المجرمون وطراطيرهم
| حسن م. يوسف
بعد اندحار ممثليها من قوى فاشية عالمية، على الأرض، بدأت الدول الاستعمارية الغربية تحاول من خلال الحرتقات السياسية والدبلوماسية، أن تجد لنفسها مكاناً على طاولة الحل السياسي في سورية. وضمن هذا السياق استضافت فرنسا مؤتمراً من أجل «شراكة دولية ضد الإفلات من العقاب» ضد من «يستخدمون أو يطورون أسلحة كيميائية» وقد شارك في ذلك المؤتمر عدد من زعماء الدول الغربية وطراطيرهم.
وعلى هامش ذلك المؤتمر انتقد دبلوماسي فرنسي، لم يذكر اسمه، مؤتمر سوتشي الذي تنوي روسيا عقده نهاية الشهر الجاري، فقال: إن هذا المؤتمر «يشبه اللويا جيرغا (مجلس موسع يمثل القبائل الأفغانية)، إذ تشارك فيه أطراف لا يُعرف مدى نزاهتها ومدى تمتعها بالحرية والأمن والاستقلالية، ومدى تمثيلها لكل مكونات الشعب السوري، أما عملية جنيف فتشارك فيها أطراف حددتها قرارات مجلس الأمن».
يعلم قارئي المتابع أنني لست من أنصار عقد منتديات الحوار بين السوريين خارج سورية، وقد سبق لي أن سخرت من مؤتمراتِ الحوار السابقة، واتهمت المشاركين فيها بأنه ليست لهم مصلحة في نجاحِها لأن معظمهم مكنتهم ظروف الحرب من أن يأكلوا ويشربوا ويقتنوا ويقبضوا مالم يحلموا به طوال حياتهم، والحقيقة أنني كنت في دخيلة نفسي متردداً حتى البارحة في قبول الدعوة لحضور مؤتمر سوتشي، إلا أن ما قاله هذا الدبلوماسي الفرنسي عن المؤتمر قضى على كل تردد داخلي. فإذا كانت الآلة السياسية الغربية المسؤولة عن أكبر الجرائم في تاريخ البشرية، منزعجة من انعقاد سوتشي فهذا يعني أنه خطوة في الاتجاه الصحيح.
لست أريد أن أدافع عن مؤتمر سوتشي، وملامحه لا تزال في ضمير الغيب، إلا أن تشكيك الدبلوماسي الفرنسي بنزاهة المدعوين، وأنا منهم، يثير حفيظتي. ولهذا أقول لذلك الدبلوماسي الفرنسي: إنني أعتبر نفسي أقل المشاركين في مؤتمر سوتشي شأناً، لكن الشحاطة التي أدخل فيها إلى ما نسميه تأدباً (الخارج) أكثر نظافة من وجدانك ووجدان أضرابك من الطراطير الذين حضروا مؤتمر باريس «ضد الإفلات من العقاب».
أما أكثر النكت فجاجةً فهي قيام عدد من الدول الاستعمارية بالاشتراك مع مملكة آل سعود التي لا دستور فيها، ومملكة عبد اللـه آل ثاني التي لا شيء فيها! بكتابة مسودة مشروع… لمن؟ لسورية! سورية التي أعطت ستة أباطرة لروما، والتي قام الحقوقيون من أبنائها بوضع دساتير معظم الدول العربية، سورية التي أنجبت المشرِّع بابانيان الذي ولد في حمص ودرس الحقوق في بيروت، قبل إعلان استقلال أميركا بـ1776 سنة، والذي ينتصب تمثاله أمام دار العدل، في العاصمة الإيطالية روما حتى اليوم، والذي تم تجسيده في منحوتة جدارية باسمه موجودة حتى اليوم أمام مبنى الكونغرس الأميركي، تكريماً لدوره القانوني الكبير وقد كُتب عليها: «بابانيان: مؤلف لأكثر من ستّة وخمسين مؤلفاً في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية».
حقاً من لا يستحي يفعل ما يشاء!