ثقافة وفن

القدس المدينة المقدسة

| د. اسكندر لوقا

لم يعد مخفياً على أحد اليوم أن مدينة القدس تتعرض في الوقت الراهن لمؤامرة الهدف منها جرها، والعرب عموماً، مسيحيين ومسلمين، لقبول الأمر الواقع، الأمر الذي جاء على خلفية قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السادس من شهر كانون الأول الحالي، باعترافه رسمياً بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
إن القرار جوبه، كما نعلم، برفض أصحاب المدينة مسلمين ومسيحيين القرار المشؤوم الذي لا يقل خطراً على منطقتنا، من الوعد المشؤوم الذي صدر في عام 1917 بتوقيع اللورد بلفور، وذلك إمعاناً في تحدي مشاعر سكان المنطقة بالدرجة الأولى وسكان العالم شرقاً وغرباً بالدرجة الثانية. ومن نتائج هذا التحدي الانتفاضة مستمرة ضد القرار، ولا أعتقد أنها ستتوقف بل ستزداد، تعبيراً عن رفض القرار حتى سقوطه.
في هذا السياق، يتذكر أحدنا القرار رقم 114 الصادر عن مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة بتاريخ 20 كانون الأول عام 1949، مؤكداً معارضة المجلس المذكور «نقل مراكز الدوائر الحكومية في فلسطين المحتلة إلى القدس». ومما جاء في القرار المذكور أن عملاً كهذا يتناقض مع الفقرة الحادية عشرة من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 303 الصادر بتاريخ 9 كانون الأول الذي يقضي بـ«ضرورة استقلال المدينة المقدسة واحترام كيانها».
من المؤكد أن قرار الرئيس ترامب قد صدر، في غياب أو تغييب قراءة تاريخ المدينة المقدسة وتاريخ المنطقة عموماً، ما أدى إلى الحراك الجاري حالياً على مستوى العالمين العربي والإسلامي، بهدف تنشيط الذاكرة الأميركية، ووضعها أمام مسؤوليتها في التعامل مع القضايا الحساسة، ومنها قضية القدس والقضية الفلسطينية برمتها في المحصلة.
وفي حالة كهذه، من المرتقب أن يواجه العالم وضعاً خطراً جداً بنتيجة فقدان الوعي على مستوى دولة كبرى كالولايات المتحدة الأميركية، ذات أذرع طويلة على سطح الكرة الأرضية، وإمكانية تعرض هذه الأذرع للخطر الناجم عن رفض ما يسعى إليه زعماء أميركا الحاليين، ومعهم زعماء الكيان الصهيوني. وفي حالة كهذه أيضاً من المرتقب أن يتخلخل التوازن العالمي في زمن انتظار ما لا يمكن توقعه بنتيجة التسرع الأميركي في اتخاذ المواقف التي تتحدى مشاعر سكان المنطقة العربية والعديد من مناطق العالم، بغلو تصور الرئيس ترامب وفريقه بأنهم الأقوى والأقدر من سواهم على رسم خرائط الطرق لمستقبل آت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن