مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس
| نعيم إبراهيم
تنطلق أعمال مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، يومي 17 و18 من كانون ثاني الجاري، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
جاءت الدعوة لعقد المؤتمر الذي ينظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، في إطار سلسلة القرارات للرد على إعلان القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني.
المأمول من المؤتمر أن يشكل نقلة على صعيد دعم ومساندة فلسطين والقدس، خاصةً ما يتعلق بترسيخ الوعي بالقضية وإعادتها إلى صدارة الأولويات.
شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب حرص على أن تشمل محاور المؤتمر مختلف الأبعاد المتعلقة بالقدس، سواء ما يختص بمكانتها وهويتها وتاريخها، أو وضعها القانوني والسياسي، إضافة إلى التركيز على ضرورة استعادة الوعي بجذور الصراع حول القدس، وتفنيد ما تتم إثارته من مغالطات ودعاوى كاذبة حول هوية المدينة العربية، ورسوخ السيادة الفلسطينية عليها.
يستعرض هذا المؤتمر الدولي، العديد من أوراق العمل عبر 3 محاور هي:
الأول تحت عنوان «الهوية العربية للقدس ورسالتها»، وتندرج تحته عدة عناوين فرعية تتناول المكانة الدينية العالمية للقدس، والقدس وحضارتها في التاريخ والحاضر، وأثر تغيير الهوية في إشاعة الكراهية، وتفنيد الدعاوى الصهيونية حول القدس وفلسطين.
ويحمل المحور الثاني للمؤتمر، عنوان «استعادة الوعي بقضية القدس»، ويتطرق إلى قضايا المركز القانوني الدولي للقدس، والدور السياسي في استعادة الوعي، والدور الثقافي والتربوي في قضية القدس، وأهمية الدور الإعلامي في استعادة الوعي.
ويناقش المحور الثالث للمؤتمر «المسؤولية الدولية تجاه القدس»، ويتناول عدة موضوعات تدور حول مسؤولية المؤسسات الدينية تجاه القدس، وكذلك مسؤولية المنظمات الدولية، ومسؤولية المجتمع المدني العالمي تجاه قضية القدس.
ومن المنتظر أن يسفر المؤتمر عن عدة توصيات من شأنها دعم القضية الفلسطينية، والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وكذلك الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية بمدينة القدس، إضافة إلى عدد من الإجراءات والقرارات التي من شأنها العمل على توعية النشء بقضية القدس وتاريخها ومقدساتها.
أقانيم محقة تماما تلك التي سوف يتناولها المؤتمر العتيد وخاصة أن القدس تستحق اتخاذ خطوات جديرة بها وخاصة من الأزهر الشريف. غير أن ملاحظات يمكن تسجيلها علها تصل إلى القائمين على المؤتمر قبيل انطلاق أعماله.
هناك من يرى أن قضية القدس بين الأزهر والرئاسة المصرية متبلورة في اتفاق ظاهر وخلاف مستتر. وربما ينسحب هذا الأمر إلى علاقة الأزهر مع السواد الأعظم من الرسميات العربية والعالم الإسلامي وكل من ينادي في المجتمع الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، الأمر الذي قد يشي بأمور أخرى!
تقول أوساط مختلفة أن الأزهر يتدخل في السياسة ويدلي بآراء سياسية في قضايا يشوبها الكثير من الجدل. ومؤخراً، رفض شيخ الأزهر لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، وهو اللقاء الذي كان مرتباً من قبل، اعتراضاً من شيخ الأزهر على اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لكيان العدو الصهيوني. موقف الأزهر هذا تبعه اتخاذ عدة إجراءات في هذا الشأن.
لا بد من التأكيد هنا أن قضية القدس هي قضية دينية وسياسية وتاريخية وثقافية وتراثية.. الخ وينبغي النضال في سبيلها على أساس كل ذلك لأن الصراع مع المشروع الصهيوني الامبريالي الرجعي هو شمولي- صراع وجود – ومن يعتقد غير ذلك يقع في إسار الوهم.
أعرف تماماً أن كل الشرفاء على وجه البسيطة هم على قلب رجل واحد فيما يخص قضية فلسطين والقدس ولكن هل يمكن للأزهر فعل أكثر مما فعل في هذا الشأن من الدعوة للمؤتمرات ومناقشة القضية عالمياً؟
لا شك أن دور الأزهر في المرحلة المقبلة شديد الأهمية، وعليه أن يقوم بخطوات نظرية وعملية تتعلق بما يلي:
أولاً: الدعوة لمقاومة العدو الصهيوني بكل الأشكال وفي مقدمة ذلك المقاومة المسلحة إضافة للدعوة إلى نفير عام في صفوف الأمتين العربية والإسلامية الأمر الذي يعني جهادا حقيقيا يناقض جهاد «الربيع العربي» لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها.
ثانياً: رفض الاتفاقات التي وقعها عديد من الرسميات العربية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية مع العدو الصهيوني تحت مسميات اتفاقات سلام أو تسوية أو ما شابه ذلك.
ثالثاً: مقاطعة الرسميات العربية وكل الجهات التي تواصل خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني.
رابعاً: مواصلة الاعتراض على قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد القدس وفلسطين ومناشدة المجتمع الدولي وأصحاب الضمير بأن يقفوا بجانب الشعب الفلسطيني والتركيز على أن القدس لا تهم المسلمين فقط وإنما تهم المسيحيين أيضاً وكذلك غير المتدينين الذين يرفضون ممارسات الاحتلال الصهيوني.
خامساً: تنفيذ محتويات أوراق العمل المطروحة على طاولة المؤتمر تنفيذا واقعيا مع الخطوات السالفة بعيداً عن الشعارات الجوفاء والرهانات الخاسرة.
يتطلب تحرير القدس وفلسطين من البحر إلى النهر وتحرير كل الأراضي العربية المحتلة واستعادة جميع الحقوق العربية والإسلامية المغتصبة خطوات عملية من مثل ما سلف وإلا سيبقى الجميع يحرث في الماء، وتبقى الجريمة الصهيونية الامبريالية الرجعية مستمرة.