لأنها كرة القدم

| خالد عرنوس

لو أن منتخبنا الأولمبي سجل هدفاً من كم الفرص السهلة أمام المرمى الفيتنامي لتغيرت خريطة الكأس الآسيوية بنسختها الثالثة التي اختتمت في الصين وتوج بنهايتها المنتخب الأوزبكي بطلاً بفضل هدف الدقيقة 120، ولو أن فالنسيا سجل من الفرص أمام مرمى الريـال لما خرج بهذه الهزيمة العريضة، ولو أن الحكم كانت عنده الجرأة الكافية لاحتساب ركلة جزاء ضد برشلونة في الديربي الكاتالوني فليس من الضروري أن يخرج البرشا من ربع نهائي الكأس لكنه بالتأكيد كان سيجد صعوبة أكبر خاصة أن توقيت الحالة المذكورة قرابة الدقيقة 80.
هذا واحد من أسرار اللعبة الشعبية الأولى وأحد الأسباب التي زادت في محبتنا لها وشغفنا بها، فبالعودة إلى بطولة آسيا الأولمبية نجد أن الترشيحات قبل انطلاقها وضعت فيتنام في المرتبة الأخيرة ضمن المجموعة الرابعة لأسباب كثيرة أهمها بالطبع تأخر كرة القدم في فيتنام، إلا أن الفريق الملقب بالتنين الأحمر قلب التوقعات فهزم الكنغارو وصمد أمام نسور قاسيون مسجلاً حضوره الأول في ربع نهائي البطولة، وهناك بدأت حكاية أخرى من كتابة التاريخ على طريقة السلحفاة فكسب العراق ثم قطر بالترجيح ليصل إلى النهائي وهناك كان على الطريق الصحيح الذي رسمه مدربه بارك هانغ سيو بسحب الأوزبك إلى الترجيح لولا أن الدقيقة الأخيرة خانته وكانت بالفعل قاتلة للحلم الجميل لكنه بالنهاية نال الإعجاب وسينال التكريم المستحق في بلاده وهناك حكاية أخرى.
ولأن كرة القدم لم تعد مجرد لعبة بل أكثر من ذلك بكثير فقد وجد الفيتناميون في إنجاز شبابهم أمراً كبيراً يستدعي الاحتفال، والغريب أن احتفالات الناس في شوارع المدن الفيتنامية طغت على صور مباريات الفريق الوطني في كرنفالات شعبية، حتى إن صور الجماهير المجتمعة في ساحات كبيرة لمتابعة المباراة النهائية تقدمت على صور المواجهة التتويجية التي أقيمت وسط أجواء ثلجية.
هذه الصور أعادتني بالذاكرة إلى وقت قريب حيث عشنا في سورية الحالة ذاتها عندما تألق نسورنا في التصفيات المونديالية وباتت حكايتهم على كل لسان، هذه حال الكرة فهي حالة ثقافية اجتماعية حضارية ترتقي بالشعوب التي تجد في منتخباتها الوطنية سبباً رئيساً في نسيان الهموم والمآسي، وهاهي المنتخبات البرازيلية المتلاحقة تساهم في رفع بعض من المعاناة الاجتماعية ولو معنوياً بالحد الأدنى عن الشعب الذي ترزح أغلبيته تحت خط الفقر.