ثقافة وفن

خمسة أعوام على رحيل عدنان حبال … أحد مؤسسي السينما والتلفزيون في سورية

| وائل العدس

قبل نصف عقد من الزمن، خسر الوسط الفني السوري فناناً وكاتباً كبيراً هو عدنان حبال عن عمر 76 عاماً، والذي يعتبر من جيل الفنانين الذين أسسوا للسينما والتلفزيون في سورية.
توفي بتاريخ 16 آذار 2013 في مدينة «دمشق» بعد صراع مع المرض، وقد ولد عام 1937 في حي الميدان الدمشقي وانضم لنقابة الفنانين عام 1971.
نال دبلوماَ في الأدب الألماني والعلوم الدرامية وأصدر كتاب «المخدوعة»، ترجمة عن اللغة الألمانية للكاتب توماس مان، كما اتبع دورة في الإخراج التلفزيوني وكتابة السيناريو وإعداد برامج الأطفال في مركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني.

متزوج وله أربعة أولاد، شارك كممثل بالعديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية، إضافة إلى عدة أعمال إذاعية.
ومن الأعمال التي شارك فيها في المسرح «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» و«زنوبيا» و«لولا النساء» و«لا تسامحونا» و«طرة ونقش» و«حبس الأحلام».
وفي الإذاعة لديه العديد من الأعمال الإذاعية مثل «الوصية» و«الأرنب» و«المجنون»، وفي السينما «أحلام المدينة» و«التقرير» و«الحدود» و«أمطار صيفية» و«وقائع العام المقبل» و«حبيبتي يا حب التوت» و«تفضلوا ممنوع الدخول».
من أهم أعماله التلفزيونية «حمام الهنا» و«عريس الهنا» و«قلوب دافئة» و«البناء 22» و«حمام القيشاني» و«مقامات بديع الزمان الهمذاني» و«زقاق المايلة» و«يوميات مدير عام» و«رحلة إلى الغد» و«يا أصحاب البيت» و«الأمانة والحب» و«أمنيات صغيرة» و«قانون الغاب» و«أبجد هوز» و«اللصوص» و«عائلتي».
كما عمل أيضاً في التأليف ومن أعماله التي كتبها للتلفزيون «رجل الساعة» و«زقاق المايلة» و«يا أصحاب البيت» و«أبو الخيل» و«اللصوص» و«البحث عن الذهب» و«الأمانة والحب» و«ألعاب نارية».

زقاق المايلة
خلال العام الماضي، عرضت قناة «سورية دراما» مسلسل «زقاق المايلة» الذي كتب له السيناريو الكاتب حبال وأخرجه الفنان الراحل شكيب غنام والمسلسل معدّ عن نص مسرحي للكاتب المصري محمود دياب، وهو من التجارب القليلة في الدراما التلفزيونية العربية التي تعتمد على نص مسرحي.
في هذا المسلسل حاول كاتب السيناريو أن يبتعد قدر الإمكان عن المشهدية المسرحية الثابتة، ومما ساعده على ذلك أن النص يقدم شيئاً من التشويق عبر أحداث مفاجئة وغير متوقعة، وهو الأمر الذي طوّره كاتب السيناريو ليخرج بنتيجة مقبولة قياساً بالفترة التي أُنتِج فيها المسلسل ولم تكن بعد تقنيات العمل التلفزيوني قد بلغت ما بلغته اليوم من تطور على صعيد الصورة.
لقد كان الفنان عدنان حبال أميناً للنص المسرحي فقدم دراما حياتية تنم عن فهم عميق لطبيعة النص المسرحي وما يحمله من بُعد إنساني موجع وهذا يعطي مصداقية لطرح قضايا تؤرق المجتمع العربي. ‏
بطل العمل «أبو صالح» يدخل السجن ظلماً ليحكم عليه عشرين سنة من القهر والحرمان ليخرج بعدها ويصل الخبر إلى أهل الحي بأنه قادم ليقتل عشرين رجلاً، أي كل سنة بالسجن مقابلها قتيل، وكانت رسائله تؤكد أنه سيقتل كل من تآمر ولفق وشهد زوراً عليه، وهكذا تنقلب حياة أهل الحي رأساً على عقب، فالجميع يتملكهم الرعب من الموت القادم الذي يحمله «أبو صالح» والمفاجأة المذهلة لهم أن «أبا صالح» خرج من السجن مريضاً لا يقوى على قتل ذبابة.
وقد لعب أدوار البطولة في هذا العمل الذي أنتج عام 1972 بالأبيض والأسود كل من: منى واصف، هالة شوكت، علي الرواس، عصام عبجي، أسامة الروماني، محمد الشماط، محمد خير الحلواني، عدنان بركات، فايزة شاويش، نور كيالي، أحمد أيوب، ‏عمر حجو، يوسف شويري وصلاح قصاص وملك سكر ومها الصالح وغيرهم.

طرفة
كتب الباحث أحمد بوبس يوماً أن عدنان حبال روى أنه في أثناء تصوير مشاهد المسلسل في الاستديو الأرضي بمبنى التلفزيون صادف أن المدير العام آنذاك كان يقوم بجولة في المبنى وبينما كان بالقرب من باب الاستديو سمع شجاراً بصوت مرتفع بين الممثلين وما إن انتهى الشجار حتى فتح باب الاستديو ودخل المدير العام يسأل عن سبب الشجار الذي حدث فأوضح له المخرج الراحل شكيب غنام أنه ليس هناك أي شجار وما سمعه هو تمثيل في أحد المشاهد الحامية في المسلسل، فابتسم المدير وخرج متمنياً لهم النجاح في تصوير المسلسل. ‏
وبعد عدة أيام حصل شجار حقيقي بين اثنين من الممثلين الكومبارس في الاستديو وراحا يتشاتمان بألفاظ نابية، الأمر الذي اضطر المخرج إلى النزول من غرفة المراقبة وطردهما من الاستديو. ‏
وبالمصادفة أيضاً كان المدير العام يقوم بجولة وسمع الشجار بين الممثلين وعند خروجهما من الاستديو بادرهما قائلاً بلطف ودبلوماسية: أعجبني انسجامكما في تمثيل المشاجرة ولكن حبذا لو تخليتما في المرة القادمة عن الألفاظ النابية التي سمعتها منكما للتو، فهي ألفاظ لا تليق بالفنانين وكان على الرقيب شطبها من النص.

مع «الوطن»
قبل عشر سنوات تقريباً، أجرى حبال لقاء مع صحيفة «الوطن» وكان له رأي مهم في المسلسلات التركية المدبلجة للعربية وخصوصاً مسلسل «نور» وقال: إذا تجاوزنا المواضيع السطحية والمشاهد الممطوطة والمناظر السياحية في أي مسلسل تركي جديد مدبلج فإن هذا الإقبال غير المتوقع وغير المسبوق على مشاهدته يوجه إنذاراً إلى صانعي الدراما العربية ولاسيما السورية منها، ومضمون هذا الإنذار هو أن على كتّابنا الالتزام بالواقع وخصوصيته المحلية، من دون ثرثرة أو إغراق في اللهجة العامية والإثارة المجانية، كما فعل «باب الحارة» مثلاً في استخفافه بعقل الجمهور البسيط العامل وإهانته، ومن دون إغراق في الخيال الممل كما في مسلسل «ظل امرأة».
وأضاف: إن على كتّابنا ومخرجينا أن يتعلموا من جديد تكوين وتصميم صورة المشهد التلفزيوني ويدرسوا لقطاته المختلفة انطلاقاً من خدمة الهدف والمضمون وليس من إبراز عضلاتهم ونسخ ما شاهدوه من أفلام رديئة مستهلكة. يتوجه هذا الإنذار الذي تطلقه صفارة المسلسلات التركية أيضاً إلى نجومنا في التمثيل من الجنسين. فليتفرجوا على انفعالات أبطال «إكليل الورد» أو «نور» أو «سنوات الضياع» ليروا أنها انفعالات داخلية تكاد تكون صامتة ولكنها عظيمة التأثير في المتفرج الذي يصدّقها مع حوارها ويتعاطف معها من خلال الحالة التي تسيطر على المشهد كله وتستفيد من الديكورات والإضاءة العلمية الجيدة والموسيقا الدرامية المرافقة، التي فشلت درامانا السورية حتى الآن في توظيفها لمصلحة المشهد ولمجرد الإثارة في بعض الأحيان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن