك الاجتماعات، لكن هذا الأمر لا يعكس عمق المشهد الذي أدى في النهاية إلى تجاوز مسألة المنصات، والدخول لجنيف لأول مرة عبر وفد مشترك ولكنه بمرجعيات مختلفة.
عملياً وحسب تصريحات رئيس الوفد المفاوض عن منصة موسكو مهند دليقان، فإن الخلافات كانت حول مسألتين: الأولى متعلقة بمسألة الرئاسة، والثانية بالموقف من إيران، وأن أعضاء الوفد الموسع غير ملزمين بالبندين السابقين، وأكد دليقان أيضاً أن هناك ضمانات من ستيفان دي ميستورا، الموفد الدولي إلى سورية، بشأن الالتزام بالقرار 2254، وتقدم هذه التصريحات تصوراً مبدئياً عن التوازن في الوفد الموسع وفق اتجاهين:
– الأول: إن التفوق العددي لأعضاء الوفد الموقعين على بيان الرياض يقابله التزام من جهة دولية، هي دي ميستورا، بعدم الخروج على القرارات الدولية وهو مؤشر إلى وجود صعوبات في تحديد آلية التفاوض داخل وفد المعارضة.
المسألة الأساسية أن أعضاء منصتي موسكو والقاهرة يبحثون عن طريقة لعدم تجاوزهم في مسألة اتخاذ القرار، فهم لن يكونوا في وضع يسمح لهم بالانسحاب في حال حدوث خلافات داخل الوفد، وفي الوقت نفسه أمام مجموعات معارضة أخرى لم يتم اختبار قدرتها على وضع طروحات واقعية في مسألة الحل السياسية، وإذا كان الوفد الموسع سيسهل من الناحية التقنية إمكانية المفاوضات المباشرة، فإنه من جانب آخر سيخلق صعوبات في التوصل إلى أجندات محددة للتفاوض من جهة الطرف المعارض، فعلى عكس منصة موسكو التي لديها على الأقل «رؤية» في مسألة المرحلة المقبلة، فإن الأطراف الأخرى مازالوا عند النقطة نفسها في مسألة الانتقال السياسي ومن دون تحديد أي آليات في هذا الأمر.
– الثاني: هو أن المفاوضات ستنطلق والوفد الواحد «متفق» على مسألة الخلاف في المرجعيات، فالقرار 2254 هو تتابع سياسي يقرر العملية السياسية وليس مجموعة مفاهيم ومبادئ لانطلاق العملية السياسية، فرمزية الخلاف داخل الوفد الموسع حول موضوع الرئاسة على سبيل المثال تعكس أن التصورات بشأن الحل السياسي مازالت في مراحلها الأولى، وأن هناك نقاطاً مختلفة لانطلاق هذه التصورات.
إن طلب منصة موسكو لضمانات حول القرار 2254 يعبر بشكل كامل عن خشية من الاستبعاد السياسي، فرغم حضور أعضائها، إلا أنها تتخوف من تجاوز مواقفها بشأن العملية السياسية كلها، فالأطراف الحاضرة في الوفد الموسع تتحرك على مساحة من صراع الأجندات الإقليمية، وعلى الأخص التركية السعودية، وهو ما يجعل برنامج المعارضة السورية متحولاً وفق تبدلات العلاقات بين عدد من الدول التي تستضيف المعارضة على أراضيها.
أتاحت البيئة السياسية بعد القمة الثلاثية في سوتشي، تأمين ظهور وفد موحد، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة تتيح ظهور «أجندات» واقعية لعدد من أطراف المعارضة، ولم تقم أيضاً بـ«تثقيل» حقيقي لهذه الأطراف وخصوصاً على مستوى قدرتها في التأثير داخل الحياة السياسية في سورية، فالعدد الأكبر ممن يشارك في التفاوض هم مشروع سياسي لم يتشكل بعد، وينتظر رعاية على المستوى الدولي وليس على مستوى الداخل السوري، وربما لهذا الأمر تحديداً تسعى موسكو لعقد حوار في سوتشي لزج الأطراف السورية من أجل بلورة أجندات سورية مختلفة، فالمرحلة السياسية السورية تقف على أعتاب ممكنات للتحول وربما لرسم هوامش جديدة للحل السياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن