ثقافة وفن

مشروع الأسد السياسي الإصلاحي النهضوي قابل للتحقيق … سامي كليب في «خطاب من الإصلاح إلى الحرب» قراءة في الأسباب والنتائج

| بيروت- الوطن

ها هي سورية تعلن انتصارها على الإرهاب الذي تمثل في جماعات مسلحة من كل أصقاع العالم، مدعومة بأكثر من مئة دولة، والرئيس بشار الأسد من كلمته الأولى حذر من هذه الحرب الإرهابية، ومن هذه الحرب الكونية، وها هي سورية بتعاضد شعبها وثبات قيادتها، وخطاب الرئيس الأسد من اللحظة الأولى للحرب تتماثل، وتتهيأ لانطلاقة جديدة وفق خطاب رئيسها الثابت، الذي أثبتت السنوات السبع من الحرب صوابيته، وقد تحول العالم كله، وفي المقدمة الدول الداعمة للجماعات المسلحة الإرهابية عن الآراء السابقة، وانحازوا، ولو بشكل غير واضح.

خطاب الأسد
الباحث المتابع بشكل لحظي الأستاذ سامي كليب، وقَّع في بيروت يوم الجمعة الماضي كتابه الجديد (خطاب الأسد من الإصلاح إلى الحرب)، ويأتي هذا الكتاب في صدوره متزامناً مع علائم انتصار سورية ومشروعها في مواجهة الإرهاب، ولاشك في أن الإعداد للكتاب كان منذ مدة ليست بالقصيرة، ولكن قراءة الأستاذ سامي كليب العلمية التي واكبت ما يحدث على الأرض السورية استطاعت أن تكون سباقة للوصول إلى نتائج حقيقية على أرض الواقع. ولعل الأهمية الأولى لهذا الكتاب تأتي من رؤيته الواضحة ابتداء من العنوان الذي يطرح رؤية واضحة، فهو من الإصلاح إلى الحرب، فنحن أمام كتاب مهم يتوقف عند الخطاب وطبيعته، ولا يتوقف عند الحالة الراهنة، فخطاب الرئيس بشار الأسد خطاب إستراتيجي يمتد من الإصلاح إلى الحرب، والوقوف عند المشروع الإصلاحي الذي سبق الحرب، يؤكد أن الخطاب الإصلاحي عند الرئيس الأسد بني على قواعد ثابتة، وهذا ما أعطى خطاب الرئيس الأسد في الحرب قوة وثباتاً، وعن ثبات خطاب الرئيس الأسد يخلص الكاتب سامي كليب إلى ملاحظة قوية، أخذت مشروعيتها من خطاب الرئيس الأسد وثباته، والتي جعلت العالم كله يسلم بصوابية هذا الخطاب «لاشك أنه مع نهاية العام السادس للحرب أثبت الرئيس السوري أنه قادر على المواجهة والصمود، وأنه نجح، إلى حد كبير، في تحويل الرياح الإقليمية والدولية باتجاه ضرب الإرهاب، لكن الثمن كان غالياً جداً، وفي حال صبت التحولات الدولية من أميركا إلى أوروبا في مصلحة وجهة نظره هذه، فإن عملية فتح أبواب حقيقية للحل السياسي القابل بتمثيل أوسع لكل أطياف المجتمع السوري، بغية تمهيد الأجواء لقيام سورية جديدة تطوي صفحة الجراح العميقة وتؤسس لمصالحة حقيقية».
وهذه النتيجة أو الخلاصة التي قدمها الكاتب مستمدة من خطاب الرئيس الأسد منذ بداية الحرب على سورية حين دعا إلى المصالحات، شريطة ألا تشمل من تلطخت يداه بدماء السوريين، ولم يتوقف السيد الرئيس في أي من خطاباته ولقاءاته وكلماته عن الدعوة إلى المصالحة، وقد كان في ذهن الكاتب تلك الكلمات، بل حتى اللقاءات الشعبية التي أجراها السيد الرئيس مع المواطنين بغية المصالحة.
والمهم هو أن يسلم العالم بصوابية خطاب الرئيس الأسد الذي نجح بصمود في تغيير الرؤية العالمية، واستطاع أن يكشف كل الآراء التي لم تكن صائبة.
إسقاط أعتى المخططات

راهن كثيرون على قدرة الجماعات الإرهابية وداعميها في سورية، وكانت الحرب على سورية حرباً كونية، ومن أسوأ المؤامرات التي مرت في هذا القرن، والكاتب يستبشر بالنصر، ويحدد ما سيترتب عن ذلك النصر فيما لو حدث، حسب تعبيره، فهو سيقلب موازين القوى، ويغير من الرؤية السياسية في العالم أجمع.. لاشك أن استكمال انتصار الأسد وحلفائه لو تحقق، يعني أن سورية ستشكل على مدى عقود، وربما قرون طويلة مثالاً لدولة تكاتفت ضدها دول وتنظيمات وجماعات كثيرة بالسلاح والمال والإعلام كانت كفيلة بإسقاط أقوى وأعتى الأنظمة والدول، فعرفت كيف تصمد وتعض على الجرح وتتحمل خسائر بشرية وعمرانية ونفسية ومالية واقتصادية واجتماعية هائلة، لكنها عرفت أيضاً كيف تبقى محافظة على قرارها ولا تخضع للإغراءات، ولا لأسوأ المؤامرات في هذا القرن، ولاشك أن الرئيس الأسد لعب الدور المفصلي والمحوري في ذلك حتى ولو أنه كان أمام خطر خسارة الحرب لولا ثباته ودخول الحلفاء لصد هجمات المحور الدولي والإقليمي الخطر.. والكاتب يقف عند قضايا غاية في الأهمية:
– ما حدث في سورية من حرب لو حدث في أي مكان أو دولة لانهارت.
– سورية صمدت وثبتت، وذلك حسب خطاب الرئيس الأسد.
– إمبراطوريات المال والسلاح والإعلام تكاتفت في الحرب على سورية ولكنها عجزت.
– سورية تحملت الحرب وخسائرها، وعضت على الجرح للخروج من الحرب.
– عدم وقوع سورية تحت أي نوع من الإغراءات.
– خطاب الرئيس الأسد صاحب الدور المفصلي في صد الهجمات.

الثوابت والمقاومة
يقف الكاتب سامي كليب، وبمتابعة دقيقة عند تفاصيل الخطاب السياسي للرئيس الأسد، وفي قراءته يحدد أن سمات هذا الخطاب تتمسك بالثوابت:
– ثوابت المقاومة.
– ثوابت العروبة.
– ثوابت العقيدة السياسية.
– عدم التنازل عن حقوق دستورية.
ويقول في ذلك.. أثبت لنا تحليل خطابات الرئيس بشار الأسد بالمفردات والعبارات والممارسة والوثائق، أن الرئيس الأسد لم يتنازل عن الثوابت المتعلقة بالمقاومة وفلسطين والعروبة والبعث، كما أنه لم يتنازل عن شيء من صلاحيات الرئاسة.
بقي صلباً أكثر مما توقع خصومه، وبقي رافضاً ضمنياً أي نوع من المعارضة الخارجية التي لم ير فيها إلا أدوات مؤامرة، استمر في تفضيل الداخل على الخارج، فتعززت المصالحات واستمر العفو ونسجت مفاوضات مع قيادات مسلحة..
فالكاتب يقف عند صدقية خطاب الرئيس وخاصة في قضايا عديدة:
– عدم قبول الارتهان للخارج الذي كانت تقع تحته المعارضة الخارجية، بل كان التعويل الأساسي على الداخل.
– العمل على تعزيز المصالحات الوطنية الداخلية، وعدم الانشغال عنها بالخارج.
– إصدار قرارات عفو تساعد على المصالحة.
– إجراء مفاوضات مع بعض الجماعات.
وكل ذلك يدخل في إطار الاهتمام بالداخل، وعدم الالتفات إلى الخارج وما يخطط له من حروب ومؤامرات، وبذلك تعزز خطاب الرئيس الأسد للانتصار.

تمسك بالخطاب وتفكك المعارضة
ويقف المؤلف بتحليل منطقي عند الأسباب التي دفعت القوى العالمية، وداعمي الحركات المسلحة إلى الاعتراف بالخطأ، والعودة تدريجياً عن الأمور التي طرحوها في الحرب على سورية، وكان السبب الأساسي هو خطاب السيد الرئيس منذ بداية الحرب «أثبت لنا التحليل أيضاً كثيراً مما قاله الأسد في خطاباته الأولى عن الأخطاء العربية في دعم المسلحين، لكون هذا الدعم سيصب في خانة الإرهاب، هو ما اعترف به عدد من قادة العالم لاحقاً بعد أن تم تدمير القسم الأكبر من سورية، وقتل وجرح مئات الآلاف من شعبها الطيب، إن ثبات خطاب الرئيس الأسد في الحرب دفع الآخرين في نهاية المطاف إلى تبني الكثير من وجهة نظره المعززة بالوقائع، ومنها أن الحرب هي بين الدولة والإرهاب، صارت محاربة الإرهاب هي العنوان العالمي والإقليمي بامتياز، وحتى ولو أن كل طرف كان يريد توظيف هذا الإرهاب لمصلحته بغية الاستثمار في الضغط على الأسد وروسيا وإيران، بينما استمر خطاب المعارضة في التفكك والتنافر بين أطرافها المختلفة، وهو ما ساعد الأسد كثيراً على القول: إن هذه المعارضة لا تأثير لها في الأرض، وأن المصالحات أكثر فائدة… إن الحرب السورية ليست حرباً طائفية حتى ولو صورها البعض هكذا، لقد اعترفت القيادة السورية نفسها ببعض الأخطاء على لسان الرئيس بشار الأسد، لكن المعارضة أثبتت بتفككها وضياعها وتوزعها بين دول عديدة أنها عاجزة عن تقديم ليس بديلاً من الأسد، وإنما عن تقديم مشروع سياسي إصلاحي نهضوي مقنع للشعب وقابل للتحقيق، أريد من تغليب عبارات الطائفية على ما عداها، تحويل الصراع عن جوهره الحقيقي».
وهنا يقدم المؤلف تفسيرات منطقية، وإجابات من خلال خطاب الرئيس الأسد لعدد من القضايا:
– اعتراف قادة العالم برؤية الرئيس الأسد وخطابه.
– تبني وجهة نظر الرئيس الأسد المعززة بالوقائع.
– تفكك المعارضة وتنافرها وتعدد ولاءاتها.
– الحرب في سورية ليست طائفية، وإن أريد لها أن تلبس هذا اللبوس.
كتاب «خطاب الأسد من الإصلاح إلى الحرب» للإعلامي الباحث سامي كليب يعد قراءة منطقية لما حدث في الحرب على سورية خلال السنوات السبع، ويعطي قراءة ومؤشرات مهمة إلى أهمية ثبات سورية على مواقفها من العروبة وفلسطين والقومية، ما أعطى سورية قوة إضافية، وكل ذلك بوحي من الرؤية الواضحة للرئيس الأسد، وشفافية ما يتوجه إليه من خطاب للشعب العربي السوري لم يختلف منذ أول يوم لبدء الحرب على سورية، وهذا ما يتابعه سامي كليب في خطابات السيد الرئيس بشار الأسد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن