ثقافة وفن

هل الجمال هو العامل الأساسي الذي يبحث عنه الرجل في شريكة حياته؟ … لأن الحب أعمى.. من حسن حظي أنني لم أصب بالعمى لأعيش حياة هادئة

| هبة اللـه الغلاييني

لا أحد ينكر أن المرأة الجميلة تخطف القلوب وتسحر العقول وتدير رأس الرجل نحوها، بحيث يكون الجمال بمنزلة المفتاح الرئيسي لبداية علاقة جدّية ربما… تكلّل بالزواج.
والرجل بطبعه ينظر إلى جمال المرأة بعين الإعجاب. لكن هل يضع ذلك الجمال شرطاً أساسياً عند التفكير في شريكة العمر أم إن أهمية الجمال تتراجع أمام شروط أخرى، يرى الرجل أنها أكثر أهمية من الجمال؟

بين التفكير والحب
«في الواقع حاولت الارتباط بفتاة غير جميلة لكنها ذكية ومتعلمة وغنيّة، ولكني لم أحتمل الفكرة» يستعيد محمد شريف (مهندس)، ذكرياته مع خطيبته السابقة بهذه العبارة التي افتتح بها كلامه، يخبر: «تعرفت إليها في مصنع والدها الذي كانت تديره بكفاءة عالية، أعجبت بأخلاقها وذكائها وشخصيتها الهادفة، ولوهلة أقنعت نفسي بأن مصلحتي ومستقبلي معها، إلا أنني لم أحتمل شكلها… أقسم أنني لم أستطع.. بل وصلت إلى درجة النفور من مجرد التفكير في الأمر» يسكت محمد للحظة ويهّز رأسه وكأنه يطرد منه فكرة يخشى البوح بها يفكر مليّاً ثم يعقب قائلاً: «في العادة، نسمع أن الحب أعمى، ومن حظي أنني لم أصب بعمى الحب وإلا كنت ندمت طوال حياتي، لذا، استقلت وأنقذت نفسي، واكتشفت استحالة زواجي بامرأة تفتقر إلى الجمال، حتى ولو كانت آخر امرأة على وجه الأرض». أما «قصي الحسن» فيعترف بابتسامة عريضة ونبرة صوت جاد، بأنه «لو لم تكن زوجتي جميلة لما ارتبطت بها» ويتابع قصي الابتسام والكلام، فيقول: «أنا شخص يهتم بالجمال ويقدّره، صحيح أنه ليس الشرط الأساسي للزواج، لكنه من الصفات المطلوبة في المرأة، وهو جزء من الحب الذي يكلّل العلاقة ويكون مفتاحها» لكن هل تغيرّت الشروط عند قصي بعد الزواج؟ يجيب بسرعة: «في الواقع، لم تتغير الشروط، لكن خبرتي في الزواج، أقنعتني بأنه يجب أن تكون الزوجة متمسكة بالمبادئ والتقاليد التي تميّز مجتمعنا. وفي النهاية، ينبغي على الرجل أن يفكر فيما يناسبه حين يختار فتاة أحلامه، ويتأكد أنها تصلح لأن تكون زوجة فاضلة وأماً صالحة وربة منزل قديرة».
ومن دون تردّد وثقة يعلن (وائل محمد)، وهو «مدير مبيعات»: «إن الجمال مهم… لكنه ليس الأهم.. ويعقّب موضحاً: إنه يجب أن يتوافر الجمال في الفتاة حتى تلقى القبول الأوليّ من جانب الرجل، الذي لا يلبث لاحقاً أن يركّز على شروط أخرى فيها مثل الأخلاق الحميدة، والتربية الحسنة، وتقاربهما في المستوى العام بينه وبينها. ذلك أنه كلما كانت هناك نقاط مشتركة وتقارب بينهما نجحت العلاقة وسارت في مسارها السليم على مختلف الصعد» وفي ختام حديثه يذكر «وائل» بأن «علينا ألا ننسى أن توافر الجمال في الفتاة مهم، لكن الجمال في حّد ذاته أمر نسبي، يعني أن ما أراه جميلاً ربما لا يراه غيري كذلك، والعكس صحيح. لذا يكون البحث في جمال الروح وصفات أخرى في الفتاة أهم بالتأكيد من المظهر الخارجي» من جهته، ينطلق (جواد القباني)، (مدرّس) في حديثه من قناعة شخصية مفادها: (إن الجمال مطلوب بالطبع في المرأة، لكنه ليس الشرط الأساسي للزواج بها» ثم يعقب موضحاً: إن «ما من رجل لا يحب الجمال. لكن، حينما يتعلق الأمر بالزواج، نراه يضع شروطاً أخرى نصب عينيه، مثل الحب والاحترام والثقة ورصانة العقل «يلوذ» جواد» بالسكوت لحظة، قبل أن يتابع قائلاً: «مما لا شك فيه، أن جيل اليوم يفكر بطريقة مغايرة عن جيلنا، لذا، أعتقد أنه إضافة إلى الشروط التي ذكرتها، يميل أبناء الجيل الحالي إلى الفتاة التي تحمل شهادات عليا، ولديها وظيفة ومنصب، وقادرة على مساندته مادياً في تأسيس بيت وأسرة، وهذا يعود إلى متطلبات العصر الذي نعيش فيه» ينهي «جواد» كلامه مؤكداً: «إن المصلحة المشتركة للرجل والمرأة تقتضي اليوم معايير جديدة للإقدام على الزواج».

الجمال والثقافة
هل الجمال شرطك للزواج؟ سؤال لم أكد أطرحه على (محمد الحمصي) (مهندس مدني) حتى بادر بالرد بنبرة صوت جادة، ليقول: «إن جمال الشكل لا يهمني مطلقاً، بل الشخصية الجميلة والانسجام والتفاهم مع الفتاة التي قد أرغب في الزواج بها» إلا أن الشروط التي ذكرها (محمد) ليست كل شيء على ما يبدو، لأنه يكمل بالقول: «أيضاً، أريدها متعلمة وعلى مستوى عال من الثقافة، لأنها ستكون مؤتمنة على تربية أولادي أحسن تربية ويضيف: «هذه شروطي للزواج، ولكني لا أجزم أن تكون مقابل آخرين لهم رأي مماثل لرأيي في موضوع تحلّي الفتاة بالثقافة والعلم. أعتقد أن الرجل يصنع شروط زواجه انطلاقاً من بيئته وأسلوب تربيته أو على الأقل يتأثر بهما بناء على تصوره لزوجة المستقبل».
على الصعيد نفسه، يعتبر (عمر أحمد الخجا) (مسؤول مبيعات) «أن الأخلاق والرزانة والرصانة، صفات يتفوق على صفة الجمال في إقناع الرجل بارتباط، بامرأة» ويكمل مبتسماً ليقول: (إنه للأسف، هناك شباب يفكرون بشكل سطحي يتوقف عند مسألة الجمال ولا يتخطاها، هؤلاء يظنون أن الجمال هو الشرط الوحيد للزواج ويهملون الصفات الأخرى التي يجدر بالفتاة أن تتحلى بها، وفي رأيي أنهم لا يتمتعون بالوعي اللازم وعلاقاتهم تنتهي غالباً قبل أن تبدأ» ويقول: «ماذا عساي أن أفعل مع امرأة جميلة من دون عقل؟ لن يغنيني جمالها عن مسائل أخرى أرى أنها ضرورية، وأكثر أهمية من جمال يذوي مع الوقت ويذبل مع تقدم في العمر».

السطحية والجمال
في سياق متصل، يسخر (موفق الحلبي) وهو (مزيّن شعر للرجال) من الذين يقررون الزواج بامرأة فقط لأنها جميلة، ويشرح وجهة نظره قائلاً: «في الحقيقة، أنا أجد الأمر سطحياً وسخيفاً، لأنني شخصياً لا أتوقف عند جمال الوجه والشكل والمنظر للفتاة، بل أبحث عن كونها مهذبة وعميقة التفكير وابنة عائلة كريمة، تحسن الاهتمام بي، ويكون همها الأول والأخير أسرتها وبيتها. ولا ضير في أن تكون موظفة مجتهدة تضع يدها بيدي من أجل بناء مستقبلنا».
وأخيراً يهمنا رأي الاستشارية الأسرية الدكتورة «روعة السمان» حيث تقول: «إن الزواج المبني على شرط الجمال وحده لا يكفي» وتشرح مبينة: «إن الجمال له اعتباره في دفع الرجل إلى الارتباط بفتاة، لكن الجمال يعتبر معياراً مغلوطاً إذا لم يأخذ الرجل في الوقت عينه معايير أخرى مهمة لزواج ناجح، وعلينا ألا ننسى أن مقاييس الجمال اليوم باتت مختلفة عن الماضي، ذلك أن الفتاة باتت قادرة على تجميل نفسها من خلال مساحيق التجميل المتطورة، أو باللجوء إلى عمليات التجميل الرائجة حالياً، الأمر الذي يتيح لأي فتاة أن تتمتع بجمال صارخ وبسهولة شديدة لو أحبّت ذلك.

مراتب الجمال
تنطلق الدكتورة «روعة» من خبرتها لتشير: إن الرجل عندما يفّكر بالزواج، عليه ألا يبحث عن زوجة صارخة الجمال، بل عن زوجة تكون ربما مقبولة الشكل لكنه يتوافق معها روحيّاً وفكرّياً، ذلك لأن الرجل، كما هو معروف، سوف يعتاد جمال زوجته مع الوقت ويراها عادية وغير لافتة كما كان يراها سابقاً على حين يغدو التوافق الروحي بين الرجل والمرأة أهم ما يجمعهما في الزواج».
وتضيف قائلة: «يحدث كثيراً أن نرى رجلاً متزوجاً بامرأة ذات مستوى جمال أقل من العادي، لكن زواجهما ناجح جداً بسبب تفاعلهما الروحي إلى حد كبير». وتكمل: «بالطبع، إن موضوع الجمال يختلف من رجل إلى آخر، فهو يعود في الدرجة الأولى إلى مستوى النضج العقلي الذي وصل إليه، لذا، نرى هناك من تزوج بجميلة ثم أدرك لاحقاً أن جمالها وحده لا يكفي لبناء أسرة، وهناك من لم يكترث بالجمال كشرط وتزوج امرأة تتميّز بمقومات أخرى، لكنه بعد مرور الوقت بدأ يتشوّق إلى الزواج بأخرى تتمتع بجمال المظهر» وتتابع قائلة: «في الحالة الثانية، ومن خلال خبرتنا، نجد أن هذا الزوج إذا أقدم على الزواج مرة ثانية، سرعان ما يجري مقارنة بين الزوجتين الأولى والثانية، ويعي أنه أخطأ في حساباته وأن جمال الثانية، لا سيما إذا كانت مغرورة بجمالها، لم ينسه فضائل الأولى ولا صفاتها الطيبة» وتختم قائلة: «من الضروري قبل أن يقدم الرجل على الزواج أن يضع نصب عينيه الأساسيات التي يريدها في شريكة حياته، أي أن تكون ابنة عائلة كريمة ومتعلمة، تتمتع بأخلاق حسنة وقادرة على تحمل مسؤولية تربية أولادها وإدارة بيتها، كما يجب أن تجمع بينهما كيمياء الحب والتوافق والاحترام والتفاهم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن