قضايا وآراء

ربيع إسرائيل لن يزهر جنوباً

| سامر ضاحي

لا تزال إسرائيل ككيان صهيوني غاصب بعيدة عن التأثر بتبعات ما يسمى «الربيع العربي» بعدما كانت أشد الرابحين فيه، هذا حتى لو قدمنا لها صك البراءة منه، لا بل واستغلت ما حصل في جنوب سورية وبنت علاقات متينة مع ميليشيات مسلحة ودعمتها في إستراتيجية أملت من خلالها دفع التنظيمات الإسلامية الراديكالية بعيداً عن مستوطناتها الشمالية.
واستطاع كيان الاحتلال تجيير الحرب السورية لصالحه بهدف تحقيق ما يسميه «استقرار الحدود الشمالية» عبر ربط وثيق مع تلك الميليشيات وصل إلى حد دعم جبهة النصرة الإرهابية نفسها، ليرغب بذلك في ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول إبعاد الإرهابيين عنه من جهة، ومن جهة أخرى رفع سوية الجهة المقابلة للجيش السوري وحلفائه ولاسيما الإيرانيين، مع هواجس الاحتلال المتصاعدة من اقتراب القوات الإيرانية العاملة في سورية منه ومخافة اندلاع مقاومة شعبية في الجولان السوري المحتل.
منذ مدة ارتفعت حدة الحديث عن عمل عسكري إسرائيلي محتمل بدأت ترجيحات بالتكهن أنه سيكون ضد حزب اللـه مع الموقف السعودي الأخير الذي دفع رئيس وزراء لبنان سعد الحريري لإعلان استقالته مكرهاً، إلا أن الدعم الدولي الذي حشده لبنان لاسترجاع الحريري من القبضة السعودية، ربما دفع برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى إعادة صياغة أولوياته وربما تأجيل المغامرة في لبنان حالياً، وتحويل نظره باتجاه سورية وهو الاحتمال الثاني.
ويدعم الاحتمال الثاني تكرر الاعتداءات الإسرائيلية مؤخراً ضد «أهداف إيرانية» في سورية مع التلويح أكثر بعمل عسكري في جنوب غرب البلاد ضد «أهداف إيرانية» أيضاً باستغلال الأزمة السورية من جهة ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنتنياهو باعترافه أن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.
هذا الاحتمال لا يمكن تجاهله لأن نتنياهو قد يرغب في تصدير أزمته الداخلية ومحاولة استيعاب تصاعد المواقف العربية والفلسطينية، رغم أنها لا تزال دون الطموح إلى اليوم من قرار ترامب، بتحويل الأنظار إلى معركة خارجية بعيدة عن القدس قد تضغط على القوى الإقليمية لدفعها إلى تسوية للصراع ليس العربي الصهيوني بل الفلسطيني الصهيوني وفق ما بات يعرف بـ«صفقة القرن».
وحتى لا نظهر كمنظرين للحرب ثمة ما يدحض الاحتمالين السابقين بأن هناك تنسيقاً روسياً إسرائيلياً حتى في سورية، رغم أن نتنياهو يلعب على حبلي موسكو وواشنطن لاسيما أن الأولى حذرته، ومن قاعدة حميميم، أن أي عدوان مقبل على سورية ثمة صواريخ روسية لدى الحكومة السورية قادرة على تتبع منفذيه إلى تل أبيب، هذا مع إدراك الاحتلال قوة التوافق الأميركي الروسي في «منطقة تخفيف التصعيد».
يدرك العسكريون الصهاينة اليوم أن أي عمل عسكري في سورية من شأنه زيادة التفاف السوريين حول حكومتهم و«نظامهم السياسي» وهو أبعد ما ترغب فيه حكومة الاحتلال بعد سنوات سبع من العمل الدؤوب، كما أن أي تهور لهم سيشكل مبرراً لإيران للتواجد أكثر قرب مستوطناتهم لأن تواجدها في الأراضي السورية شرعي بطلب من دمشق ولن تقف مكتوفة اليدين وهي تشاهد حليفتها تتعرض للعدوان.
وأمام هذا الاحتمال أو ذاك ستبقى إسرائيل مكبوحة عن التهور وهي تدرك أن عامل الزمن لا يسير في صالحها في سورية، وسيبقى الربيع الذي تحلم فيه جنوب غرب البلاد بلا زهور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن