«امرأة من رماد».. تداعيات الأزمة وانعكاسها على المجتمع…نجدة أنزور: إعادة الروح المعنوية وحياكة النسيج السوري
وائل العدس – تصوير طارق السعدوني
في مقرها بحي المزة بدمشق، عقدت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي ثاني مؤتمراتها الصحفية هذا العام، فبعد «دامسكو» جاء الدور على مسلسل «امرأة من رماد» ليكون محور جلسة حوارية بين أسرة العمل وكوكبة من الإعلاميين.
حضر المؤتمر مديرة المؤسسة ديانا جبور، والمخرج نجدة إسماعيل أنزور، والكاتب جورج عربجي، إضافة إلى أبطال العمل سوزان نجم الدين، وندين تحسين بيك، ورنا كرم، ويحيى بيازي.
خلال أيام التصوير السبعين الذي أنجز نصفها، تنقلت وستتنقّل الكاميرا بين عدّة أحياء دمشقيّة، من المزة، إلى المالكي، وأبو رمانة، والطلياني، ومشروع دمر، وصولاً إلى بساتين كيوان.
ملخص العمل
يحكي المسلسل الاجتماعي المعاصر قصة امرأة (جهاد) تعاني خللاً نفسياً له مسبباته، لكن هذا الخلل غير واضح المعالم بسبب قدرتها على السيطرة عليه بفضل قوة شخصيتها.
مضاعفات هذا الخلل النفسي تجعلها تنتقم من كل من هو سعيد، وبالأخص من الأطفال بعمر ابنها الذي وافاه الأجل بحادث مؤلم (تفجير) تعرّضا له معاً، وفقدته على إثره، فلا ترى سوى أشلاء وبقايا من ثيابه، وتقنع نفسها بأنّه لم يمت، على أن تبدأ الأحداث بزمن ما بعد الحادثة بسنة تقريباً.
تعيش نوعاً من الفصام، حين تلجأ إلى التبنّي، لكنّها تجابه بالمانع الديني، ثمّ تتمكن من شراء طفل وخاصة أنها فقدت قدرتها على الإنجاب، فتثير تصرفاتها غير المنطقية التساؤلات باعتبارها تسبب الأذى لأطفال بريئة.
«جهاد» ليست المحور الرئيسي للعمل، وهناك مجموعة محاور أخرى، فثمّة مجتمع تعيش فيه، تمثّل كل شخصياته مكونات المجتمع السوري، في عملٍ يلامس ما أصاب هذا المجتمع من شرخ طائفي بسبب الأزمة، في محاولة لرأبه.
يؤدي أدوار البطولة إلى جانب المذكورين سابقاً: صباح الجزائري، وسعد مينه، وزهير عبد الكريم، ووائل رمضان، ومحمد خير الجراح، وتيسير إدريس، وريم عبد العزيز، وسوسن ميخائيل، وزياد سعد، وزيناتي قدسية، ونجاح سفكوني، وغفران خضور، ورنا ريشة، وفائق عرقسوسي، ومحمد الأحمد، وسحر فوزي، ولارا سعادة.
تداعيات الأزمة
يستبق أنزور عرض العمل ويتوقع له النجاح لأنه مكتوب بحرفية عالية ومختلف بشكله ومضمونه رغم أنه التجربة الأولى للكاتب.
وقال: يحكي العمل عن تداعيات الأزمة وانعكاسها على المجتمع السوري، بشكل غير مباشر، فهو عمل اجتماعي وليس سياسياً، كما يحكي عن الطوائف والأزمة الطائفية التي تفرض علينا ونرفضها، ويرصد معاناة المواطن والغلاء والجرح العميق للإنسان عامة والأم التي فقدت ابنها خاصةً، وعن الشاب الذي يهرب من الجندية ومواجهة مصير بلده، وعن الشاب الذي يقدم حياته في سبيل هذا الوطن ليبقى موجوداً، ويتحدث عن النساء والشباب والرجال والمتقاعدين.
وأضاف: العمل منسجم، ولا يحوي عظة أو دروساً ولا تعالياً على المشاهد، فالمنافسة صعبة جداً على الشاشة وخصوصاً في ظل وجود نشرات الأخبار التي باتت المنافس الأكبر للدراما، لذا علينا إعادة الثقة لدرامانا بأعمال تلامس الأزمة لكنها لا تتعالى على المشاهد.
وأوضح أنزور: استفدنا من المشاهد ومن تجاربنا السابقة لتقديم عمل متوازن يحكي عن إعادة بث الروح المعنوية عند المواطن وإعادة حياكة النسيج السوري الذي كنا نعيش فيه.
ولم يخف أن العمل مشدود جداً ويفتح آفاقاً كثيرة، ولا يحوي شخصيات نمطية، ويضم تقاطعات وتصاعداً وتشويقاً وهو أقرب للعمل البوليسي.
وأكد أن الدراما السورية لكل السوريين والعرب، حتى الذين تلوثت أيديهم بدماء السوريين والذين عبثوا بالمجتمع السوري، ربما هذه الدراما توقفهم عند حد معين.
سورية التي ستنهض
بدوره قال الكاتب: عندما كتبت النص أنجزته كمذكرة خططت فيها أغلب مشاعر السوريين بالأزمة والحرب المشنة علينا، وهو نص شامل نوعاً ما، ويتحدث عن شرائح مختلفة، وحاولت قدر الإمكان إيصال أكثر من رسالة.
وعن رمزية اسم العمل يكشف عربجي: إن «امرأة من رماد» هي سورية التي ستنهض، وهناك بين السطور رسائل تدل على هذا الشيء.
وأضاف: كل السوريين تأثروا نفسياً بالأزمة بنسب متفاوتة، كل ذلك تمت معالجته بأسلوب جديد عبر ثلاثين حلقة.
اختصار للوطن
وفي أولى تجاربها مع المؤسسة، عبّرت نجم الدين عن سعادتها بالعمل معها ومع أنزور. وأضافت: عندما قرأت النص اعتذرت عن عدة أعمال أخرى، فهو يستحق أن نكون فيه وأن نعطيه كل جهدنا، فقد عشقته وعشقت تفاصيله، وإن شاء الله نكن مخلصين له.
وألمحت إلى أن شخصية «جهاد» اختصار للوطن الذي مر بمراحل الحب والعذاب والألم والأمل والفقدان، فسورية عندما كانت قوية تمسك بها الجميع واحتضنها، وعندنا ضعفت حاولت كل السكاكين ذبحها.
صلب المشكلة
اعتبرت تحسين بيك أن النص إنساني جداً يلامس شعور أي قارئ، لأنه يرصد فعلاً صلب المشكلة السورية.
وأشارت إلى أن الشخصية التي أدتها لامستها كثيراً، وتحكي عن مشكلة الصبايا خلال الأزمة وتحمل جانبين سلبياً وإيجابياً، الأمر الذي يعطيها الغنى.
وأكدت أنه في ظل الأزمة أنجزت الكثير من النصوص التجارية، على حين نص عملنا يطرح نفسه بنفسه.
موضوعية اجتماعية
ألمح بيازي إلى أن المسلسلات التي تصور خارج الحدود السورية تتحدث عن الأزمة من وجهة نظر ساذجة وسخيفة باعتبارها بعيدة، أما عملنا فيحكي عن الأزمة بموضوعيتها الاجتماعية بعيداً عن التسيس، ويمسك العصا من المنتصف.
بعض الشخصيات
تؤدي نجم الدين شخصية «جهاد»، على حين تلعب تحسين بيك دور «مايا» وهي فتاة طيبة وساذجة لأبعد الحدود، تعاني مشكلة العنوسة بعد تجاوزها سن 37 عاماً.
ويجسد بيازي شخصية «أسامة» الشاب الانتهازي حتى في زواجه.
ويؤدّي فائق عرقسوسي، دور «أبو سارة» الذي يقاوم خاطفيه وما يرافق ذلك من ضرب وتعذيب ودماء.
وتقدم كرم شخصية «نجوى» التي تتزوج من تاجر انتهازي ما يدخلها في معاناة كبيرة، وهي شقيقة «جهاد».
ويظهر تيسير إدريس بشخصية المزارع «أبو علاء» الذي تصيبه قذيفة هاون، وتقطع رجله.
بدورها فإن سوسن ميخائيل ستكون ضيفة بشخصية لها خطها الخاص فهي امرأة تقوم بتربية ابن أختها التي تم تفجير بيتها وذهبت ضحيته هي وأولادها، ولكن تحتال امرأة عليها وتتبنى الطفل بطريقة أو بأخرى، وتتصاعد الأحداث فيما بعد وتشعر أن هذه المرأة تعاني انفصاماً في الشخصية، الأمر الذي يدفعها لمحاولة استرجاعه فتحدث معارك بيننا من أجل ذلك.