قضايا وآراء

«قسد».. المشاريع الفاشلة

| ميسون يوسف

لم تكن قيادة «قوات سورية الديمقراطية – قسد» ومن حولها من أصحاب الطموح المنفصل عن الواقع، سعيدة بما نسب إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحديثه عن اتفاق مع أميركا حول وقف تسليح الأكراد السوريين، كما حول الممانعة التركية لحضورهم مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي معطوفاً على الوضع الداخلي والصعوبات التي تواجهها «قسد» في التعامل مع المواطنين السوريين الذين ترفض أغلبيتهم العربية والكردية على حد سواء، النزعة الانفصالية لهذا التنظيم.
لقد كان لهذه المستجدات وقع قاسٍ على «قسد» ما ألزمها بالعودة قليلاً إلى أرض الواقع وقراءة المشهد بشيء من العقلانية ومعرفة حقيقة تعامت عنها خلال الأشهر الماضية، حيث ظنت قيادتها أن أميركا «جمعية خيرية» جاءت إليهم لتسدي لهم خدمة مجانية وتقيم لهم دولة تفرضها على سورية والمحيط وتكون الجيوش الأميركية في كل عناوينها في خدمة الدفاع عن هذه الدولة المزعومة.
لقد أخطأت «قسد» التقدير والحسابات وراحت بعيداً في خيالها وبنت أحلاماً على رمال متحركة، والآن اقتربت ساعة الحقيقة، وأظهرت لكل مغرور منهم أو طموح غير واقعي أن للسياسة والعلاقات الدولية، قواعد تمليها المصالح ولا تمت بصلة لنظم الجمعيات الخيرية، وأن مشروع تقسيم سورية وفوزهم بحصة منها لإقامة دولة عليها، هو مشروع ساقط من أصله، وأن إقامة الدولة الانفصالية ضرب من الخيال، كان عليهم أن يدركوا هذه الحقيقة منذ شهرين، يوم لمسوا ورأوا بأم العين انهيار مشروع الانفصال الكردي في العراق، وهو المشروع الذي دفعت إليه إسرائيل والسعودية وأميركا، فاصطدم بالرفض القاطع من إيران والعراق وسورية وتركيا، فسقط بشكل دراماتيكي ولم يتقدم أحد حتى إلى تقديم التعازي به.
اليوم عندما يناور بعض مسؤولي «قسد» ويخفضون السقف من طلب انفصال ودويلة بحماية أميركية، إلى طرح الفيدرالية التي تتيح لهم ذاتية مميزة مع إدخال قواتهم العسكرية في الجيش العربي السوري، فإنهم يغامرون مرة جديدة ويبيعون من معهم أوهاماً لا يمكن أن تصرف في الواقع العملي.
إن سورية التي خاضت حرب الدفاع عن وحدتها واستقلالها لسبع سنين وانتصرت فيها، لن تسمح بمرور أي مشروع انفصالي مهما كان شكله وغلافه، وإن نيل المواطن السوري حقوقه بصرف النظر عن دينه وعرقه هو إحدى المسائل الرئيسة التي تعمل عليها الحكومة السورية، لكن هذه الحقوق لا يمكن أن تمس بأي حال وحدة سورية أرضاً وشعباً، وعلى كل المعنيين في الداخل والخارج أن يعوا هذه الحقيقة ويتصرفوا على أساسها فيوفروا على أنفسهم وعلى غيرهم كوارث المشاريع الفاشلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن