سورية

معهد «كاتو» الأميركي: فوضى سياسة ترامب الخارجية أكلت مصداقية أميركا

| ترجمة – إبراهيم خلف

أكدت الباحثة في قسم الدفاع والسياسة الخارجية في معهد «كاتو» الأميركي، سحر خان، افتقار إدارة الرئيس دونالد ترامب للخبرة الحقيقية في السياسة الخارجية، الأمر الذي أدى إلى تآكل مصداقية الولايات المتحدة كشريك موثوق به، وخاصة بين حلفائها الأوروبيين.
وأشارت خان في مقال نشره المعهد إلى أنه خلال عام من تولي ترامب المنصب، لم يحدث أي تغيير جذري فيما يتعلق بالمصالح أو السياسة الخارجية الأميركية، فعدم قدرته على التنبؤ أدت إلى تآكل الأرضية الأخلاقية التي تستخدمها الإدارة الأميركية خدمة لمصالحها.
وقالت الباحثة في المقال إنه تم انتخاب الرئيس ترامب على أمل جعل أميركا دولة عظيمة من جديد، مشيرة إلى أن حملته الانتخابية كانت متعارضة مع نفسها باستمرار، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعطاء الأولوية لمصالح الولايات المتحدة وأمنها وتحسين مكانتها في العالم.
واعتبرت، أن روسيا والصين الصاعدتين، والمخاوف من الإرهاب والأمن الإلكتروني، فضلاً عن المستنقعات العسكرية ذات التكلفة الكبيرة في أفغانستان والعراق، كل ذلك بحاجة إلى إعادة تقييم للسياسة الخارجية الأميركية، ومع ذلك، وخلال عام من تولي المنصب، يبقى من غير الواضح نهج الرئيس تجاه السياسة الخارجية وكيفية إجراء عملية إعادة التقييم تلك.
وأوضحت الباحثة أن السؤال الأكبر هو: ما هي المبادئ الأساسية لسياسة ترامب الخارجية؟ وكيف أثّرت هذه المبادئ على المصالح والمكانة الأميركية في العالم؟
وأشارت إلى أن عقيدة ترامب تتكون من ثلاث خصائص: السياسات التجارية الحمائية (الاقتصاد القومي)، وقمع الهجرة بحجة الأمن، والقرارات السياسة الخارجية المرتكزة على العلاقات الشخصية بدلاً من المصالح الاستراتيجية، مؤكدة أن تركيز الرئيس على مكافحة الإرهاب عن طريق الهجرة، يشكل أبرز تهديد للداخل الأميركي، فالخطر لا يأتي فقط من الهجرة القانونية، بل إن التهديد الأكبر يأتي من الجماعات اليمينية المحلية، ناهيك أن ولا واحدة من البلدان المدرجة على قائمة حظر السفر كانت مسؤولة عن الهجمات الإرهابية داخل الولايات المتحدة.
ولفتت الباحثة إلى أن أكثر ما يثير القلق يتمثل في ميل الرئيس إلى اختيار مسؤولين أمنيين عديمي الخبرة ليتولوا منصب كبار المستشارين في مجال السياسة الخارجية، فوزير الخارجية، ريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة إكسون موبيل، ليس لديه خبرة في السياسة الخارجية، وهو ما كان واضحاً خلال الإحاطة التي قدمها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ونتيجة لتلك الممارسات، فإن وزارة الخارجية في حالة من الفوضى، ناهيك عن قيام ترامب بتعيين جاريد كوشنر مستشاراً كبيراً للبيت الأبيض لمجرد أنه صهره، وقد تم تكليفه بمعالجة بعض أكثر النزاعات الدولية تعقيداً.
وأضافت: إن محاباة الرئيس، وازدراء العملية السياسية والمؤسسات الديمقراطية، ومحاولات تشويه سمعة وسائل الإعلام، فضلاً عن قيام ترامب بإحاطة نفسه برجال ونساء لا يعرفون سوى «نعم» مثل (السفيرة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي)، كل ذلك أدى إلى سياسة خارجية متضاربة، غير متماسكة وبعيدة عن الواقعية.
وأشارت إلى أن ترامب لم يجر حتى الآن أي تغييرات كبيرة على السياسة الخارجية الأميركية، فالتحالفات التقليدية تتعزز وتزداد قوةً، كما هو الحال بالنسبة للعلاقات الأميركية مع إسرائيل والسعودية، وعلى الرغم من أن الرئيس يحاول مساءلة الدول الأجنبية عن أمنها، إلا أن الولايات المتحدة تواصل الحفاظ على قواعدها العسكرية والتزاماتها الأمنية في جميع أنحاء العالم، فقرار ترامب زيادة القوات الأميركية في أفغانستان، تبعه زيادة في عدد قوات الناتو.
وأكدت الباحثة، أن ما تغير هو سمعة وصورة الولايات المتحدة، حيث إن كليهما انخفض باطراد في ظل إدارة ترامب، ويبدو أن إحدى النتائج تتمثل في تآكل مصداقية الولايات المتحدة كشريك موثوق به، فعلى سبيل المثال، عدم تصديق ترامب على صفقة إيران في عهد أوباما، والذي أوقف فعلياً برنامج إيران النووي، لا يسلط الضوء فقط على إهماله وجهله فيما يتعلق بتعقيد المنطقة، ولكن يترك أيضاً حلفاءه الأوروبيين يتساءلون عما إذا كان يمكن الوثوق بالولايات المتحدة كشريك.
وخلصت الباحثة إلى القول: إن عقيدة ترامب خلال عام لم تغيّر جذرياً من مصالح الولايات المتحدة أو السياسة الخارجية الأميركية فحسب، ولكنها أدت إلى تآكل الأرضية الأخلاقية العالية التي تستخدمها الولايات المتحدة للاستمتاع بها ومن ثم استخدامها لمصلحتها، مشيرة إلى أن مبدأ ترامب يستند إلى عدم قدرة الرئيس على التنبؤ، وبالتالي فمن الصعب التنبؤ بما ستبدو عليه السياسة الخارجية الأميركية في السنوات المتبقية من هذه الإدارة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن