المنتخب الأولمبي ودّع بألم وحسرة … ثقافتنا الكروية غير قادرة على إنتاج منتخب بطل
| ناصر النجار
منذ أن خسر منتخبنا الأولمبي صفر/4 مع مجموعة من لاعبي الوحدة في معسكره الداخلي الأخير وضعنا يدنا على قلبنا على منتخب سيمثلنا في النهائيات الآسيوية، لأن ما شاهدناه كان (شوربة) كروية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، فالدفاع في خبر كان، والهجوم تائه، والوسط بين المتفرجين.
وأكثر من الأداء المتواضع أزعجنا تصريح المدرب عن الخسارة القياسية، بأن اللاعبين غير جاهزين بدنياً وفنياً لمشاركتهم مع أنديتهم بالدوري، وهذا يعني أن اللاعب ينخفض مستواه في الدوري، وهذا كلام غير مقبول إطلاقاً، مع العلم أن المنتخب كان في معسكر مغلق قبل مباراة الوحدة بأكثر من عشرة أيام. فلماذا لم يرفع المدرب مستواهم البدني على أقل تقدير؟
منتخبنا الأولمبي تم تشكيله في الشهر الخامس من عام 2017 وأجرى معسكرات داخلية عدة ومباريات محلية متفرقة ولعب 13 مباراة دولية خارجية، بعد كل هذا لا يحق للمدرب أن يتهم الأندية والدوري بأنها كانت وراء انخفاض مستوى وجاهزية لاعبينا.
العذر الآخر فيه وجهة نظر، حيث لم يتمكن اتحاد كرة القدم تأمين أي مباراة للمنتخب بديلاً عن بطولة غرب آسيا، حتى مباراة ماليزيا في الصين قبل انطلاق البطولة ألغيت بسبب هطل الثلوج وإغلاق الطرقات، لكن ذلك ليس بالعذر الكامل، فالمنتخب لعب أكثر من خمس وعشرين مباراة محلية وخارجية في ستة أشهر، وأي منتخب من المنتخبات المشاركة لعب هذا الكم من المباريات؟
في الصين
من المعيب أن نرى منتخبات فلسطين وتايلاند وفيتنام قد تأهلت إلى ربع النهائي ومنتخبنا عاد على أول طائرة وخرج من البطولة بخفي حنين، والمسؤولية هنا يتحملها المدرب أولاً، وثانياً اتحاد كرة القدم.
لم نشعر أن مدربنا ارتقى بالمنتخب ووضعه على قدم المنافسة مع الفرق التي اجتازت الدور الأول بنجاح، فبقيت علّة منتخبنا دفاعية ومن هذا الباب خرجنا من البطولة مكسوري الخاطر، مع أستراليا كان مرمانا مفتوحاً على مصراعيه، ومع كوريا كان اهتمامنا منصباً على الجانب الدفاعي ففشلنا هجومياً، مع فيتنام كان هناك تناغم بين الدفاع والهجوم، لكننا فشلنا بطرق مرمى الخصم.
في البطولة لم نسجل أي هدف، حتى هدفنا الوحيد سجله الأستراليون بمرماهم، وهذا يدل على ضعف الخط الأمامي، وعدم قيام خط الوسط بالدور المفترض أن يقوم به هجومياً، وأستراليا حققت فوزها الوحيد علينا وكانت كذبة كبرى في البطولة، لكن دخلنا اللقاء معها خائفين.
العلة الدفاعية وأسلوب اللعب تكلمنا عنهما كثيراً، ومنذ أن تأهل منتخبنا إلى النهائيات بالحظ قلنا منتخبنا بحاجة إلى دراسة جديدة ومدرب محترف جديد يعرف كيف يقود المنتخب في النهائيات، لكن اتحاد كرة القدم يفضل إعطاء الفرص للمدرب حتى النهاية، ليثبت المدرب إن كان جيداً أو غير ذلك، وكله على حساب المنتخب، وهذا الأمر تكرر مع أكثر من منتخب.
لاعبو المنتخب
لاعبونا من أفضل اللاعبين المحليين الذين يشكلون ثقلاً في فرقهم وهم من الأساسيين، ونبدأ بالحارس خالد إبراهيم حارس الوحدة وأثبت أنه من أفضل حراس الدوري، ومحمد رأفت مهتدي من أفضل مهاجمي الاتحاد والدوري، وسبق له أن لعب مع المنتخب الأول ويملك خبرة دولية جيدة، وأحمد الأحمد من أفضل لاعبي الاتحاد وهو هداف في فريقه ويملك مقومات النجاح السريع المرعب.
أحمد الأشقر لاعب وسط، يلعب في فريق الجيش ويملك خبرة دولية بمشاركات خارجية مع المنتخبات المتنوعة، محمد العتر أيضاً مهاجم في فريق الجيش، جهاد بسمار من أفضل مدافعي الكرامة والمنتخب، أيضاً يوسف الحموي ومؤمن ناجي من أبرز لاعبي فريق الجيش ولهما مشاركات فاعلة مع المنتخبات في فترة سابقة ومثلهم بقية اللاعبين كعبد الهادي شلحة وعبد الرحمن بركات وزكريا حنان وطارق هنداوي وغيرهم.
إضافة للمحترفين في الأندية العربية كمحمد مرمور وشادي الحموي وعبد الله جنيات.
هذه التشكيلة المميزة من لاعبينا تحتاج إلى العناية الفائقة لأنها رديف المنتخب الأول، وأولاً علينا الحفاظ عليها، من خلال استمرار وجود هذا المنتخب، وثانياً: إسناد مهمة التدريب إلى خبرة كروية يعرف كيف يطور مهارات اللاعبين ويرفع من مستواهم وقادر على توظيف إمكانياتهم بالشكل الصحيح.
وهنا نؤكد دور المدرب الخبير الذي يمد لاعبيه بجرعات الثقة ويمنحهم ثقافة الفوز، وللأسف فإن هذين الأمرين افتقدهما منتخبنا وخصوصاً بلقاء أستراليا حيث لم يقرأ مدربنا اللقاء بشكل جيد، فدخله لاعبونا خائفين وهم يواجهون أحد عمالقة آسيا.
المسؤولية
اتحاد الكرة يتحمل المسؤولية كاملة قبل المدرب، ونحن لا ننظر إلى هذا المنتخب بل إلى غيره من المنتخبات القاعدية ومنتخب السيدات وقد حققت جميع هذه المنتخبات فشلاً ذريعاً، وكل ذلك بسبب سوء اختيار الطواقم الفنية، وعدم استطاعته تقديم الدعم الكافي للمنتخبات من مباريات ومعسكرات ونحن هنا نقول: اتحاد الكرة يراسل الدول المختلفة لكن الإجابات تأتيه من دول معينة، والسبب أننا غير قادرين على دفع تكاليف الإقامة والنفقات، فنبحث دوماً عن الدول التي تستضيف منتخباتنا، ونتحمل تكاليف تذاكر السفر.
بصراحة الوضع غير مرضٍ بهذا الاتجاه، فموضوع كرة القدم يحتاج إلى الكثير من النفقات لكي تتطور، وعدم الصرف على كرة القدم لا يبلغها السقف ولا يحقق لها الحلم.
نحن نملك الكثير من الخامات الواعدة والمواهب الفذة التي تتطلب عناية وفكراً تدريبياً احترافياً، وهذا ما تفتقده الكثير من الدول، نحن نملك الخامات ولا نملك المال، وغيرنا يملك المال ولا يملك الخامات، لذلك تطور مستوى العديد من لاعبينا المحترفين في الخارج.
مدربونا مجتهدون وما وصلوا إليه كان بجهد شخصي، لكنهم يحتاجون إلى دعم خاص، من خلال فترة تعايش مع مدرب كبير خبير، والمزيد من الدورات التدريبية الكبرى.
عندما تم تعيين مدرب المنتخب الأولمبي سألت مدير المنتخبات عن آلية التعيين وأسبابها، لم يجبني بما يقنع، سألته: هل اطلعت على سيرته الذاتية؟ أيضاً لم يكن جوابه مقنعاً.
خلاصة الموضوع أن اتحاد كرة القدم يبحث عن أي مدرب يقبل بشروطنا المالية، هذا هو المدرب المناسب، لذلك لن تفلح كرتنا خارجياً، ولن تحقق أي لقب قادم، مثلما أنها لم تحقق أي لقب سابق معترف به آسيوياً باستثناء بطولة غرب آسيا التي خضناها برجالنا وغيرنا خاضها بأقل مستوى.
لا ألوم مدربينا فهذه حدودهم، ولكن ألوم الفكر الغريب والثقافة البالية التي تقود هذه الكرة إلى المزيد من التخلف.