إعلام بلا إعلاميين!!
عبد الفتاح العوض :
مرة بعد مرة يظهر حجم الأثر الإعلامي في التأثير على مجريات الأحداث في كل العالم، وفي منطقتنا على الخصوص.
ربما.. من حق البعض أن يظن أن كل القصف الإعلامي لم يستطع أن يدمّر عقول الجميع.. وربما ستكون وجهة نظر مقبولة أنه ورغم كل الإمكانات الهائلة للإعلام المعادي لم يستطع أن يغير في الأساسات والثوابت.
كل هذا نضعه في خانة «ربما» كان، ويكون، وفي خانة وجهة نظر ممكنة.
لكن الشيء الذي ليس فيه ربما أن الإعلام هو جزء فاعل ومؤثر في أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي.
من لديه مشروع يحتاج إلى إعلام.. وكلما زادت حجم الأخطار وكلما اتسع المشروع.. وكلما تألق الحلم ازدادت الحاجة إلى النوعية في هذا الإعلام وإلى الإبداع فيه.
في مقابل إعلام «إرهابي» وظلامي وعديم القيم نحتاج إلى إعلام متماسك ومقنع وفعال…. ومقابل إعلام يفرق وينشر أحقاداً طائفية ويوزع الكراهية نحتاج إلى إعلام ينشر المحبة ومبادئ المشاركة وتفهم الآخر.
السؤال: هل نمتلك هذا النوع من الإعلام؟!
سأقفز عن الإجابة على السؤال، ولكن لننظر إلى صناع القرار الإعلامي ولنرَ إن كانوا يمتلكون المؤهلات الإعلامية.
لا يمكنك أن تحضر سائق سيارة لإصلاح الكهرباء في منزلك.
مثلما لن تذهب لطبيب أطفال إذا كانت عندك مشكلة في جهاز الكمبيوتر.
ولن تأخذك قدماك إلى طبيب عظمية لو كان قلبك هو الذي يؤلمك.
فقط في البيت الإعلامي السوري يحصل ما سبق.. وهذه المشكلة ليست وليدة الأحداث ولا ما قبلها.. بل هي أشبه بمرض مزمن!!
وهنا لا بد من التوضيح أني لا أقصد شخصاً بعينه أقصد القائمين حالياً على صناعة القرار الإعلامي، بل أؤكد أنه مرض مزمن في الإعلام السوري والمسألة أبعد ما تكون عن الشخصنة … فمن لديه إعلاميون شباب لديهم كل هذا الاندفاع والحماسة والشجاعة في ميادين صعبة ويدفعون أرواحهم «آخرهم خريج الإعلام الزميل ثائر العجلاني» لا بد أن يكون لديهم إعلام مميز وظروف عمل أفضل وتقديرهم في حياتهم.
ليس المشكلة فقط مع صانع القرار الإعلامي، ففوق ذلك.. يستطيع أي أحد من أي موقع أن يقدم رأيه ورؤيته في الإعلام وفي الإعلاميين.
أحياناً يكون شخص لم يستطع أن ينجح في مهنته أو في مهمته أو في موقعه الذي يشغله الآن لكنه يجد في نفسه الكفاءة بالحكم على الأداء الإعلامي، ويستطيع أن يقدم فتاوى من نشرات الأخبار.. وحتى برامج الترفيه.
أستطيع الآن أن أعدد لكم الأسماء التي تشغل الإعلام وفي مواقع مهمة لم يكن لديهم أي خبرة إعلامية، وكذا ليس لهم دراسة في مجال الإعلام وربما مروا فيه من أبواب خلفية.
الإعلاميون براء مما يحدث في الإعلام.. لأنهم لا حول ولا قوة!!. وأقول قولي هذا… وأكتفي.
آخر القول:
يا باري القوس برياً ليس يحسنه
لا تظلم القوس، أعطِ القوس باريها.