رياضة

مباراة سورية واليابان حديث الصحافة والإعلام…من المستفيد الأكبر؟ وهل التوقيت مشكلة؟

 محمود قرقورا : 

منذ المؤتمر الصحفي الذي عقده اتحاد كرة القدم بحضور رئيس الاتحاد صلاح رمضان والمدرب فجر إبراهيم ومدير المنتخب فادي دباس، تبيّن أن توقيت مباراة سورية واليابان خلال التصفيات المونديالية لن يمر على خير، فالمدرب فجر أعلنها للمقربين في تلك اللحظة أنه سيقدم استقالته إذا لم يكن توقيت المباراة كما يريد عند الثامنة مساء بتوقيت دمشق، ورئيس الاتحاد حينها تركز حديثه ومداخلاته على العروض المقدمة من الشركات الراعية للفوز بحقوق النقل، وبعد شهرين ونيف لم يتغيّر شيء سوى استفحال المشكلة كدليل جديد على الهوة بين أعضاء الاتحاد وإدارة المنتخب.
هل التوقيت هو المشكلة الحقيقية أم إن هناك ضغوطاً تمارس بحق أي من الأطراف وهل هناك أياد ملوثة من هذه الصفقة؟
في صحيفة «الوطن» لن نميل إلى أي طرف ولن نأخذ رأي أي من المعنيين، ولا نريد أن يفهم من كلامنا أننا نشرّف فجر إبراهيم ونتهم اتحاد الكرة والقيادة الرياضية، والعكس بالعكس..

وحّدوا رأيكم
لرئيس الاتحاد والمدرب ومدير المنتخب أقول: كان ممكناً أن توحّدوا رأيكم بجلسة مناقشات سرية بينكم حيال الموضوع ولا داعي للبلبلة، وإذا لم تكونوا قادرين على الاتفاق في مشكلة صغيرة كهذه بالحوار والتفاهم وتقريب وجهات النظر فاسمحوا لنا بالقول: إن وراء الأكمة ما وراءها.
صلاح رمضان يقول لفجر إبراهيم: إذا كنت واثقاً من الفوز عند الساعة الثامنة فنحن جاهزون لتثبيتها في هذا التوقيت، فهذا كلام غير مستساغ وخاصة أن الرمضان ابن اللعبة ويعلم علم اليقين أنه لا نتيجة مضمونة على الورق في عالم كرة القدم، وهل اللعب عند الخامسة مساء يضمن لنا الفوز يا كابتن صلاح؟ ثم هل توافق اليابان على تحديد مباراتنا معها بأرضها بما يناسبنا نحن؟
عندما يقول رئيس الاتحاد إن الشركة الراعية هي التي تريد هذا التوقيت وكلنا يعلم أن الشركة سورية ولها دور رائد في دفع عجلة الرياضة السورية إلى الأمام، ولا نظن أنها ستتخلى عن ممارسة هذا الدور، وأعتقد أنه لو طلب من مديرها أي توقيت يناسب منتخبنا لما كان قد توانى.
وعندما يبرر أصحاب الشأن في الاتحاد السوري لكرة القدم بأن مباريات الأندية الكبيرة في أوروبا تحدد بناء على طلب الشركات فهذا غير صحيح، فالاتحاد المعني في كل بلد هو من يحدد توقيت مباريات بطولاته المحلية وأمكنتها ولا مانع من اتفاقها مع الشركات الراعية.
وعندما تقولون لنا: البرازيل لعبت في كأس العالم بتوقيت قاس لا يناسبها عليكم العلم أن مباريات كأس العالم يحددها الفيفا وليس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، وإنما كل اتحاد معني يحدد زمان ومكان مبارياته بأرضه خلال التصفيات القارية والدولية..

أمثلة
يستشهد المؤلف الإنكليزي ديفيد يالوب في كتابه (كيف سرقوا اللعبة؟) وهو كتاب يتحدث عن فساد الفيفا خلال العقد الأخير من القرن المنصرم بجملة أمور تنطبق على حال مباراتنا مع اليابان فيقول:
لعبت البرازيل خلال رحلة تصفيات مونديال 1994 أمام الإكوادور وبوليفيا وفنزويلا والأورغواي خارج أرضها ذهاباً وهذا امتياز مشوب للقاصي والداني، وقبل المباراة الأولى للبرازيل التي كانت مقررة في العاصمة الإكوادوية كويتو يوم 18 تموز 1993 دارت مباحثات سرية بين رئيس الاتحاد البرازيلي تيكسيرا ورئيس اتحاد الإكوادور بهدف نقل المباراة من العاصمة كويتو المرتفعة عن سطح البحر إلى غواياكيل البحرية فرفض رئيس اتحاد الإكوادور بادئ الأمر قبل الرضوخ لقاء 100 ألف دولار كرسم تعاون بين الاتحادين البرازيلي والإكوادوري ومع ذلك انتهت المباراة دون أهداف.
المباراة الثانية للبرازيل حينها كانت بأرض بوليفيا في عاصمتها لاباز الشاهقة الارتفاع عن سطح البحر وحاول تيكسيرا رشوة رئيس الاتحاد البوليفي لنقل المباراة إلى مدينة سانتا كروز ديل لاسيرا ووصل المبلغ إلى 300 ألف دولار لكن الاتحاد البوليفي طلب مليون دولار، وبالفعل جرت المباراة في لاباز وتعرّضت البرازيل للخسارة الأولى بتاريخ مشاركاتها في التصفيات المونديالية ذاك الوقت بعد 31 مباراة بسجل نظيف.
ومن منا ينسى الحادثة الشهيرة عندما فرض الاتحاد الكويتي على منتخبنا خوض مباراة تصفيات مونديال 1986 بعز الظهيرة.
ما نريد قوله من هذه الأمثلة أنه لا أحد يجبر اتحادنا على التوقيت، وكلنا يعلم أن تيكسيرا رئيس الاتحاد البرازيلي هو زوج ابنة رئيس الاتحاد الدولي جواو هافيلانج الديكتاتور الملقب بملك الشمس الذي كان صاحب نفوذ لا يضاهيه نفوذ كروي، ومع ذلك لم يقبل البوليفيون الانصياع.
أما نحن فقبلنا بهدية 400 كرة في جلسة ودية كرسم تعاون بين اتحادنا والاتحاد الياباني فور معرفة الاتحاد الياباني بأنه سيواجه المنتخب السوري بموجب القرعة المونديالية، فما سر هذا اللطف المفاجئ من الاتحاد الياباني، ولماذا لم يستدعنا لأي مباراة ودية في وقت كنا نبحث فيه «بالسراج والفتيلة» ومازلنا عن مباريات ودية نوعية دون طائل؟! ولماذا لم نستثمر هذه الصفقة بإجراء معسكر للمنتخب الأولمبي أو الشباب أو الناشئين في اليابان على نفقة الاتحاد الياباني؟

ما قل ودل
لا شك في أن توقيت المباراة ليس معضلة حقيقية وقد يكون أحد الشماعات التي يراها المدرب فجر ويلعب على وترها من الآن تبريراً لخسارة قد تحصل، وكان ممكناً تلافي اللغط لو قال فجر لاتحاد اللعبة إنه غير مسؤول عن خسارة المباراة وينتهي الأمر برمته أو أن الاتحاد يبرئ فجر من الآن عند خسارة المباراة وخاصة أن شارعنا سيرضى بالنتيجة أياً كانت.
وعندما يقحم رئيس اتحاد الكرة صلاح رمضان نفسه بالمشكلة مدافعاً دفاع المستميت عن قرار التوقيت عند الخامسة فهذه قضية أخرى لا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام، وأين دور القيادة الرياضية في هذه القضية ولماذا لم تقرّب وجهات النظر وتمنع الخوض في حيثياتها؟
وأختم بالقول: إذا كان همنا المال فلماذا لم نفاوض الاتحاد الياباني بلعب المباراة على أرضه ونجني ضعف ما جنيناه على الأقل، وعندها لا بأس إذا كانت الأمور كلها معلنة فوق الطاولة، أما أن نوافق على التوقيت الذي تريده اليابان دون عوائد مادية لاتحادنا على حين طلبت بوليفيا مليون دولار قبل اثنين وعشرين عاماً فهذا يعني تنازلاً بشكل من الأشكال أو أن هناك أموراً غير معلنة والله أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن