ثقافة وفن

خمس سنوات على رحيل طلحت حمدي … المبدع المتعدد والإنسان الجميل والمنتمي حتى النخاع غادر وفي قلبه غصة

| وائل العدس

قبل خمس سنوات، غادرنا أحد أهم أعمدة الدراما والسينما والمسرح في سورية، بعد تعرضه لأزمة قلبية حادة، ليوارى الثرى في دمشق التي أحبها وعشقها حتى الثمالة عن عمر ناهز الـ74.
إنه طلحت حمدي «أبو أحمد» الذي يعتبر من الفنانين السوريين القلائل الذين أبدعوا تمثيلاً وإخراجاً وإنتاجاً وحتى كتابة.
أخذ قراره بالاعتذار عن المشاركة في أي مسلسل خلال الموسم الدرامي الأخير قبل وفاته، لأن حالته النفسية لم تسمح له بذلك، فاعتذر عن عملين شاميين لكي يحافظ على صورته الناصعة أمام جمهوره الذي أحبه على مدار أكثر من 40 سنة.
ولد الفنان الراحل في الأول من شهر أيلول عام 1938، ونجح في الانضمام إلى نقابة الفنانين بعد ثلاثين سنة ليخوض تجاربه الناجحة في مختلف الفنون التمثيلية، وفارق الحياة وفي حصيلته أكثر من مئة عمل.

الفن والانتماء
لم يكن طلحت حمدي فناناً عادياً في تاريخ الدراما السورية، لم يمر سريعاً، ولم يمر من دون أن يترك أثراً واضحاً كبيراً، طلحت حمدي الفنان الكبير الذي جسد أحلام الشباب في الدراما السورية حين كانت الدراما في مراحل التأسيس، الفنان الرجل الذي كان القاسم المشترك بين أغلب الأعمال، فمن الاختيار عن رائعة دستوفسكي العالمية، إلى الهراس لعبد النبي حجازي، ومن حارة السمك إلى كليوباترا، رحلة غنية لفنان غني للغاية.
كان الشامي الحقيقي من دون أن يميل بحنك أو يتصنع حركة في حمام القيشاني، فكان قنديلاً أضاء حمام رفيق دربه وآلامه هاني الروماني.. طلحت كان الوسيم المميز في الدراما السورية، لا يهدأ ولا يتوقف، وتميز أكثر ما تميز مع المبدع علاء الدين كوكش.
من منا ينسى طلحت حمدي المخرج المسرحي الجميل والمبدع الذي قدّم أحلى مسرحيات الراحل محمود جبر في فترة الصعود والقمة؟ فقد استطاع أن يكرّس مسرح محمود جبر الخاص والمميز في عزّ المسرح والحركة المسرحية النشطة في المسرح القومي، ومسرح القطاع الخاص..
من منا ينسى تلك الأعمال الطازجة البسيطة الهادئة التي قدمها طلحت حمدي بتمثيله وإنتاجه وبطولته، والتي كانت تقوم على حكمة في وقت كانت الحكمة هدفاً للإنسان، وبقي طلحت حكيماً وهادئاً وودوداً، وقد أفلح الفنان وائل رمضان عندما اختاره في (كليوباترا) إلى جانب يوسف شعبان وأنطوان كرباج، فكان المميز والمقنع الذي بزَّ الآخرين وتفوق في هدوئه ومعرفته وإجادته لفن التمثيل..
طلحت حمدي من أوائل المنتجين مع صديقه مظهر الحكيم، فقد حمل كل منهما عبء تقديم دراما سورية لطيفة وهادفة حين كان رأس المال جباناً ولا يقدر قيمة الدراما ورسالتها، وما يمكن أن تعود به على سورية والمنتج من عوائد بما فيها المادية.. قدما وأبدعا، وحين جاءت الشركات العملاقة- كما كان طلحت يقول- ابتلعت كل شيء..!
حمدي عاش الحياة الغنية فنياً وسياسياً، فعرف وجرب وغامر وأصّل، وأحب البيئة والشام كما لم يفعل كثيرون غيره، واليوم راح يرقب الشام وما يجري، الغصة تكاد تخنقه، وهو يجد نفسه عاجزاً عن التعبير.
إذاً وقبل نصف عقد، أخذت الغصة مفعولها فأنهت حياة واحد من رهبان الفن في سورية وفي غيابه خسارة كبرى للفن وسورية والأصدقاء.. وداعاً طلحت المبدع المتعدد والإنسان الجميل والمنتمي حتى النخاع.

إنتاجياً
لم تدم تجربة طلحت حمدي الإنتاجية كثيراً بسبب منافسة الشركات الكبرى المالكة لرؤوس أموال ضخمة، ومن بين إنتاجاته عملان أثارا الجدل، الأول «طرابيش» عام 1992 وتدور أحداثه حول شخص فقير قام باستخدام طريقة جمع الأموال من الناس وتشغيلها حتى أصبح رجل أعمال كبيراً، إلا أنه في النهاية يُفلس، حيث يحاول العمل تسليط الضوء على أن ما جاء بسهولة يذهب بسهولة أيضاً، وهو من تأليف عمر قنوع وزياد مولوي وإخراج وبطولة حمدي نفسه إلى جانب نبيلة النابلسي ومحمود جركس وسحر فوزي وغادة بشور وأميمة الطاهر وعارف الطويل وأمانة والي وآخرين.
العمل الثاني هو «المكافأة» الذي اعترضت عليه نقابة المعلمين ورفعت عليه دعوى قضائية، وتم إنتاجه عام 1989 وشارك فيه كل من رياض شحرور ونبيلة النابلسي وأماني الحكيم وهالة شوكت وفايق عرقسوسي وصلاح قصاص وبسام لطفي وآخرين.

تلفزيونياً
يعتبر مسلسل «عروة بن الورد» أول أعمال الفنان الراحل عام 1968 من تأليف علي الجندي وإخراج جميل ولاية.
أما أشهر الأعمال على الإطلاق فهو مسلسل «حمام القيشاني» حيث رفض طلحت حمدي في تصريحات سابقة المقارنة بينه وبين أي عمل بيئي شامي حالي شارك فيه سواء من حيث الناحية التقديمية أم التوثيقية، واصفاً العمل بالنقطة الناصعة البياض في تاريخ الدراما السورية والعربية. كما أطل في عشرات الأعمال الدرامية نذكر أهمها:
الدولاب (1972) تأليف أحمد قبلاوي وإخراج غسان جبري.
نمر العدوان (1975) تأليف خالد حمدي وعبد العزيز هلال وإخراج صلاح أبو هنود.
السيف (1977) تأليف خالد حمدي وإخراج علاء الدين كوكش.
خلف الجدران (1995) تأليف هاني السعدي وإخراج سالم الكردي.
حمام القيشاني بأجزائه الخمسة – تأليف دياب عيد وإخراج هاني الروماني.
الطويبي (1998) تأليف قمر الزمان علوش وإخراج باسل الخطيب.
نساء صغيرات (1999) تأليف نجيب نصير وحسن سامي يوسف وإخراج شامل أميرالاي وباسل الخطيب.
اللوحة السوداء تأليف يوسف قندلفت وإخراج محمد فردوس أتاسي (2001).
أنشودة المطر (2003) تأليف إلياس الحاج وإخراج باسل الخطيب.
شرقيات (2003) من تأليف إيمان مارديني وإخراج محمد الشليان.
ليل الأسرار (2004) تأليف نبيل ملحم وإخراج عدنان إبراهيم.
نزار قباني (2005) تأليف قمر الزمان علوش وإخراج باسل الخطيب.
الهارب (2005) تأليف عبدالرحمن ونبيل بشير وإخراج إسماعيل آغا.
قرن الماعز (2006) تأليف غسان الجباعي وإخراج طلال محمود.
الجمار والجمار (2007) تأليف وإخراج كمال اللحام.
ابن قزمان (2008) تأليف أسمهان توفيق وإخراج محمد فردوس أتاسي.
صراع على الرمال (2008) تأليف هاني السعدي وإخراج حاتم علي.
الشام العدية (2009) تأليف مروان قاووق وإخراج إياد نحاس.
أنا القدس (2010) تأليف وإخراج باسل الخطيب.
كليو باترا (2010) تأليف قمر الزمان علوش وإخراج وائل رمضان.
الحسن والحسين (2011) تأليف أحمد اليساري وإخراج عبد الباري أبو الخير.
الشبيهة (2012) تأليف محمود سعد الدين وإخراج فراس دهني.
ومن المسلسلات التي ألفها: مسلسل «خوخ ورمان» الذي أخرجه بنفسه، إضافة إلى «شاري الهم» و«تل اللوز» و«طرابيش» و«المستجير».

سينمائياً
كان الفنان الراحل مقلاً في الفن السابع نوعاً ما حيث لا يتجاوز عدد أفلامه السينمائية عشرة أفلام نذكر منها:
«لست متسترة» (1968) تأليف محمد مصطفى سامي وإخراج حسن الإمام.
«واحد + واحد» (1971) تأليف فارس يواكيم ونهاد قلعي وإخراج يوسف معلوف.
«مقلب حب» (1972) تأليف أحمد ثروت إخراج يوسف معلوف.
الراعية الحسناء (1976) إخراج عاطف سالم.
الحب الحرام (1976) تأليف عبد الحي أديب وإخراج خالد حمادة.
أحلام المدينة (1984) تأليف وإخراج محمد ملص.
الرسالة الأخيرة (2000) تأليف قمر الزمان علوش وإخراج باسل الخطيب.
دمشق يا بسمة الحزن (2007) تأليف ألفت أدلبي وإخراج ماهر كدو.
حسيبة (2008) تأليف خيري الذهبي وإخراج ريمون بطرس.

مسرحياً
حاول حمدي خلق حالة مسرحية مختلفة ومميزة عن كل الخشبات تحت مسمى مسرح القهوة، ومن مسرحياته «بانتظار عبد الفتاح» و«أول فواكه الشام يا فانتوم» و«الحافي يتكلم».
كما كان للفنان الراحل الفضل في إخراج العديد من مسرحيات محمود جبر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن