آل سعود ودورهم المتدهور
| تحسين الحلبي
في الأسبوع الماضي ازداد عدد المقالات والتحليلات والتوقعات عن الأزمات المرتقبة للدول التي تعتمد في ميزانياتها على عائدات النفط والغاز بنسبة 70 بالمئة أو 90 بالمئة أي الدول العربية النفطية بشكل خاص، وفي إحدى هذه الدراسات يرى بول ريفلين في تحليل بعنوان الأسواق العالمية للطاقة وانعكاساتها على الأحداث الإقليمية في الشرق الأوسط، أن أسعار النفط لا أحد يتوقع زيادتها على المدى المتوسط وهذا ما أكدته وكالة الطاقة الدولية في آخر تقرير لها في تشرين الثاني الماضي وهذا ما تعرفه دول منظمة «أوبيك» وفي مقدمتها السعودية وأن الطلب على النفط والغاز سيتقلص باستثناء الهند التي سيزداد الطلب فيها بسرعة تزيد على حاجة الصين.
ويرى البحث أن ثلثين من الاستثمارات في الطاقة على مستوى العالم ستتجه نحو مشاريع «الطاقة النظيفة» خلال السنوات العشرين المقبلة، هذه الطاقة غير النفطية ستكون أرخص مصدر للطاقة لدول كثيرة وهذا ما سوف تتجه نحوه الصين والهند في سياستهما حتى عام 2040 مع التركيز على الطاقة المتجددة التي ستبلغ نسبة إنتاجها 40 بالمئة من إجمالي استخدام الطاقة، وتشير إحصاءات مجلة «فايننشال تايمز» إلى أن استخدام الطاقة المتجددة على مستوى العالم زاد في عام 2016 أربعة أضعاف عما كان عليه في عام 2000 وازداد عدد السيارات التي تعمل على الكهرباء في عام 2016 بنسبة 42 بالمئة على عام 2015 وتضاعفت طاقة تخزين الكهرباء في أنظمة بطاريات «الليثيوم» بأكثر من ضعفين عام 2016.
ويكشف البحث أن بريطانيا وفرنسا وهولندا والنرويج أعلنت عن خطة للتخلص من العربات التي تعمل باستخدام النفط خلال السنوات العشرين المقبلة وسوف تحتل العربة الكهربائية الدور الشامل وأن الهند تخطط حتى نهاية العقد المقبل ألا تبيع إلا سيارات كهربائية.
وفي النهاية يستنتج البحث أن الجيل المقبل من سكان دول النفط العربية سيفقد جزءاً كبيراً من نتاجه القومي الشامل وهذا يعني أنه سيتعرض خلال السنوات العشرين المقبلة لأكبر الأزمات المالية والاقتصادية والتنموية، وكلما ازداد توجه العالم الصناعي نحو الطاقة المتجددة والنظيفة، انخفض أكثر فأكثر اعتماده على استيراد نفط دول الخليج، ولهذا السبب يكشف البحث أن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على بيع نفطها الصخري والغاز الصخري مهما كانت الأسعار لمنافسة دول النفط العربية من دون أن تخسر من قيمة نتاجها القومي الشامل.
وفي عالم السياسة والعلاقات في المنطقة تشهد العائلة المالكة الآن أزمات متنوعة فهي عالقة في حربها على اليمن من دون أفق بل بدوامة لم تنته، بعد وتقوم بتهديد قطر ولا تجد من يقف معها ضد قطر سوى الإمارات من حلفائها في دول الخليج، وتهدد إيران ولا تجد من يشاركها في العداء ضد إيران سوى إسرائيل، بينما لا تحمل واشنطن درجة العداء نفسها لإيران وتعتمد على عداء السعودية لاستثمارها في أكثر من جبهة وساحة ما دامت تصدر السلاح لها وتسلب أموالها.
وفي ظل هذا الوضع يتفق الكثيرون من المتخصصين بشؤون العائلة المالكة السعودية على أن مستقبل المملكة أصبح أكثر غموضاً وأقل استقراراً إلى درجة بدأت فيها سيادة السعودية على أراضيها التي حددتها لها بريطانيا منذ عام 1915 تصبح قابلة للتجزئة والقسمة كحل يراه بشكل سري حلفاء العائلة المالكة وخصوصاً بعد النزاع العلني بين عدد من الأمراء ضد بعضهم بعضاً وما أكثر عددهم، وتجد لندن وواشنطن العاصمتان اللتان تديران أوضاع العائلة المالكة، أن الموالين لهما من الأمراء كثيرون ويمكن المراهنة على التحكم بنتائج الفرز والاستقطاب بين من يقف مع محمد بن سلمان ومن يقف ضده، لكن الدور السعودي في المنطقة أصبح ينحسر أكثر فأكثر حتى في تأثيره في حفائه من الأمراء الخليجيين وإمارة قطر خير مثال على ذلك.
فالمستقبل للقوة الإقليمية التي تستند لأطراف ودول محور المقاومة في هذه المنطقة، وخصوصاً بعد أن تمكنت سورية وحلفاؤها من إحباط المخطط الأميركي السعودي ضدها.