رياضة

لهذه الأسباب لاعبو سلتنا يفتقدون أبجديات اللعبة

| مهند الحسني

يدرك جميع متابعي كرة السلة السورية أن مستوى لاعبي أنديتنا غير ملب للطموح، ولا يمكن أن يتناسب مع تطور اللعبة، ولا يخدم المنتخب الوطني الذي ظهر لاعبوه في التصفيات الأخيرة بأداء متواضع لا يمكن أن يقارن بأداء اللاعبين المحليين بالمنتخبات العربية، ويبدو أن الاحتراف الخاطئ الذي دخل على أجواء سلتنا في حين غفلة، مازال يطبع بصماته في كل مرافقها، وخصوصاً في الجوانب الفنية، التي أفرزت نتائج مخيبة للآمال بعيدة كل البعد عن الاحتراف الرياضي الصحيح الذي تمنينا أن يعالج أمراض سلتنا، ويدفع بها إلى الأمام، وإذ به يطير بها لحد الهاوية ويجعلنا نتحسر على أيام الهواية.
كل ذلك سببه الابتعاد عن قواعد اللعبة، وإهمالها ما ساهم في ظهور جيل سلوي يفتقد أبجديات اللعبة، ولم تنجح الأندية رغم وجود خبرات وكوادر وطنية لديها في صناعة اللاعب السوري بالشكل الذي يتناسب مع تطور اللعبة، فبدا مستوى اللاعب لدينا ناقصاً، وهناك لاعبون وصلوا لفرق الرجال، وما زالت مهاراتهم الفنية عرجاء، ويفتقرون لأبسط مقومات لاعب السلة المهاري، قياساً على ما نراه للاعبين المحليين في دول الجوار، حيث تتم صناعة اللاعب على أسس صحيحة وفق برامج مدروسة بما يتماشى مع إمكانات اللاعبين، وتوافر مدربين وطنيين مستقرين إدارياً ومادياً وفنياً، كل هذه العوامل ساهمت في خلق أجيال سلوية واعدة قادرة على تحقيق انجازات مشرقة لبلدانها، ولعل التجربة الإيرانية أكبر دليل بعدما اعتلت عن جدارة واستحقاق منصات قارية بلاعبيها المحليين، وكذلك التجربة اللبنانية، فاللاعب اللبناني يمتلك مهارات فنية عالية، نفتقدها عند أغلبية لاعبينا المحليين.
والسؤال هنا، ما سبب هذه الصناعة الرديئة للاعب المحلي؟ وعلى من تقع مسؤولية ذلك؟ وهل مازالت الحلول قائمة؟
ضعف المدربين
من المتعارف عليه أن المبادئ الأساسية لكرة السلة تنقسم إلى قسمين، فنية ومهارية، فإذا بدأنا بالعامل الفني (المهاري)، نلاحظ بداية أن هناك ضعفاً واضحاً بمدربي فرق الفئات العمرية في أغلبية الأندية، حيث إن مدرب الرجال غير مسؤول عن تأهيل اللاعبين مهارياً من البداية، وذلك يعود لقلة عدد المدربين الجيدين للفئات العمرية، ولسفر عدد كبير منهم، إضافة إلى عدم وجود دورات تدريبية، وإن وجدت فإنها تكون محلية وتبقى محدودة، وغياب الدعم المادي لمدربين الفئات العمرية، فغالباً ما يكون الراتب رمزياً لا يشجع الأشخاص الجيدين نحو طريق التدريب، مع العلم أن مدرب الفئات العمرية يجب أن يكون متفرغاً بشكل كامل كي يبدع في هذا المجال، أما السبب الثاني فيعود إلى اللاعب نفسه، فتدريبات معظم الفرق في الفئات العمرية تكون لمدة ساعة ونصف الساعة، وأحياناً لثمانية أشهر من أصل 12 شهراً في السنة، فعلى اللاعب أن يدرك أن هذه التدريبات غير كافية لتنمية مهاراته، وعليه العمل على نفسه، والسبب الأخير يعود لقلة المباريات لهذه الفئات، فنظام الدوري يكون بأقل عدد ممكن من المباريات، التي تقتصر على فترة معينة من السنة (الصيف) مع تجاهل ما تبقى من السنة إضافة إلى عدم توافر الصالات والملاعب في حال رغبة اللاعبين بالقيام بتدريبات فردية أو ما شابه ذلك.
أما بالنسبة للمبادئ الفكرية فهي طبعاً تتأثر بما ذكر سابقاً مع التركيز على العامل المادي كما يمكن القول عن الاحترافي، فلو وجد الدعم المادي وطبق الاحتراف بشكله الصحيح لما تعرضنا لهذه المشكلة، فالرابط هو أولاً المدرب الجيد إذا لم يطور نفسه من خلال الدورات التدريبية الخارجية كل سنة، فلن يتطور فكرياً، ومن ثم سيبقى على الأفكار نفسها التي كانت لديه من سنوات أو من الخبرة التي شكلها عندما كان لاعباً، علماً أن هذه اللعبة في تطور مستمر.

أخطاء الأندية
تعمل جميع الأندية على وضع أفضل المدربين لفرق الرجال، ويهملون فرق القواعد، فالإدارة التي تفهم بكرة السلة تضع أفضل المدربين للفئات الصغيرة، وهذه من الأخطاء التي ترتكبها الأندية، والدليل واضح فإن كل مدربي الرجال والسيدات معروفون من الجميع، على حين يتم تعيين مدربين لفرق القواعد من كوادر أقل خبرة ودراية في علم التدريب الأمر الذي ينعكس سلباً على مقدرات اللاعبين الصغار الذين يكتسبون ألف باء أبجديات كرة السلة بشكل خاطئ.

غياب المهارات
من الأسباب أيضاً لتراجع مستوى أغلبية اللاعبين هو أن معظم مدربي القواعد لا يعملون على تنمية المهارة الأساسية للاعبين الصغار، وذلك بسبب افتقارهم أصلا لهذه الميزة، وكل من يتابع مباريات الفئات العمرية لدينا فسيجد أن كل المدربين يحاولون تطبيق خطط عالية، وجميع هذه الخطط مأخوذة من الإنترنيت، وكما هو معروف عالمياً فإن العمل التكتيكي غير محبب لعمر تحت15سنة، لذلك لابد من التركيز على الجانب المهاري كي يكتسب اللاعب مهارات فنية عالية.

حاجة ملحة
قواعد سلتنا في المرحلة الحالية باتت بحاجة ماسة إلى إعادة ترتيب أوراقها وإلى كوادر وطنية مؤهلة بشكل صحيح، لأن بناء القاعدة بشكل سليم بات بحاجة للعمل المضني، وإلى توفير الكثير من المقومات لنجاح هذه القواعد، ومن أجل أن يكون الحصاد مثمراً يجب أن يكون الزرع وفيراً، وأي خطأ لابد من أن يظهر ولو بعد حين، لذلك على جميع أنديتنا العمل على وضع المدرب المناسب والمؤهل بشكل جيد على فرق القواعد، كي نضمن فرقاً قوية في المستقبل القريب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن