من دفتر الوطن

عشاق الحياة!

| عصام داري 

مع ولادة كل صباح من رحم الليل والظلمة، ومع بزوغ الشمس وانتشار النور في أرجاء نصف كوكبنا الأرضي، نتمنى إشراقات الروح والنفس لتواكب مسيرة الكون نحو الغد الآتي والذي لا يمكن إلا أن يكون مبهراً وسعيداً ومورقاً كما رسمناه في مخيلتنا وأحلامنا، فنحن وحدنا القادرون على تحويل الأحلام إلى حقائق.
ليست معجزة ولا أحجية عصية على الحل، بل هي إرادة عشاق الحياة ورغبتهم في التنقيب عن السعادة التي يغمرها النور في كهوف الظلام التي تحاول حبسنا وخنق أرواحنا في العتمة.
في هذه الأجواء، وما بين المعجزات والواقع، نحاول زرع ابتسامة على الشفاه التي أغرقها الزمن والغدر في محيط الأحزان، كل ما نطمح إليه هو مداواة القلوب الجريحة والنفوس المتعبة والأرواح الكليلة، وكل أمانينا أن يكون حصاد زرعنا بلسماً يداوي من جراحنا ويعيد الطمأنينة لكل من افتقد الحنان والأمان، ويعاني من ظلم الزمان والإجحاف والنكران.
هي مهمة صعبة في زمن أصبح أرخص شيء فيه هو الإنسان، لكننا نطمع في أن يخفف الكلام من وطأة الأحزان وغدر الخلان، وأن تشفي القصيدة جراحاً غائرة في الروح والنفس، وأن تنعش الموسيقا الإنسان الذي شارفت مراكبه على نهاية السفر.
مع كل إشراقة شمس وولادة يوم جديد يكون قد كتب لنا عمر جديد، فنحن نعود من موت مؤقت اسمه النوم الذي لا يقصر الأعمار ولا يطيلها، تشرق الشمس مبتسمة كما يرسمها الفنانون، وكما نراها نحن، والشمس لا تعرف العبوس، ويولد القمر باسماً أيضاً فابتسموا رجاء، من فضلكم كي نستطيع مواصلة مشوار الحياة.
بسمة الصباح جواز سفر ليوم طويل، فلا تبخلوا على أنفسكم في تمهيد دروب سفركم في هذه الحياة بالابتسام، فالعمر أقصر من أن يضيع في لحظات عبوس، ولا تصرفوا من بنوك أعماركم سنوات في معاشرة ومساكنة الهموم والحزن، اصنعوا الفرح وافتحوا نوافذكم للشمس والنور والضياء والهواء، دعوا نسيمات الصباح تداعب وجناتكم قبل أن تصبح رياحاً عاتية تقتلع كل الآمال واقتراب الآجال.
عندما يبقى في عمرك ثلاثة شوارع وفنجان قهوة وزاوية في مقهى عتيق مكانه خلف الزمن العتيق، وشبه ابتسامة تنتظر الصباح الذي يأتي، أو قد لا يأتي، تكون السفينة وصلت إلى نهاية المشوار، ويكون الركاب في القطار الذي اخترت أرقامه وألوانه وسككه ومحطاته قد بدأ رحلة العودة إلى البداية والنهاية، هنا في نقطة الصفر فقط تستطيع النهايات أن تصطدم بالبدايات وتتكون حكاية شارفت على الرحيل، وعليك أن تلملم أفكارك وتضعها في وصية وترسلها لمن يصارع من أجل رغيف خبز إضافي أو من أجل مليون إضافي، وأنت بلا خبز ولا ملايين لأنك اخترت الحزن الذي أوصى به الرسل والأنبياء.
ليس تشاؤماً ما خط قلمي، بل هو دعوة للحياة والفرح والحب في هذا الزمن الذي يحاولون مصادرة الحب واغتيال المشاعر، فأنا من أنصار بيت الشعر الذي يقول:
غد بظـــهر الغـــيب واليوم لي
وكم يخيب الظـن في المقــــبل
لعشاق الحياة فرصة لصنع الفرح لهم ولغيرهم، وفي عالمنا الذي لا يعرف المستحيل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن