ميسر أم معسر
| ميسون يوسف
رغم كل الجهود التي تبذلها سورية من أجل إنجاح أي نوع من أنواع لقاءات الحوار السوري السوري وفي أي ظرف وفي أي صيغة، ورغم ما تبذله عبر وفدها إلى جنيف من جهود للثقة بمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، فإن سورية تقابل بالمناورات الاحتيالية ومحاولات الابتزاز، والأدهى من ذلك هو انخراط الموظف الأممي في هذه التصرفات المشينة وخروجه عن مهمته وعن حدود صلاحياته بشكل فظ وفاقع.
ففي «جنيف 8» الأخير كانت فضيحة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا والجهة المشغلة لوفد الدمى السورية المسماة «معارضة الرياض» صارخة، بدأت قبل تاريخ اللقاءات واستمرت أثناءها وحتى بعدها وإن كانت في كل مرة تظهر بشكل ولبوس جديد.
إذ رغم أن الحوار السوري السوري الهادف لإيجاد حل سياسي ومخرج من الأزمة يجب أن يتم وفقا للقرار 2254، فإن وفد الدمى المعارضة وبالتكافل والتضامن والتفاهم مع دي ميستورا خرج ببيان سماه «بيان الرياض 2» ضمنه من الشروط والمواقف المسبقة التي يريد أن يتم الحوار على أساسها، ما يجعل المتابع يظن أن العدوان حقق أهدافه في سورية وأن الدولة سقطت وإن سورية تتنظر وفد الدمى هذه ليتسلم الحكم ويسلم سورية لقيادة العدوان.
لقد ظن دي ميستورا الذي كان حاضنا لوفد الدمى منذ أن اضطلع بأعباء مهمته في سورية، أن بإمكانه وضع وفد سورية أمام الأمر الواقع وتجاوز منظومة السلات الأربع التي قبل بها على مضض، والتوجه للبحث في سلة واحدة هي حسب تفسيره كيف تسلم المعارضة السلطة.
لكن وفد سورية باحترافه وثقته بحقه واستناداً لما سجل في الميدان، خيب ظن دي مستورا وأخفق مسعاه مع وفد الدمى، ووضعه أمام مسؤولياته وخيره بين أمرين إما الالتزام بمنطوق القرار 2254 والحوار بلا شروط مسبقة ومن ثم وجوب سحب «بيان الرياض 2»، وإما تحمل مسؤولية الإخفاق مع ما في ذلك من توقع نقل الملف إلى مؤتمر الحوار السوري السوري في سوتشي الذي يحضر له بثبات وثقة.
لقد رد الوفد السوري على الخديعة بفضح أصحابها وأحرج دي ميستورا الذي لا يستطيع تحمل أي من الخيارين، ففي الأول إغضاب أميركا، وفي الثاني إخفاق شخصي وغضب أميركي أيضاً، وعلى هذا الأساس رأى دي ميستورا أن يهرب من إخفاقه بالخديعة إلى تحميل سورية مسؤولية الإخفاق، لكن سورية الحاضرة دائماً ردت بقسوة في بيان صادر عن مصدر مسؤول في الخارجية فضح التهرب وكشف الخديعة وعاد فأكد للجميع أن سورية المنتصرة ماضية قدماً في السعي إلى حل لأزمتها، فإما أن يكون جنيف محلاً لحوار صادق يحترم المبادئ والحقوق الوطنية السورية، وإما أن يكون سوتشي وما يتفرع عنها هو المكان الأنسب.