«حماس» و«دردشات» الإمارة على أشلاء الفلسطينيين!
مأمون الحسيني
بخطا حثيثة متسارعة، وتتويجاً لأكوام الخطايا والموبقات الوطنية والقومية والاجتماعية والأخلاقية التي ارتكبتها، بما في ذلك انقلابها الأيديولوجي والسياسي والجغرافي والديمغرافي على منظمة التحرير، وعلى المشروع الوطني الفلسطيني في قطاع غزة عام 2007، والتآمر على الأشقاء والحلفاء في سورية (ومصر) وعلى «حق العودة»، بعد مساهمة ذراعها الإرهابي «أكناف بيت المقدس» في قتل وتهجير فلسطينيي مخيم اليرموك، وتحت وابل من شعارات الكذب والتضليل الديماغوجي «الحلال»، تستكمل حركة «حماس» حلقات مشروعها «الإخواني» المتموضع، إقليمياً، في إطار ما يطلق عليه زورا «المحور السني» المكون من أنظمة الخليج وتركيا ومجمل حركات التكفير الإرهابية التي تعمل على تدمير كل من سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا وتفتيتها عرقيا ومذهبيا، والقائم، محليا، على تدمير المشروع الوطني الفلسطيني وبناء سلطة حمساوية شمولية في قطاع غزة تحت مسمى «الإمارة الإسلامية».
ومع أن مشروع الإمارة، أو الدولة في قطاع غزة الذي كان حاضرا في كل مشاريع الحلول الأميركية- الإسرائيلية المعدة للقضية الفلسطينية وللصراع العربي- الإسرائيلي ومستقبل المنطقة، حاول الإطلال برأسه خلال فترة حكم «الإخوان المسلمين» القصيرة في مصر، إلا أن محاولات إعادة إنتاجه اليوم تجري على وقع الهجوم البربري المتعدد الجنسيات الذي تتعرض له الدول الوطنية العربية ذات البعد القومي، وتحت ظلال لوحة متشابكة ومعقدة من الصراع العالمي والإقليمي. أما جديده فهو اعتراف أحد قادة «حماس المدعو د. أحمد يوسف بأن هناك «دردشات» تجري بين حركته وإسرائيل، من خلال وسطاء إقليميين ودوليين، تتعلق بملفي التهدئة والميناء و«إيجاد مخرج لقضية الحصار بفتح ممر بحري للتواصل مع العالم الخارجي». وحسب تقارير عبرية فإن مسؤولين قطريين كبارا توجهوا إلى إسرائيل وشاركوا في هذا الحوار غير المباشر الذي يحظى بدعم رئيس الأركان غادي ايزنكوت والجنرال يوآف مردخاي منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية.
وبعيداً عن عدم مشروعية قيام «حماس» التي تفعل كل ما بوسعها لإدامة الانقسام الفلسطيني، أو أي فصيل سياسي آخر، بفتح حوار أو «دردشات» مع إسرائيل، أو أية دولة أخرى، فإن التدقيق في شكل ومضمون وآليات هذه المفاوضات غير المباشرة التي ربما تفضي إلى «تفاهمات»، أو حتى «اتفاقيات»، يفيد بأن المؤسسة الإسرائيلية ستستخدم هذه المنصة لتكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية، وشق وحدة الشعب الفلسطيني وتمثيله السياسي ومؤسساته الدستورية، وتاليا، سحب البساط من تحت أقدام «الشرعية الفلسطينية» و«حل الدولتين» لمصلحة العودة إلى خيار توسيع الاستيطان والضم في الضفة، وإلحاق ما تبقى من «كانتونات» ذات كثافة سكانية بمملكة الهاشميين في الأردن، ناهيك عن استخدام كل الوسائل والأساليب لفرض رقابة شديدة على سلاح قوى المقاومة في غزة، كخطوة أولى على طريق نزع هذا السلاح وفق معادلة «الأمن والهدوء مقابل الغذاء».
في المقابل، تأمل «حماس» التي ينبغي التذكير بأنها تجاهلت قضايا الاستيطان وتهويد القدس وربط قطاع غزة بالضفة الغربية، أثناء مفاوضات وقف إطلاق النار التي أدارتها بعد الأسبوع الأول من العدوان الإسرائيلي الأخير، وانحصرت مطالبها في إعادة بناء المطار والميناء، والإفراج عن المحررين في صفقة شاليت، وفك الحصار. تأمل في أن تتمكن في فك الحصار المفروض على قطاع غزة، عبر البحر والجو، واستكمال بناء مقومات «الإمارة» بالاستناد إلى دعم بعض الدول والكيانات الإقليمية كتركيا وقطر، وربما السعودية، ودعم «الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي الأخرى، وذلك بانتظار تلاشي دور وتأثير منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية اللتين تواجهان استحقاقات حاسمة ومصيرية، للقفز نحو قيادة دفة الفوضى والتربع فوق أشلاء الفلسطينيين وشظايا قضيتهم الوطنية وتصدر مشهد الخراب.