هل أنت حكيم؟
| عبد الفتاح العوض
ستيف جوبز قال إنه في كل يوم كان يسأل نفسه سؤالاً واحداً: لو كان هذا هو آخر أيام حياتي فهل سأقوم بما أنوي القيام به؟
أي واحد منا لو سمع هذه الجملة بالتأكيد سيقول إن هذا الرجل أوتي من الحكمة ما يكفي ليكون سعيداً وراضياً عن نفسه وعما يفعله، فإذا كان رجل مثل ستيف جوبز وصل إلى قمة آبل فإننا هنا نتحدث عن أسطورة جمعت الثروة والعلم والحكمة.
هكذا يفترض من الناحية النظرية يمكنك الوصول إلى هذا الاستنتاج من خلال جمع هذه المكونات البسيطة لحياته… رجل ناجح وصاحب مال ويسأل نفسه صباح كل يوماً سؤالاً صعباً وبحاجة إلى شجاعة خاصة للإجابة عنه.
في العقل العربي نضع الحكمة في قمة القيم العليا لأنها تعني ببساطة أن تقوم بالصواب وتعيش بالحد الأعلى من الرضا لأنك تختار الأفضل، وفي أسوأ الأحوال تختار الأقل سوءاً بين خيارات كثيرة.
ولعل الدين الإسلامي تعامل مع الحكمة بطريقة أنها إحدى أعطيات اللـه وبالوقت ذاته فإن الحكمة تأتي بالتعلم، الحلم بالتحلّم والعلم بالتعلّم.
لكن التجارب هي التي تعطي الحكمة منظورها الخاص.. وفي حياتنا نعرف عدداً كبيراً من الساسة وكثيراً من رجال الأموال، لكن نعرف قلة من الحكماء.
في التاريخ العربي أسماء قادة وسلاطين وأئمة، وقلة فقط عرفوا على أنهم من الحكماء، وفي هذه الكارثة السورية لم نستطع تشكيل مجلس حكماء يعترف به المجتمع، وأبعد من ذلك أولئك الذين كنا نظنهم من الحكماء فقدوا صوابهم في هذه الكارثة وانساقوا في طريق مشبوه الغايات والوسائل.
في حالتنا السورية كانت الحكمة مفقودة، لكن ليس هذه النقطة التي أريد أن أصل معكم بها لحالة التفكير فيها من دون أن يكون ثمة ما نقرره أو نتوصل إليه كنتيجة ثابتة بل هي إثارة حالة من التفكير فيها على أنها على المستوى الإنساني تعدّ حاضرة معنا كل الوقت.
هل الحكمة تجعلنا سعداء؟
هل تضمن نهايات سعيدة؟
كاتب الحكمة الشهير ابن المقفع الذي يعتبر أول من أنجز كتب حكمة عند العرب من خلال كتابيه الأدب الكبير والأدب الصغير، مات بطريقة بشعة جداً فقد تم تقطيع أعضائه أمام عينيه ووضعها في ماء يغلي!
ما بدأت به عن ستيف جوبز هو ما أريد أن أجعله المثال الصارخ على أنك رغم النجاح الذي صنعته ورغم السؤال المدهش الذي يرافقك كل صباح، فإنه وهو على سرير المرض قال ما يعطي صراحة الاحساس بأنه كان من الممكن أن يفعل أشياء أفضل مما فعلها وهي تلك الأشياء التي ما كانت ستأخذه إلى قمة النجاح بل إلى قمة السعادة..
ورغم أن كلمات جوبز مهمة ومؤثرة فإن هذه الزاوية لا تتسع لعرضها، وسأنقل منها هذه الجملة «الآن فقط وبعد أن أمضيت حياتي محاولاً جمع ما يكفي من المال أدركت أنه كان لدي ما يكفي من الوقت لتحقيق أهداف أخرى لا تتعلق بالثروة، أهداف أخرى أكثر أهمية مثل: الحب، الجمال، أحلام طفولتي».
شيء ما مفقود في هذه اللوحة المعقدة، أين الحكمة؟ وهل علينا أن نقوم بالمراجعة مع نهايات العمر لنكتشف أن ما قمنا به لم يكن الطريق الجميل؟
كثيرون وهم يلاحقون الحياة ينسون عيشها!!
أقوال غير حكيمة:
حفنة من الحظ خير من كيس ملآن حكمة!!
خذ الحكمة من أفواه المجانين!!
لو أن لقمان الحكيم بُلي بالفقر لما فرّق بين التين والبقل.