من دفتر الوطن

معارك الحياة..!

| عصام داري 

كثيرة هي اﻷفكار التي تراودني في كل ثانية من حياتي، يتقدمها الحب والسلام والشعر والموسيقا والغناء، لكنني ﻻ أملك الوسائل واﻷدوات التي تمكنني من جمع كل مقومات الجمال والروعة والحياة المرغوب فيها كما يجب، وتفجير ينابيع الفرح والسرور في هذا العالم الذي صار أشبه بغابة واسعة يسود فيها قانون التوحش ويحتلها الغيلان.
لكنني أعشق البدايات لأنها العناوين لما سيأتي، من مطلع النهار، فمع شمس النهار تشرق شموس أرضية تعطي الحياة نكهة خاصة، ويصبح لها معنى ومبرر كي نتمسك بالحياة الدنيا وحلاوتها، على جمال لا حدود له، وابتسامة ترسم حدود الفصل والتماس بين الحقيقة والخيال.
جاء نهار آخر نعيشه لغدنا، نسترق السمع لأحاديث الحمائم، لحوار الفراشة مع الشمعة، للنار والماء، لكل متناقضات الحياة، فالإنسان هو نتيجة خبرة قرون في التناقضات، لذا هو والتناقض توءمان.
جاء نهار آخر ونحن كما نحن، كما كنا في الأمس، نحارب على ألف جبهة كي تصبح الحياة أحلى، وكي نستطيع أن نشعر بالحلاوة في العلقم، من يحب الحياة يحول النار إلى برد وسلام، والعلقم إلى ثمر حلو المذاق، والحزن إلى فرح، إنها لعبة المتناقضات، ولا يستطيع أي شخص أن يتقنها.
ولأن الأفكار كثيرة، كما بدأت كلامي، فقد قررت أن أكتب على جدران المدن عن التعب القادم، وسأكتب على أرصفة الطرق احتجاجاتي المكبوتة منذ ولادة التاريخ البشري على كل من يسكنه الحقد والكراهية ويغتال الإنسان والطبيعة، سأحفر على جذوع الشجر أناشيد استغاثة لأهل السماء أن ترفقوا بنا بعد أن خذلنا أهل الأرض وحولونا إلى وجبات سهلة الهضم.
سأكتب عن ساعات الفرح التي تعبر حياتنا الطويلة الرتيبة والمملة، لكنها ساعات قليلة جداً، هي اللحظات التي تسمح لنا أن نغوص في بحار المتعة، ونغرف من أنهار اللذة.
الحياة فرص لا تتكرر، ومن يهدر فرصة فرح فإنه لن يعوضها أبداً، فهذه الفرص كماء نهر سريع ﻻ تتكرر على الاطلاق فالزمن غادر والسنون ﻻ تجامل، وفي رباعيات الخيام بيت شعر يلخص الحكاية: (واغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي الأمان).
دعونا نعش دقائق حياتنا المعدودة وكأنها العمر كله، واللحظة هي أصلاً كل العمر، مادامت اللحظة التي فاتت قبل قليل دخلت في الماضي وصارت تاريخاً، واللحظة القادمة نجهل ماذا تحمل لنا، وهي المستقبل.
سأراهن بكل رصيدي على الفرح القادم الذي يجهز على سنوات الجمر والقهر، الفرح من صنعنا نحن، والتفاؤل شريكنا، والأمل طريقنا، والدعوة مفتوحة لعشاق الحياة والحب والنور.
رأيت فساداً يتوالد من فساد، والذين يدفعون الثمن هم العباد.
رأيت الأغنياء يزدادون فرداً ويتزايد الفقراء مئات.
مهما داسوا بأقدامهم القذرة على الورود والأزاهير، وسحقوها فسنواصل زراعة الورد على مساحة الوطن، لتزهر خيراً وعطاء، وتعطي شلالات عطور.
إرادة الحياة والتحدي هي التي نمتلكها وهي التي ترسم شخصيتنا، ورغبتنا في السير على دروب الحب، هي التي توصلنا إلى المستقبل الذي نبتغيه، ولن يكسر أحد إرادتنا ورغبتنا في الحياة والحب والنشاط والبناء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن