صدمة القلب!
| عبد الفتاح العوض
بعد الحرب العالمية الثانية أطلق علماء النفس على الأمراض النفسية الناتجة عن الحرب تعبير «صدمة القنبلة».. تغيرت التسميات مع كل حرب وزادت الأمراض، لكن شيئاً واحداً لم يتغير هو أن الحروب تجعلنا أكثر «جنوناً»!
لو كان لأحد أن يختار اسماً للأمراض النفسية التي تصيب السوريين ربما ستكون تسمية «صدمة القلب» أكثر ما يعبر عن حالتنا النفسية، ذلك أن أمراض النفس ما هي إلا أوجاع قلب ضاق بإقامة الأحزان فيه.
يقول الدكتور رمضان محفورة وهو مدير الصحة النفسية في سورية إن الأمراض النفسية عند السوريين زادت 100 بالمئة عما كانت عليه قبل الحرب.
يمكننا أن نتعامل مع هذا الرقم- رغم ضخامته- على أنه حالة طبيعية لبلد يعيش الحرب منذ سبعة أعوام وهو يطرق باب السنة الثامنة بقوة!
هذا البلد الذي يتضاعف عدد مرضاه ينقص فيه عدد أطبائه، مفارقة مؤلمة وموجعة تزيد الأمر سوءاً.. ففي سورية الآن فقط 70 طبيباً نفسياً على حين نحن بحاجة إلى ألفي طبيب، ومع ذلك لا يوجد في سورية إلا ثلاثة مشاف نفسية تديرها الحكومة وخرجت المشافي النفسية الخاصة من الخدمة.
حاولت هنا أن أضعكم في الصورة العامة لحالتنا النفسية.. أعرف أنها صورة تكاد تكون سوداوية وربما لم تظهر نتائجها حتى الآن، والتأثيرات على المجتمع ما زالت في نطاق زيادة الطلاق ومشاكل أسرية أخرى لكن ليس هناك دراسة سورية واضحة عما يجري في الحالة النفسية للسوريين.
علينا أن نعترف أننا لسنا على ما يرام نفسياً، وهذه أول خطوة لمحاولة العلاج النفسي.
الخبر الجيد أن السوريين أثبتوا قدرتهم على تحمل ما يسمونه «الشدة النفسية» ويبدو أن لدى السوري قدرة على الشفاء النفسي الذاتي، التي تتمثل في طرق شخصية يتبعها الفرد وحده وتؤدي إلى نتائج ايجابية.
كيف يستطيع المواطن السوري أن يقوم بمداواة نفسه؟ يعتبر من أحد الأسئلة التي يصعب جداً الإجابة عليها، لدينا قدرة على التكيف مع الأحزان والتعايش معها ومن ثم التغلب عليها. هذه إحدى الوسائل المهمة في العلاج النفسي.
لكن واحدة من الوسائل الدفاعية التي يتبعها الكثير منا هي وسيلة «التظاهر» بالرضا أو بالقناعة.
هذه الطريقة التي تبدو أنها «مرض» اجتماعي ليست إلا دواء ذا فاعلية لمحاولة التأقلم النفسي مع كل ما يحيط بالسوري في هذه الحرب المجنونة.
يفعل السوريون كل ما بوسعهم ليظهروا «ليتظاهروا» أنهم على «ما يرام» وأن الأمور «جيدة».
لكن ورغم ذلك علينا أن نتعامل على أننا شعب يعاني مشكلات كثيرة منها «النفسية».
وحتى الآن لا يوجد دعم حكومي للطب النفسي في سورية، فالمسألة تتعلق بالأولويات، عندما يكون لديك التزامات على المستوى الحياتي فإن الحديث عن الدعم النفسي يصبح حاجة قابلة للتأجيل، وهو الأمر الذي لا تتبعه الحكومات فقط، بل على مستوى الأفراد فإن ضمن أولويات أحدهم الآن تأمين السكن والغذاء أكثر من تأمين جلسة علاج نفسي.
في الأزمات النفسية… الشعب السوري هو حقا طبيب نفسه.
أقوال:
– قبل أن تقرر أنك مصاب بالاكتئاب النفسي والإحباط، تأكد أنك لم تكن محاطاً بالأغبياء.
– خسارة بعض البشر مكسب لصحتك النفسية.
– لو غيّرنا ظروف الناس لتغيرت أخلاقهم طبعاً.