ثقافة وفن

من وحي العام الجديد

| د. اسكندر لوقــا

الوقفة مع آخر يوم من أيام السنة، من الطبيعي أن تختلف عن الوقفة مع بقية الأيام، هي وقفة تقارب عملية جرد حساب لنسأل أنفسنا ماذا فعلنا وماذا لم نفعل وكان يجب أن نفعل، ماذا حققنا وماذا لم نتمكن من تحقيقه، ماذا أفادتنا خبرتنا خلال العام ومتى أضعنا الفرصة كي نستفيد من خبراتنا؟ إلى آخر هذه المنظومة التي تفرض نفسها علينا في ختام كل سنة.
في هذا المضمار، لا بد أن تستعيد ذاكرتنا أحداثا كان لها ما يبرر بقاءها في الذاكرة رغم مرور أيام وأشهر السنة الفائتة. وفي زحمة هذه الأحداث التي مررنا بها خلال العام الفائت ونحن نستقبل عاماً جديداً، من الطبيعي أن نتوقف عند أحداث كان لها وقعها في حياتنا، وعلى مختلف الصعد، وفي مقدمها كما هو مرتقب الصراع الدائرة بيننا وبين أعداء وطننا في زمن التآمر عليه من دول مستأجرة ومدفوعة إلى منطقتنا بفعل الترغيب أو الترهيب، ومع ذلك كانت أصداء الانتصارات التي حققها ويحققنا جيشنا الأبي على أرض المعركة مع الأعداء هي التي تتصدر هواجس المواطنين الذين وضعوا ثقتهم بأبناء الجيش سياج الوطن، وفي وقت صعب لا يقل صعوبة عن تداعيات حرب كونيّة حقيقية شنت وتشن على سورية، جزاء صمودها في مقارعة المعتدين على كيانها.
إن العام 2017، كما كان من قبله، كان حاضن قضية في مقدمها الحفاظ على الوطن بحاضره ومستقبله، وكما سيكون في عامنا الجديد عام 2018، حيث تقترب سنوات الحرب السبع من نهايتها، وصولا إلى عامها الثامن، وكلنا أمل بأن يكون هذا العام عام نصر على الوافدين إلى بلدنا من جميع أصقاع المعمورة وعام هزيمة جميع مشغليهم عملياً لا نظريا فقط.
لقد كان العام 2017 عام تحول حقيقي من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم على أعداء الوطن، وهذا ما جعل شريحة من المعتدين يعيدون النظر فيما أقدموا عليه ويعودون إلى ديارهم بعد أن اكتشفوا أنهم كانوا مثل أحجار الشطرنج بأيدي محترفي عمليات الإجرام والتعدي على حقوق الناس، وكانوا كلما ازدادوا شراسة ازداد صمود هؤلاء في مواجهة أطماع اللاعبين بمستقبلهم، وذلك على نحو صمود سورية اليوم في وجه أطماع البعض من فئة القوى العظمى الذين ما زالوا يعيشون ذكريات أيام الاستعمار البغيض وفي طليعة تلك القوى الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا ومن يدور في فلكهم من قوى تابعة لهم في أوروبا وسواها من بلدان العالم.
إن سورية، في هذا الزمن الصعب، تبقى كما كانت في كل الأزمنة الصعبة التي واجهتها، تبقى صامدة تتصدى للأعاصير، أعاصير القتل والتدمير بكل ما يملكه أبناؤها من قيم المواطنة والدفاع عن العرض والأرض مهما كان ثمن هذه المواجهة غاليا. ومن هنا سر صمود سورية خلال السنوات السبع التي مرت، ومن هنا عزيمتها على الاستمرار في مواجهة كل هبة من هبات الحقد على حاضرها ومستقبلها في أي وقت كان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن