«باب الحارة» كسر الحدود وأوصلني إلى أميركا … محمد خير الجراح لـ«الوطن»: أستغرب عدم امتلاكنا متحفاً فنياً للتذكير بمبدعينا والكرة في ملعب المسؤولين
| وائل العدس
فنان سوري متعدد المواهب والصفات، درس إدارة الأعمال لكنه لم يقف عند هذه الحدود، بل وسع نشاطه وعشق الفن ليدخل حيز التمثيل والغناء متأثراً بوالده الفنان الكبير الراحل عبد الوهاب الجراح.
يتميز بخفة دمه ورقي أخلاقه والتزامه بأدب التعامل كفنان بكل ما يحمله من مشاعر وأحاسيس رقيقة، لذلك ينال تقدير واحترام الجميع.
بدأ مسيرته الفنية عام 1996 بمسلسلي «أيام الغضب» و«خان الحرير»، ثم توالت أعماله مقدماً أكثر من 150 مسلسلاً، أهمها «الزير سالم» و«بقعة ضوء» و«باب الحارة» و«صبايا» و«حمام القيشاني» و«ربيع قرطبة» و«ليالي الصالحية» و«مرايا» و«الانتظار» و«كوم الحجر» و«باب المقام» و«تحت المداس» و«زمن العار» و«الخربة» و«بواب الريح» و«الطواريد» و«وردة شامية».
النجم محمد خير الجراح حل ضيفاً على «الوطن» من خلال الحوار التالي:
لنبدأ من حيث انتهيت.. أخبرنا عن مشاركاتك الدرامية لهذا العام.
افتتحتُ الموسم الدرامي بالمشاركة في مسلسل «فوضى» مع المخرج سمير حسين بشخصية «فؤاد»، ثم شاركت في المسلسل الشامي «حريم الشاويش» مع المخرج أسعد عيد بشخصية «زكو» غير الإيجابية ولا السوية والتي تفتعل المشكلات ويتم اتهامها بالنميمة وتتسبب بالعديد من الأحداث.
وأستعد للمشاركة في المسلسل التاريخي «هارون الرشيد» بشخصية الشاعر «أبو العتاهية»، كما أحضّر للسفر إلى لبنان للمشاركة في مسلسل «ميادة وأولادها»، علماً أنني شاركت في المسلسل العربي المشترك «أبناء القلعة» ويعرض حالياً على أكثر من قناة.
خلال العام الماضي شاركت في الكثير من الفعاليات، منها «هنا لنا– نتذكر».
نعم، وهي من أهم الفعاليات التي أقيمت في سورية من مبادرة «أحباب يا بلدي»، وقد ذكرتنا بالكبيرين أبو خليل القباني وعمر حجو، إضافة إلى العمال الذين كُرموا بعيد اختتام الحفل. علماً أن كل المشاركين من ممثلين وموسيقيين كانوا متبرعين بجهودهم وعلى رأسهم الكبير دريد لحام.
كنتُ متحمساً لهذه الفعالية منذ البداية، وعندما وزع الريع على عمال النظافة والإسعاف والكهرباء المتضررين من الأزمة في حلب تحمست أكثر.
هل لوجود دريد لحام أثر؟
طبعاً، هو قامة عظيمة وجزء مضيء من التاريخ السوري، له ميزات كبيرة كنجم، منها أنه لم يمثل إلا باللهجة السورية فنجح بحمل ونشر هذه اللهجة إلى أرجاء الوطن العربي، مثله مثل صباح فخري الذي نشر فن الغناء السوري في أنحاء العام.
ولنعترف أننا مقصرون بحق فنان بحجم عمر حجو، والكرة في ملعب المسؤولين، لأن جزءاً كبيراً من ذاكرتنا بدأ بالاندثار وبات طي النسيان، وأستغرب أننا لا نمتلك متحفاً فنياً للتذكير بمبدعينا من ممثلين ومغنين ونحاتين وشعراء، بل أفاجأ عند دخولي إلى دار الأسد للثقافة والفنون بصور لكل فناني الدنيا إلا الفنانين السوريين.
في لبنان تجد حارات وشوارع بأسماء الفنانين، وفي إحدى زياراتي لإحدى مناطق لبنان شاهدت مجسماً يضم منحوتة لفيروز وصباح وزكي ناصيف وفيلمون وهبي وغيرهم، وأعتقد أن دريد لحام وصباح فخري مثلاً يستحقان نصبين تذكاريين، لأن ذلك جزء من التمسك بالهوية والذاكرة ولا يكلف كثيراً على الجانب المادي.
لكن يقال إن الوسط الفني غير وفي!.
الوسط لا يقدم، اسأل المؤسسة التي تمثل الفنانين: «ماذا قدمت للفنانين»؟.
تقصد نقابة الفنانين؟
طبعاً، هي الجهة الوصائية وعندها قانون وسلطة وإمكانية التصرف والتخاطب، لكن دورها مقتصر على جبي الأموال فقط.
أنا عضو نقابي وأدفع اشتراكاتي وذممي المستحقة لأن المتقاعدين وعوائل الراحلين بحاجة إلى هذه المبالغ، لكن النقابة بالعموم لا تقدم أي خدمات إلا في الحدود الدنيا.
بالعودة إلى الفعاليات الإنسانية، شاهدناك أيضاً بعرض مسرحي مع «جوقة الفرح».
«جوقة الفرح» كمجموعة نجم واسم لامع وكبير تحت رعاية الأب إلياس زحلاوي الذي نجح من خلال هذا المشروع بإيصال أصوات شبابنا إلى كل أصقاع الدنيا، وأنا سعيد أنني وقفت معها على خشبة المسرح.
المختلف في عرض «بروفة الميلاد» الاعتماد على نجوم من خارج الجوقة بسبب الثقة التي منحها الأب زحلاوي للمخرج الشاب عروة العربي، فتمت مواءمة الطقس الاحتفالي الديني مع المسرح، ونجحنا في الدمج في الأداء التمثيلي والغناء في الوقت نفسه ضمن قالب درامي مسرحي، علماً أننا قدمنا كل شيء بشكل مباشر وغير مسجل.
العرض ذهب باتجاه الطابع الإنساني أكثر من التفاصيل الدينية المسيحية، وقدّم رسالة بأن الميلاد ليس شكلاً وطقساً وصلاة فقط، بل روح ومعنى يحمل التسامح والمحبة، وأتمنى أن أعيد هذه التجربة لأنها تؤسس لمسرح غنائي سوري بدأت أفكر فيه.
وبمَ تفكر في هذا المجال؟
هناك مشروعان في هذا المجال قيد الدراسة، الأول مع الجوقة نفسها، والثاني مع فرقة «جلنار» بقيادة علي حمدان، لكننا نبحث عن راع وداعم مالي لهذين المشروعين.
كما أحضّر لعرض مسرحي وهو بحاجة إلى راعٍ أيضاً لأننا لن نستطيع الاعتماد على شباك التذاكر فقط لتغطية مصاريف العرض، لأن الإنتاج الخاص فيه تكلفة كبيرة من ديكور وأزياء وإعلانات، وما نريده تغطية التكاليف قدر الإمكان، وبالتالي تحقيق الغاية من تقديم عرض فني جميل إضافة إلى تحقيق دخل جيد للمشاركين فيه.
لكن المسرح مشروع خاسر.
وجهة نظر وزارة الثقافة تكمن بأن المسرح للدراويش، لذلك نجد بطاقة الدخول أرخص من سعر الأركيلة في المقاهي، لكن ذلك غير صحيح.
المسرح قيمة كبيرة يجب عدم الاستهانة بها، فهناك مسرح مترف مثل مسرح الرحابنة وفيروز. أما مقولة «المسرح فقير» فتم تداولها لأن المسؤولين عنه غير مؤمنين بأنه جزء من الحفاظ على الهوية الوطنية.
ألم تصل إلى مرحلة من الاكتفاء المادي؟
أفكر بالمال طبعاً، وعندي بيت وعائلة وأولاد، ولن أبقى طوال عمري متبرعاً بمجهودي، لكن إن كان العرض إنسانياً مع فرقة «جوقة الفرح» أو جمعية «آمال» مثلاً لا أسأل عن المردود المالي.
بالانتقال إلى الدراما، هل تعترف أن «باب الحارة» كان بوابتك للشهرة العربية؟
هذا صحيح، لأنه نال إعجاب الجمهور الذي أحب شكل العمل وبيئته وطريقة شخصياته بالتعامل. ومن المفاجئ أنه حتى الشارع المصري على دراية بهذا المسلسل، وكان بوابتي للعمل مع الفنان الكبير عادل إمام في مسلسل «فرقة ناجي عطا الله».
العمل مصنف عالمياً كأحد أكثر المسلسلات مشاهدة في الوطن العربي لدرجة أنه سهّل عليّ الحصول على تأشيرة السفر إلى أميركا بسبب ورود ملاحظة في الأوراق على أنني أعمل في المسلسل الأشهر عربياً، وعوملت عند دخولي إلى أميركا معاملة مميزة بسبب ذلك، بمعنى أن العمل تجاوز حدود الوطن العربي وأوصلنا إلى العالمية وكسر كثيراً من الحدود أمامنا، والكلام ينطبق على كل الشخصيات.
وصلنا إلى الجزء العاشر ومازلت محافظاً على شخصيتك!
الشخصية بدأت ثانوية وتطورت وأصبحت أساسية، وقد فرضت نفسها بأن يفرد لها مساحة كبيرة، وأنا مازلت وفياً لـ«أبو بدر»، وإن غبتُ فإن الشخصية كلها ستغيب ولن يجسدها أي ممثل آخر، بل لن يستطيع أي زميل ملء الفراغ إن غبت، لأن الكاركتر ترسخ في أذهان الناس، ليس غروراً ولكن الشخصية مطبوعة باسمي فقط.
وعبر التاريخ، نجد أن كثيراً من الكركترات كانت مرسومة لأشخاص معينين، فمن يجيد مثلاً تقديم شخصية «غوار الطوشة» أكثر من دريد لحام؟ ومن سيقدم شخصيتي «أسعد» أو«جودة» في «ضيعة ضايعة» أفضل من نضال سيجري وباسم ياخور؟.
إلى متى ستبقى محافظاً على وفائك للشخصية؟
مادام النص قادراً على تقديم الشخصية في إطار جديد ومتجدد بعيداً من الاجترار فإنني سأبقى وفياً لشخصيتي.
هل تهتم بشخصيتك فقط أم بالعمل بالإجمال؟
يهمني العمل بكل تأكيد، ولكن مسؤوليتي تتوقف عند مكان معين، وبكل تأكيد فإن القائمين على العمل يمتلكون الوعي والدراية ليقدموا الأفضل وليكونوا حريصين على عملهم.
يقال إن أحد الممثلين يفرض أحجاماً معينة على كل شخصية.
لا أظن ذلك، على العكس تماماً، لأننا نمتلك الحرية بطرح أفكارنا وتطوير شخصياتنا بشكل لطيف ومثمر. لكني بشكل عام أميل إلى ألا يحوز «أبو بدر» مساحة أكبر، لأن القصة ليست بالحجم بقدر ما تتعلق بنوعية ما يقدم، فشخصيتي نجحت بأن تكون علامة فارقة بعدد قليل من المشاهد أكثر بكثير من أدوار كانت أساسية وكبيرة بالمساحة.
ولكن الانحدار أصاب الجزأين الأخيرين.
هذا الكلام يحمل نسبة كبيرة من الصحة، فالعمل يُطلب لأسباب تجارية بحتة ولأنه يحقق مشاهدات كبيرة، والحقيقة أن العمل طال وخاصة أننا نلعب في مساحة زمنية قصيرة نسبياً قياساً إلى كم الأحداث التي قدمها، وهذا الشيء يربكك ويفرض عليه التكرار، ووقع العمل في بعض الأماكن بالاستسهال رغم المحاولة الحثيثة على تقديم أفكار جديدة من الناحية البصرية.
العمل غير توثيقي كما يحسبه الناس، وأعتقد أنه هنا تكمن مشكلته الكبرى بأنه حصر نفسه بزمن معين، ولو اكتفى بالحديث عن البيئة الشامية من دون تحديد زمني ككثير من المسلسلات والأفلام لحقق نجاحاً أكبر، ولولا ربط الأحداث بمرحلة تاريخية محددة لاستطعنا إنجاز مئة جزء من دون أن نضطر للاجترار.
مسلسل «صح النوم» مسلسل شامي عزل نفسه عن الزمان واكتفى بالاستناد إلى مفردات لها علاقة بالبيئة بمكان افتراضي، والكلام نفسه ينطبق على «وادي المسك»، وبعده «الجوارح» و«ضيعة ضايعة».
في الفترة الأخيرة وجدنا مسلسلات تسير على خطا «باب الحارة» مثل «طوق البنات».
سياسة الأجزاء أصبحت موضة، ومنتج هذا العمل يبيع بأسعار بخسة لعشرات المحطات حتى يجني تكلفة عمله، وهو تصرف يقلل من قيمة المادة الفنية لتصبح وكأنها مبيعة على البسطة، كما يحض الآخرين على كسر الأسعار ليدخلوا سوق المنافسة.
المنافسة غير الشريفة بين المنتجين هي إحدى مشكلات الدراما السورية، وعيب المسلسل السوري أنه أساساً ينتج للسوق الخارجي ولا يهمه تسويق أعماله محلياً لأنه أساساً لا يوجد عدد كاف من المحطات المحلية، فمصر تنتج نحو مئة مسلسل، وهذه الأعمال تنتج للعرض في مصر وربما لا نجد أكثر من عشرة مسلسلات منها التي يكون لها الحظ في التسويق خارجياً.
مصر تمتلك أكثر من مئة قناة.
أعتقد أن هذا ملف كبير جداً ويحتاج إلى وقت كاف للبحث فيه، فضعف التسويق الخارجي وارتباط الأعمال السورية فيه هو أحد أهم أسباب انحدار الدراما الذي تعاني منه مؤخراً.
ولو نجحت المحطات التلفزيونية الخاصة خلال الفترة الذهبية التي عاشتها سورية برغد الرئيس بشار الأسد منذ عام 2000 وحتى 2010 لامتلكنا أكثر من 40 قناة ولأنتجنا مئة مسلسل. ومن ثم أخذنا حصة وافية من السوق الإعلاني الإقليمي والعربي مثلما تفعل محطات عربية في دول الجوار من خلال برامجها المنوعة.
الأعمال السورية مشاهدة وممثلوها محبوبون، لكننا لم نستفد من هذه الميزة، مثل «باب الحارة» الذي يحقق مشاهدات عالية عبر قناة عربية، فلو عُرض عبر قناة سورية وطنية لاستفادت من ريع الإعلانات الهائلة، لأن الجزء الأول وحده حصد عشرة أضعاف تكلفته.
والكلام نفسه ينطبق على الممثلين، فنجومنا تتلألأ في السوق العربية وتقبض أجوراً عالية، لكننا لا نستفيد منهم في سوقنا المحلية، فلمَ لا نستقطبهم ونعطيهم الأجور نفسها ونستفيد من نجوميتهم في حصد الإعلانات التي تدر أموالاً طائلة؟. بكل أسف هذا التفكير الإستراتيجي غير موجود لدينا.
هل المسؤولية محصورة بشركات الإنتاج؟
شركات الإنتاج تبحث عن الربح ولا تفكر بإستراتيجية بل تحتاج إلى موجه يدلها على الطريق الصحيح، لأن رداءة تفكير المنتجين سببت تراجع الدراما.
الحكومة تستطيع أن توجه عبر وزارة الإعلام، وعليها أن تشرّع قوانين تشجع على الإنتاج، عوضاً عن الاكتفاء بأعمال المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي التي تفكر بصرف مخصصاتها من دون أن تستطيع استرداد ما تنفق على الأقل ولم تستطع أن تحقق توازناً في سوق العمل التلفزيوني، ولذلك تخسر رغم أنها من المفترض مؤسسة ربحية.
هناك تجارب نجحت في سورية بسبب الإدارة الناجحة، فالنجم أيمن زيدان ساهم بإنتاج 200 ساعة درامية متنوعة في السنة مطلع التسعينيات عندما كان مديراً لإحدى الشركات، فركز على مسلسل واحد مهم وقوي، واستفاد من الباقي في احتواء الفنيين والممثلين وتشغيلهم.
لو كنت مديراً للمؤسسة فماذا تفعل؟
أولاً يجب أن أمتلك كامل الصلاحية أنا وفريقي، لأنني بالتأكيد لن أقودها بمفردي، ثانياً أناقش أصحاب الخبرة ونجمع معلومات ونحللها لوضع إستراتيجية تكشف عيوبنا، وبعدها نبدأ العمل بشكل جدي بعيداً من الوساطات والمحسوبيات، وأول ما أقوم به استقطاب المخرجين السوريين الذين يغردون في الخارج بالأعمال العربية المشتركة وأعطيهم فرصهم المستحقة لأستفيد من خبراتهم عوضاً عن مخرجي «الطبل والزمر».
هل عملتَ مع المؤسسة؟
نادراً، لأن الآلية التي تحكم طريقة العمل تخضع للنهج نفسه الذي تتبعه المؤسسات الحكومية التي تعاني القيود الكثيرة وأمراض البيروقراطية البعيدة من الصفة الإنتاجية المرنة، وتتبع سياسة التوفير بالاعتماد على الصف الثاني غالباً لأنها لا تستطيع دفع أجور لائقة للنجوم فيبتعدون عنها، ومن ثمَّ لا تسعى للربح المادي لأن النجوم يستفاد منهم لاحقاً باجتذاب الإعلانات وهم غائبون عنها.
وبكل الأحوال المحطات العربية فرضت علينا شروطها، وبتنا محكومين بسياساتها، وخاصة أن الرقابة خارج سورية أشد بكثير من الرقابة داخلها، ورغم أن مساحة الحرية الفكرية والأدبية عندنا كبيرة جداً، لكننا بالنهاية مرهونون بقرارات المحطات.
هل تجد نفسك اسماً بياعاً؟
لا، أنا اسم يحسّن السوق، فالأسماء البياعة محصورة بممثلين قليلين ممن ترغبهم شركات الإعلان بشكل عام، وتحديداً ممن ينالون إعجاب الجنس اللطيف، علماً أن الممثلات لا يبعن كما الممثلين بدليل أن ممثلات كبيرات لم ينجحن في تسويق أعمالهن، فمثلاً أمل عرفة نجمة كبيرة لكنها لم تحصّل حقها المادي في مسلسل «سايكو»، ولو معها أحد الممثلين «البياعين» لسوقت عملها بسعر عال.
ما الذي ينقصك لتصبح اسماً بياعاً؟
هي مواصفات معينة تتعلق بالحضور، فأنا ممثل نجم، متنوع الأدوار والأنماط، لا أتقيد بنوع واحد من الأدوار وأقدم الكوميدي منها والتاريخي والاجتماعي والبيئي، لكن اسمي وحده غير بياع.
لا أقلل من قيمة نفسي، لأن ممثلين أهم مني بكثير لم ينجحوا في بيع مسلسلاتهم، لكن التعاطي مع الدراما أصبح يأخذ منحى سياحياً وسطحياً بسبب رؤية المحطات.
كثيرون يقولون إن مشكلة الدراما تتعلق بسوء النصوص.
لا أبداً، نمتلك كتاباً جيدين لكن شركات الإنتاج المحلية لا تدفع لهم حقوقهم المفروضة فيضطرون إلى التوجه إلى الأعمال العربية، وحالياً لا يتوافر بين أيدينا سوى عدد قليل جداً من الكتاب الجيدين من أمثال حسن م يوسف وحسن سامي يوسف وممدوح حمادة لكنهم غير مرغوبين لأن أجورهم عالية.
المنتج يسعى للتوفير لأنه أصبح يبيع بسعر الكلفة في منافسة غير شريفة، ما أدى إلى سوء سمعتنا لدى المحطات، لأن المنتجين أصبحوا ينافسون بعضهم بلا شرف، إضافة إلى كثرة الجهات الوصائية المتصارعة مثل لجنة صناعة السينما ونقابة الفنانين ووزارتي الإعلام والثقافة ومؤسسة الإعلان، في وقت نرى أن السوق المصرية تسوق أعمالها كوحدة متكاملة وتشاركية.
يعني أن الدراما تعيش حالة من النزاع ووصلت إلى مرحلة لا يمكن إنقاذها؟
هي تنازع بكل تأكيد، لكني سأحاول ألا أكون متشائماً، لأن الحلول متوافرة وبحاجة إلى نقاش مع المسؤولين، وأعيد وأكرر أن التسويق مشكلتنا الأساسية. فالمسلسل السوري مشاهد من المحيط إلى الخليج، لكننا لم نستفد من هذه الميزة ونضع اللوم على غيرنا، لأن المؤسسات المعينة لم تنجح في حماية صناعة الدراما على أنها فكر اقتصادي وفني وفكري يحافظ على الهوية الوطنية.
بالانتقال إلى الغناء.. اتجهت إلى هذا المجال في وقت تنازع فيه الأغنية السورية أيضاً.
لا وجود للأغنية السورية حالياً ولا وجود لهوية واضحة تنافس فيها السوق العربية، وذلك يعود إلى الاستسهال بالكلمة واللحن والإنتاج.
الأغاني التي أقدمها تحمل الصفة النقدية، وهذا اللون ليس جديداً في الساحة الغنائية، بدءاً من السيد درويش وزياد رحباني وفيلمون وهبي وانتهاء برفيق سبيعي ودريد لحام.
أحاول من خلال هذه الأغاني خلق صيغة جديدة على مستوى الجودة، فأسجلها بأحدث الطرق العصرية، وأقدم من خلالها كلمة نقدية ذكية، فغنيت للأزمة ولحلب وابتعدت عن الغناء التجاري والسياحي.
لكن أغانيك محصورة ضمن النطاق المحلي.
تحتاج إلى مؤسسة كي تتصدر خارجياً، هذه المؤسسة بحاجة إلى قناة ومنتج، لكن أغنية «محسوبك أصلو حلبي» التي أعتز بها وصلت إلى مساحة كبيرة من الوطن العربي وحصدت انطباعات إيجابية من تونس والجزائر ولبنان والعراق ومصر والأردن والخليج عبر قناتي الشخصية على اليوتيوب، وبكل الأحوال نستطيع إيصال كل الأغاني إلى الخارج لكن الموضوع يحتاج إلى المال.
ما رسالتك من الغناء؟
«فشة خلق»، وهناك مواضيع لا نستطيع طرحها في الدراما مثل أننا كبلد عمرنا 12 ألف عام وإلى الآن لا نلتزم بالوقوف في الدور ونتسبب بالزحمة، إضافة إلى أن الأغنية تعيش وقتاً أطول وتقطع مسافات أكبر.
بعيداً من الفن.. أجدك طويل البال كثيراً وخاصة بتعاملك مع المعجبين.
بالي طويل إلى حد معين، لكنني لا أتضايق أو أسخط من أحد بل أرحب بالجميع وأتقبلهم، لكنني أغضب في مواقف معينة وإنما لا أنفجر بوجه أحد.
بكل الأحوال أعيش حياتي بشكل طبيعي مثل أي مواطن سوري، وأنزل إلى السوق وأشتري احتياجاتي، لكن الاختلاط الزائد مع الناس يتعبني أحياناً.
هل تعرضت إلى موقف محرج؟
مواقف عديدة.. وتسبب لي الكثير من الإحراج مثل أن تبادرك فتاة بتحية وسلام بشكل مبالغ فيه وغير اعتيادي.. والحمد لله أن زوجتي متفهمة وبالها طويل، لكن القصة مزعجة.
زوجتك ترافقك في كل سهراتك وجلساتك بعكس باقي الفنانين.
نحن حالة استثنائية، «رفيدة» لا تعاملني كحبيب وزوج فقط، وقد اختارت العيش بجانبي وعدم السفر مع الأولاد إلى أميركا لتقوم برعايتي والسهر على راحتي، ولها فضل بأن أكبر وأترعرع حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن الذي جاء بعد صبر وتحمل كبيرين.
تعرفنا على بعض من خلال قصة حب، توجناها بأجمل إنجازين هما ولدانا «عبد الوهاب» و«عربي»، وبسبب سفرهما أصبحت ترافقني في سفراتي وسهراتي وكل مشاويري.
وزوجتي لم تقلل من قيمتي بعيون الناس والمجتمع يوماً، وهي صديقة الوسط الفني ولم تكن منعزلة عن مجتمعنا حتى تتفهمه وتتقبله لأكون مرتاحاً في بيتي.
من كان صاحب القرار بسفر ولديك؟
قرارهما، «عربي» يدرس التمثيل والإخراج في لوس أنجلوس، و«عبد الوهاب» ترك هندسة العمارة وسافر لدراسة تقنيات الكومبيوتر في وادي السيلكون الذي يعد أهم مكان لتطوير البرمجيات وعلوم التكنولوجيا.