قضايا وآراء

إسرائيل وآخر مناوراتها العدوانية على لبنان

| تحسين الحلبي

لم يكن أحد في المنطقة يستبعد أن تعد إسرائيل نفسها للجوء إلى تصعيد حملة التهديدات العسكرية ضد حزب اللـه وإيران وسورية في أعقاب الانتصار الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه على المجموعات المسلحة الإرهابية في سورية ولبنان ومن تحالف معها ووظفها.
فلأن هزيمة هذه المجموعات من الطبيعي أن تتحول إلى هزيمة لوكلائها في المنطقة، فقد لجأت إسرائيل للانتقال الآن علناً إلى حشد بعض الأطراف العربية معها لنقل الحرب من حالتها الداخلية ضد سورية ولبنان، إلى عدوان خارجي تتدخل فيه عسكريا ضد حزب اللـه لأنه شارك في الحرب ضد الإرهاب في سورية و لبنان وهو ما يرون فيه تدخلا في شؤون لبنان!
لكن السؤال الذي تفرضه هذه النيات العدوانية هو: هل تستطيع إسرائيل فعلا أن تشن عدوانا تغطيه لأول مرة سياسيا أو ماليا بعض الدول العربية بموجب ما يعلنه عدد من قادة العدو مثل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وبعض وزرائه؟
يرى مسؤول قسم التخطيط في هيئة الأركان الإسرائيلية سابقاً العميد المتقاعد ميكائيل هيرتسوغ أن هامش المناورة الأمنية الإسرائيلية بدأ يضيق بعد استفراد روسيا والجيش السوري بتحديد «منطقة خفض تصعيد» في جنوب سورية قرب حدود الجولان، وهذا ما لا يمكن أن تتحمله إسرائيل، لأن هذه المنطقة بنظره، سوف تنتشر فيها أيضا قوات لحزب اللـه وإيران، وهذا ما سوف يشكل اختلالا لميزان القوى لمصلحة سورية وحلفائها.
يبدو أن إسرائيل تسعى إلى الرد على هذه التطورات بسياسة تتجه نحو أحد هذه الخيارات العدائية التالية: إما أن تلجأ إلى دعوة الأردن إلى التنسيق معها في المنطقة الجنوبية بحجة حماية أمن حدود الأردن القريبة من تلك المنطقة، وهو ما لن تنجح بتحقيقه لأن الحكومة الأردنية لن تشارك بتنسيق كهذا ضد سورية.
وإما أن تعمل على توظيف دور سعودي معها من خلال اتهام حزب اللـه وإيران بالتدخل في المنطقة، ثم تهيئ لخلق الأجواء المعادية ضدهما لكي تخلق فوضى داخل لبنان في موضوع سلاح حزب اللـه، وإذا فشلت في تحقيق هذا الهدف فربما تلجأ إلى التحرش العسكري في جنوب لبنان وفبركة اتهام بأن حزب اللـه شن هجوماً عسكرياً عبر الحدود فتشن حرباً بهدف إبعاد حزب اللـه وقواته عن الجنوب كهدف تكتيكي مرحلي.
لكن خياراً كهذا لا يمكن لإسرائيل اللجوء إليه إلا إذا وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليه وأعطت الضوء الأخضر لتنفيذه، وقد تكتفي هذه الإدارة باستخدام سياسة الضغوط والعقوبات والتهديدات ولا تتجاوزها في هذه الظروف.
يرى بعض المحللين الإسرائيليين أن إسرائيل لا يمكن أن تتجاهل أن سورية وإيران أصبحتا جزءاً من تحالف روسي، وهذا ما يفرض على إسرائيل والولايات المتحدة صعوبة في اللجوء إلى حرب شاملة على أراضيهما، ناهيك عن امتلاك إيران لقدرات عسكرية لا يستهان بها، في حين أن حليفهما حزب اللـه لا تنطبق عليه هذه الصفة في ساحته اللبنانية إذا ما استفردت إسرائيل به في داخل لبنان، لأن اشتباكاً أو حرباً محدودة معه لن تقدم مبرراً قانونياً لإيران أو سورية بتغطيته بدعم عسكري مباشر ضد إسرائيل، ولهذه الأسباب يزداد الاهتمام بهذه النيات في جدول العمل العدواني الإسرائيلي وتوظيف دور سعودي فيه من خلال اتهام حزب اللـه بـ«الإرهاب» وبالتدخل في شؤون دول في المنطقة.
إسرائيل التي عجزت عن فرض شروطها على سورية وإيران وحزب اللـه في المنطقة، تسعى الآن إلى تحقيق أي مكسب ولو كان جزئيا في لبنان باستخدام أطراف عربية تريد وضع حزب اللـه في أولوية جدول عملها داخل الساحة اللبنانية السياسية وهو ما سوف تفشل فيه أيضا بعد الحصانة الوطنية التي أكدتها معظم القوى السياسية في لبنان.
ولذلك ستظل أطراف محور المقاومة قادرة على حماية مكاسبها الإقليمية وتوسيعها يوماً تلو آخر.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن