قضايا وآراء

ترافق الملفات

| مازن جبور

بانزياح كامل، تسير الأزمة السورية نحو الحل السياسي، بدءاً ببيان فييتنام المشترك للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، ومن ثم لقاء سوتشي الثلاثي بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا الممهد لمؤتمر الحوار الوطني السوري في المدينة ذاتها، وصولا إلى مؤتمر «الرياض 2» لتشكيل هيئة تفاوضية جديدة للمعارضات، مع ما يرافق ذلك من تحركات أممية بين الرياض وموسكو ودمشق، إلا أن تلك التحركات وبينما تجهد في البحث عن تحرك سياسي تتناسى أن هناك سلاحاً ومسلحين في «مناطق خفض التصعيد» التي أقرتها اجتماعات أستانا حول الأزمة السورية، وقوات أميركية وتركية غير شرعية على الأراضي السورية.
مذكرة الدول الضامنة لمسار أستانا بشأن «مناطق خفض التصعيد» المبرمة في أيار الفائت، نصت على أن «إنشاء «مناطق خفض التصعيد» والخطوط الآمنة، هو إجراء مؤقت، وستكون مدته في البداية 6 أشهر، وسيتم تمديده تلقائيا على أساس توافق الضامنين».
الرئيس بشار الأسد وفي مقابلة مع قناة «أو. إن. تي» التلفزيونية البيلاروسية في أيار الفائت، وبعيد توقيع المذكرة من الدول الضامنة، لفت إلى أن المبادرة الروسية بإنشاء «مناطق خفض التصعيد» هي كمبدأ فكرة صحيحة وأن سورية دعمتها منذ البداية، موضحاً أن الهدف منها هو حماية المدنيين في هذه المناطق وإعطاء فرصة لكل من يريد من المسلحين إجراء مصالحة مع الدولة، كما حصل في مناطق أخرى، وهي أيضاً فرصة لباقي المجموعات التي تريد طرد الإرهابيين وخاصة داعش وجبهة النصرة من هذه المناطق «فهي لها أكثر من جانب ولكن الجانب الأهم بالنسبة لنا مبدئياً هو تخفيف نزيف الدماء في تلك المناطق ريثما تكون هناك خطوات سياسية محلية بيننا وبين المجموعات الموجودة».
من خلال التوقيت الوارد في نص المذكرة يبدو أن المهلة المحددة لاتفاقات «مناطق خفض التصعيد» الأربع في إدلب، ريف حمص الشمالي، جنوب غرب البلاد، وغوطة دمشق الشرقية، ستكون بحكم المنتهية الصلاحية، بغض النظر عن الخروقات المتتالية من الميليشيات المسلحة لها وعدم تنفيذ البند الوارد فيها الذي ينص على إخراج «النصرة» أو محاربتها من تلك الميليشيات، والطرف الضامن لها المتمثل بتركيا من المناطق التي حددها الاتفاق.
يبدو أن هذا الملف الشائك المتمثل بوجود السلاح في يد الميليشيات يمثل أولوية بالنسبة للدولة السورية وخصوصاً بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وفي مرحلة كالمرحلة التي تمر بها سورية، يمثل هذا السلاح وحاملوه عامل عدم الاستقرار وغياب الشعور بالأمان بالنسبة للشعب السوري، وهو ما يمكن أن يطرح وبقوة على طاولة أي مباحثات قادمة بخصوص الأزمة السورية سواء في جنيف أو سوتشي أو أستانا أو غيرها، وهو أمر يشكل مسؤولية مشتركة على الضامنين الاضطلاع بها.
يقترن ملف سلاح الميليشيات في «مناطق خفض التصعيد» بملف آخر مهدد للأمن والاستقرار في سورية ويضرب عرض الحائط بمسلمة «وحدة واستقلال وسيادة سورية»، والتي أكدت عليها كل الاتفاقات الدولية بدءاً من قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وصولاً إلى بياني فييتنام وفيينا المشتركين بين كل من روسيا وأميركا، يتمثل بالوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية الأميركية، والتركية على الأراضي السورية ومن دون دعوى رسمية من الحكومة السورية.
خلاصة القول: إن أي حل سياسي مهما حصلت توافقات دولية بشأنه، يبقى فارغاً من مضمونه إن لم يترافق بجهد حقيقي لإقفال الملفين السابقين، ملف سلاح الميليشيات في «مناطق خفض التصعيد»، وملف الوجود العسكري غير الشرعي التركي الأميركي على الأراضي السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن