إسرائيل واللعب على حبل التناقضات الخليجية
| تحسين الحلبي
نشر مركز دراسات هيرتسيليا الإسرائيلي في الشهر الماضي خلاصة ندوة أبحاث سياسية بعنوان: «الطاولة المستديرة.. المواجهة بين السعودية وإيران ونتائجها بالنسبة لإسرائيل» أدارها العقيد المتقاعد من سلاح المخابرات العسكرية الإسرائيلي شاؤول شاي، وعرض الموقع الإلكتروني لمركز هيرتسيليا بالعبرية التوصيات والمقترحات على الشكل التالي:
1- من مصلحة إسرائيل الآن عدم الوصول إلى حرب مباشرة عسكرية مع جبهة الشمال رغم أن إيران تضع إسرائيل أمام امتحان بين فترة وأخرى، ومن مصلحة إسرائيل ألا يستمر الوجود العسكري الإيراني في سورية على المدى الطويل.
2- تحت عنوان: «إسرائيل والمعسكر العربي السني» يرى المركز أن «عملية توافق المصالح بين إسرائيل والمعسكر السني الذي تقوده السعودية ستظل مؤقتة ومن المحتمل أن تختفي بسبب التغيرات الديناميكية التي يتميز بها واقع الشرق الأوسط في هذه الأوقات» وبناء على هذا التقدير توصي الندوة بأن «تحاول استغلال نافذة الفرص الإستراتيجية من أجل تعميق وتوسيع التعاون مع المملكة السعودية والدول السنية الأخرى، ولذلك يصبح المطلوب هو انتهاج سياسة إسرائيلية موزونة تؤدي إلى إنضاج الإجراءات وتجنيب السعودية أزمات تلحق الضرر بتقاربها مع إسرائيل، ومن هذه الأزمات ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني وتأثيره على المنطقة» وتوصي الندوة القيادة الإسرائيلية بعدم تحويل إسرائيل «إلى أداة للسعودية في المواجهة مع المحور الإيراني إذا كان ذلك سيلحق الضرر بالمصالح الإسرائيلية بشكل أساسي».
وعلى إسرائيل أيضاً مراقبة كل أنواع الأسلحة التي تشتريها السعودية ودول الخليج لكيلا تقع بأيد تستهدف إسرائيل، وتحذر الندوة من الدور العراقي المتصاعد بقدرته على اتخاذ قرارات تلحق الأضرار بالمصالح الإسرائيلية والسعودية، فالعراق بموجب ما يراه مركز هيرتسيليا، قابل لتشكيل قوة مهمة في رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وفي ظل هذه التوصيات من المؤكد أن قواعد اللعبة الإسرائيلية وسط هذه الدول المتحالفة مع واشنطن لابد أن تكون متوافقة جداً مع قواعد اللعبة الأميركية، فمن الواضح أن واشنطن هي التي تحرك ما يسمى النزاع بين الدوحة والرياض لمصلحة بعيدة المدى في رؤيتها لمستقبل دول شبه الجزيرة العربية من «عُمان» حتى حدود الأردن، فاللعبة الأميركية واضحة حول «فبركة» أسباب النزاع وخصوصاً أن موضوع دعم قطر للإخوان المسلمين ليس سياسة قطرية خاصة بل هو سياسة أميركية بريطانية توجهها العاصمتان لقطر والرياض وغيرهما من الدول الحليفة، أولم تكن السعودية الراعي الأكبر والمباشر لكل الإخوان المسلمين وللإسلاميين في العالم بموجب تعليمات الإدارات الأميركية؟
وفي تحليل نشره «معهد الولايات المتحدة للسلام في 13 كانون الأول الماضي يرى المختص بالشؤون السعودية خلال أربعين سنة والمحلل السياسي في وكالة المخابرات المركزية الأميركية بروس ريديل أن المملكة السعودية أصبحت تشبه «الدولة الفاشلة» ولقد انتهى عهد الأبناء الملوك وأصبحت الآن بأيدي الأحفاد المتنازعين ليجدوا أن مملكتهم عاجزة عن الانتصار على اليمن الأشد فقراً، وعلى قطر أصغر إمارة، وحين يفشلون في خارج دولتهم سينشغلون في داخل هذه الدولة ذات المساحة الكبيرة. ويرى آرون ديفيد ميللير من المعهد نفسه، أن ترامب أمامه مهمة غير مسبوقة مع السعودية بشكل خاص ما دامت تحولت إلى دولة تتولد النزاعات داخلها، ولأن الجميع يدرك أن الإدارات الأميركية هي التي تتحكم بمعظم القرارات الأساسية لجميع دول شبه الجزيرة العربية، فإنها، أي واشنطن، هي القادرة وحدها أن ترسم أي خارطة جديدة للسعودية وقد تكون وجهت السعودية نحو اليمن لتقسيمها للاستدارة فيما بعد نحو تقسيم السعودية نفسها، فبريطانيا ما تزال ترى في تقسيمها لدول الخليج الخمس أفضل الطرق لإدارة مصالحها من دون متاعب ويبدو أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يهمهما سوى تحقيق مصالحهما بأدنى المتاعب مع دولة مثل السعودية!