اقتصاد

تشهير بمديري المصارف أم مخالفة للقانون؟

صكوك الرهن مقابل الإقراض ليس لها أي اعتبار، والحجز الاحتياطي يصدر اعتباطياً. ما نعلمه أن مصرف سورية المركزي عندما يلزم المصارف بعدم منح قروض إلا بوجود ضمانات تحمي حقوق المصرف والأموال العامة، فهذا يعني تشدد المصارف بذلك والحصول على صكوك رهن إما عقارية في حال التمويل وإما الإقراض وصكوك رهن سيارات في حال تمويل شراء السيارات. وصك الرهن يجيز للمصرف بالقانون بيع ما تم رهنه بالمزاد العلني واسترداد حقوقه، كما يجيز له نقل الملكية لنفسه دون الرجوع لصاحب الملك.
بعض المصارف في سورية تطلب صكوك رهن عينيه ويضاف لها كفلاء. وعند التعثر يعتبر صك الرهن هو الأولوية التي يعمل عليها القانون لاسترداد الحقوق. وتأتي الكفالة الشخصية في المرحلة الثانية، وبالتالي لا يتم بحسب تعليمات مصرف سورية المركزي وتعليمات المصارف أي تفعيل أو موافقة لدفع مبلغ القرض ما لم يتم تقديم صك الرهن العيني للمصرف، والتأكد من تسجيله لدى الدوائر المختصة.
ما يحدث في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وتؤيده وزارة المالية ويعممه مصرف سورية المركزي، عادةً، هو إصدار تعاميم بحجز احتياطي على مديري مصارف قاموا بمنح قروض بناءً على صكوك رهن عينية قانونية، وغالباً ما يتم تبرير الحجز بأنه ضمان لحقوق المصرف والأموال العامة، ما يعني ضمناً إلغاءً لقانونية صك الرهن كمستند يضمن الحقوق ويختصر كل الإجراءات القانونية التي من المفترض اتباعها قبل إصدار قرار الحجز والإساءة للأشخاص والتشهير بهم دون أي اعتبارات أخرى.
وعلى اعتبار أن المؤسسات في سورية تحتكم للقانون؛ فالقانون في سورية يتطلب قبل إجراء أي حجز أن يتم اتباع الطرق القانونية في تحصيل الحقوق عن طريق استخدام صك الرهن العيني، فإما يتم البيع بحكم تنفيذي وإما يتم نقل الملكية. وفي حال لم يسدّ مبلغ البيع كامل المستحقات تتم مطالبة الكفيل في حال وجوده، وعند عدم التمكن من التحصيل يتم إلقاء الحجز الاحتياطي على من وافق على منح القرض إذا كان مخالفاً للتعليمات، فمخالفة هذه الإجراءات والقيام بتعميم حجز إحتياطي وتجاوز الإجراء القانوني يعتبر مخالفاً للقانون، وبالتالي فالقانون يصدر بناءً على أحكام دستور، وبهذا تنسحب المخالفة القانونية إلى مخالفة الدستور، وهذا يستوجب المحاسبة.
فالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش واستنادا لاقتراح محقق؛ تعمم إلقاء حجز احتياطي، دون مطالبة الجهة صاحبة الحق في أن تزود الهيئة بوثائق المطالبة بالحقوق والمستحقات عن طريق القضاء، وهو ما تنص عليه تعليمات المصارف. إذ في حال التعثر يتم اللجوء إلى القضاء واستخدام صك الرهن العيني لتحصيل المستحقات. فالقانون ينص على أنه في حال عدم التمكن من التحصيل أو نقل ملكية العين المرهون بهذه الحالة يتم إلقاء الحجز الاحتياطي على من وافق لمنح القرض إذا كان مخالفاً للتعليمات التنفيذية.
وبناءً على ما تقدم، نجد أنفسنا أمام حالة ملحة تستوجب مطالبة مجلس القضاء الأعلى ومجلس الشعب ما دام الجهة التشريعية في سورية بأن يتم إما إلقاء الحجز الاحتياطي على كل مديري المصارف الذين وافقوا على قروض لقاء صكوك رهن عينية، على اعتبار أن هناك حالات حجز احتياطية حملت مديري المصارف مسؤولية منح القرض رغم تنفيذ التعليمات بموجب وجود صك رهن عيني عند منح القرض.
وبالتالي إيجاد آلية جديدة تضمن الحقوق وتلغي قبول صك الرهن، أو مطالبة نفس الجهات للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ووزارة المالية ومصرف سورية المركزي بعدم تعميم أي حجز احتياطي ما لم يتم إبراز وثائق تثبت استكمال كل الطرق القانونية لاسترجاع الحقوق، والمقصود هنا؛ أن يتم استخدام صك الرهن العيني في تحصيل الحقوق، مادام القانون السوري يقرّ بأن هذا الصكّ ضامن للحقوق، وهذا منطق قانوني.
إن إصدار تعاميم حجز احتياطي بشكل اعتباطي وتجاوز الطرق القانونية، يشكل إساءة ومخالفة صارخة للقانون في سورية، كما يعتبر تشهيراً صريحاً بالأشخاص الذين نفذوا التعليمات التنفيذية للقروض بإطار المحافظة على الحقوق. وهو إجراء متناقض مع القانون السوري ويخلق تناقض حتى بالنصوص الدستورية، وهذا الأمر غير مقبول. وأعتقد أن المجلس التشريعي في سورية يرفض مثل هذه الآليات والإجراءات التي تسيء للمواطن وتسيء للقانون.
فهل سيقوم وزير المالية ومصرف سورية المركزي برفض تعميم أي حجز احتياطي من هذا النوع في حال وجود صك رهن عيني يضمن الحقوق ويطالب بوثائق تثبت اتباع الطرق القانونية في تحصيل حقوق المصارف قبل اللجوء إلى إلقاء الحجز الاحتياطي. نأمل التصحيح على اعتبار أن هذه المؤسسات معنية باحترام القانون وصوّن الدستور كما أنها معنية بالحفاظ على الحقوق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن