«الجمال والإسلام».. جماليات الفن والعمارة الإسلاميين … العمل يقدم رؤى من خلال المقارنة بين العمارة الإسلامية التقليدية وأعمال معاصرة
| سوسن صيداوي
علم الجمال هو فرع من الفلسفة يُعنى بطبيعة الفن، ويشكل كعلم- وبالتحديد علم الظاهرات الجمالية-مجالا خاصا وجديدا، لم يراع بعد في عالم الدراسات الإسلامية، على الرغم من أنه جزء لا يتجزأ من الأعمال التحليلية المعاصرة في الفن والنظرية الفنية. وللحديث بشكل مفصل صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب وضمن «المشروع الوطني للترجمة» كتاب «الجمال والإسلام.. جماليات الفن والعمارة الإسلاميين»، من تأليف: فاليري غونزالس، وترجمة: كارولين توماس، ويقع الكتاب في 184 صفحة من القطع الكبير.
عموم الكتاب
يستكشف هذا الكتاب -المصور- جماليات الفكر الكلاسيكي الإسلامي من منظور معاصر. تطرح الباحثة «فاليري غونزالس» رؤى جديدة عن العمارة والفن الإسلاميين مستعينة بطيف واسع ومنوع من الأمثلة، يبدأ من القرآن الكريم وقصر الحمراء وينتهي بأعمال فنانين وفلاسفة معاصرين.
وبتتبعها لجذور علم الجمال الإسلامي رجوعاً إلى أعمال فلاسفة العصور الوسطى العظماء مثل ابن سينا وابن رشد، تبين «غونزالس» أن نظرية الجمال في الإسلام تنتمي إلى سياق أوسع وأشمل من فكر وفلاسفة القرون الوسطى في اللاهوت والأخلاق والفيزياء والماورائيات.
كما أن تحليلها للخدعة البصرية الشهيرة في قصة الملك سليمان وملكة سبأ يظهر أن الأمر ينطوي على مجاز جمالي. كما أن استكشافها للتركيبات الهندسية الزخرفية في قصر الحمراء يخلص إلى تفسير جديد قائم على نظريات معاصرة قائم على علم الظاهرات السيميائية.
إن هذا العمل الأصيل والمحفز يقدم رؤى جديدة منعشة ومثيرة لموضوعه وذلك من خلال الجمع والمقارنة بين العمارة الإسلامية التقليدية والمصغرات والأعمال الخزفية من جهة وأعمال فنية لفنانين معاصرين مثل فرانك ستيلا من جهة أخرى.
في فصول الكتاب
من منظور البحوث الجمالية وتصنيفها بين نظري وتطبيقي يمكن تقسيم الفصول الخمسة في هذا الكتاب إلى قسم نظري يُعنى بالنصوص ويضم الفصلين الأول والثاني، وقسم تطبيقي يضم الفصول الثلاثة الباقية يمكن أن نطلق عليه اسم «الجماليات التطبيقية». يقدم الفصل الأول تحليلاً لفكر أربعة من الفلاسفة المسلمين المشهورين، كما يهدف إلى عرض رؤية شاملة لشتى طرائق مقاربة الجمال والتجربة الجمالية في إسلام العصور الوسطى، مشيراً إلى نقطة بأنه منذ العصور الوسطى يبحث المفكرون المسلمون بشكل مباشر أو غير مباشر في المفهوم الثنائي للجمال ونقيضه، القبح. على حين يقدم الفصل الثاني خلاصة الأطروحة الأساسية لكتاب المؤلفة غونزالس، المنشور تحت عنوان: «شرك النبي سليمان وفلسفة الفن في القرآن الكريم»، حيث تقوم الأطروحة على دراسة الجماليات الموجودة في «سورة النمل» من القرآن الكريم، التي تصف زيارة ملكة سبأ للنبي سليمان الملك. أما الفصول الثلاثة الأخيرة فتعرض أمثلة وجوانب منتقاة من النتاج الفني الإسلامي تفترض ضمنياً تصوراً جمالياً ذا دلالة واضحة على النهج الإسلامي في التعامل مع اللغة البصرية. على حين يقدم الفصل الثالث تفسيراً جمالياً جديداً لما يسمى قاعة السفراء الموجودة في قصر الحمراء، وهي قاعة تعج بالزخرفات تتوجها قبة خشبية ساحرة الجمال، وقد كانت تلك القاعة تستخدم كقاعة استماع واستقبال، في حين يُعنى القسم التطبيقي في الفصل الرابع بالتصميم الهندسي في قصر الحمراء لغنى تصاميمه بالزخرفات الهندسية المتقنة، والذي يثير قضايا فكرية معقدة تتعلق بالجدلية الجمالية القائمة بين التجريد والتمثيل. على حين يناقش في الفصل الخامس -وهو الأخير- دراسة النقوش من منظور التساؤل الجمالي العام عن معنى الإبداع الفني في المنظومة الجمالية الدلالية للكتابات والنقوش في الفن الإسلامي.