قضايا وآراء

منبج وشرق سورية ومصير جبهة أستانا

| موفق محمد

رغم أن العملية العسكرية التركية في عفرين ضد الوحدات الكردية لا تزال في أيامها الأولى، إلا أن رائحة «مقايضات» حصلت بشأنها بين الدول الفاعلة في الأزمة السورية سرعان ما أذكت أنوف المحللين، وباتت السؤال المطروح، هل ينفذ رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان تهديداته بمواصلة العملية لتشمل منبج بـ«مقايضات» أخرى؟
من نافل القول، إن روسيا كان لها نفوذ في عفرين، وكان فيها شرطة عسكرية روسية، ومع بداية العملية العسكرية التركية سحبت تلك القوات، لكن اللافت كان مقال نشرَه الموقعُ الإلكتروني لـ«قناة روسيا» تحت عنوانَ «صفقة روسيّة تركيّة: عفرين مقابل إدلب».
الموقف الأميركي في بداية العملية، لم يخل في ثناياه من ضوء أخضر لتركيا للقيام بالعملية، فواشنطن انتقَدَت العمليّة، لكنهّا لم تَعترض عليها، واكتفت بالدعوة إلى «ضبط النفس»، لا بل استبقت العملية بالتأكيد أن عفرين ليست من ضمن نطاق عمليات «التحالف الدولي» الذي تقوده، ووصل الأمر بوزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بتهديد حزب «الاتحاد الديمقراطي– با يا دا»، بقطع الدعم عنه في حال نقل مسلحيه من شرق البلاد إلى عفرين لمواجهة تركيا والميليشيات السورية المدعومة منها.
اللافت أكثر في المواقف الدولية، كان انتهاء جلسة لمجلس الأمن الدولي الإثنين حول الوضع في سورية من دون إصدار أي إدانات أو قرار بشأن العملية التركية في عفرين! وهو مجلس معروف للجميع تحكم الدول الخمس الكبرى بقراراته وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية.
وبينما نددت دمشق بـ«العدوان التركي الغاشم» واعتبرت أنه امتداد لنهج تركيا في «دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية على اختلاف تسمياتها»، أعربت طهران عن «القلق» منها، ودعت إلى إنهائها بأسرع وقت.
تصريحات أردوغان باجتياح منبج، يبدو أنها رفعت من نبرة الموقف الأميركي فبعد تأكيد واشنطن على «حق أنقرة في حماية حدودها وأمنها القومي»، عادت لانتقاد الهجوم ودعوة تركيا لكي تكون عملياتها «محدودة في الحجم والمدة»، بالترافق مع وجود وفد أميركي في أنقرة للتنسيق مع السلطات التركية حول العملية، في مؤشر على قلق يعتري واشنطن.
مما لاشك فيه أن هذا القلق الأميركي مرتبط بتخوّف من أن تتخطى تركيا في «غصن الزيتون» منطقة عفرين، وتصل إلى منبج، ففي الأخيرة توجد قوات أميركية وأخرى من «قوات سورية الديمقراطية – قسد» المتحالفة مع أميركا، التي تشدد على الدوام على أن أولوية حماية قواتها وحلفائها على الأرض كون سيطرتهم على المنطقة يمنحها النفوذ الدبلوماسي الذي تحتاج إليه لإحياء المحادثات الكسيحة التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف.
في ظل عدم التوافق التام للثلاثي الضامن لمسار أستانا، وموقف دمشق المتشدد من «العدوان التركي الغاشم»، يبدو أن مصير منبج سيحدده مسار تفاوض قاس بين أميركا وتركيا وستختلف «المقايضات» حولها بعد عملية عفرين، وقد نشهد توترات ميدانية مرتبطة بالعملية التفاوضية التي ستجري، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل ستنجح أميركا بجلب النظام التركي إلى تحالفها وإبعاده عن التحالف الروسي الإيراني، وهل سيستغني النظام التركي عن شريكه في أستانا من أجل تفاهم مع أميركا حول منبج وشرق سورية، سؤال الإجابة عنه ستحدده «مفاوضات» واشنطن وأنقرة القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن