ثقافة وفن

«امرأة ووطن».. مجموعة فنانات من سورية … علي المبيض: بعض اللوحات كأنها مرايا للمحنة السورية ومكنونات الذات الإنسانية

| سارة سلامة

10 فنانات تشكيليات مشاركات من مختلف المحافظات السورية في صالة «ألف نون» للفنون والروحانيات لصاحبها الفنان بديع جحجاح، وذلك في عيد عالمي يحتفل العالم بالمرأة، لأنها الأم والزوجة والأخت والمربية، وفي سورية إضافة إلى كل ذلك هي أم وأخت وزوجة شهيد تحمل نعش عزيزها فخورة بما قدمت ومتأهبة لتقدم المزيد لتحرير كل شبر من الأرض السورية، المعرض حمل اسم «امرأة ووطن» ويعود جزء من ريعه لمشروع «جريح وطن» المخصص لجرحى الجيش، وهو إهداء إلى جميع أمهات الشهداء على مساحات الوطن.

مرايا للمحنة السورية
أكد معاون وزير الثقافة علي المبيض في تصريح خاص لـ«الوطن»: «إن المعرض يعكس تطور الحركة التشكيلية السورية من خلال المشاركات فيه، وهو يضم 10 فنانات من عدة محافظات سورية، ومن الجميل الاحتفاء بالمرأة في يوم عيدها العالمي الذي يصادف في 8 آذار، ومن الفنانات المشاركات أم لشهيد، لذلك أرى المرأة أهم من أن نقيمها بأنها نصف المجتمع لأنها أهم من ذلك بكثير، وهي ليست عدداً أو رقماً وإنما هي الأم والأخت والزوجة والزميلة في العمل والشريكة في الوطن، وهذه التظاهرة جميلة لأنها محصورة فقط بالسيدات».
وأضاف المبيض: «إن وزارة الثقافة تسعى من خلال رعايتها لهذا المعرض وأمثاله إلى تقديم كامل الاحترام والتقدير للمرأة التي تقف جنباً إلى جنب مع الرجل في بناء المجتمع السوري، كما نلاحظ بعض اللوحات وكأنها مرايا للمحنة السورية وتعكس مكنونات الذات الإنسانية والنفس البشرية، وبعضها يصل إلى العالمية، وهذا ما يدعو إلى الفخر وأرجو المتابعين للحركة التشكيلية السورية زيارته».

أيقونة في جبين الحرب
وبدوره بين الفنان بديع جحجاح مدير صالة (ألف نون): «إنه من الجميل الاحتفال بعيد المرأة وعيد الأم وكل الأعياد التي يفرضها شهر آذار، ونعمل في المعرض على توحيد طاقات 10 سيدات من هذا الوطن الساحر، بعضهن أولادهن في الجيش ومنهن من فقدن أبناءهن شهداء، فاليوم الأم تختصر حال الوطن لأنها هي من تربي وتجعلنا دائماً نعبر على جسر أكثر دفئاً وأكثر حناناً ورقة».
وأضاف جحجاح: «إن صالة «ألف نون» عودتنا دائماً أنها تجمع بداخلها مجموعة من الأيقونات وتثبت بها زمن الحرب من جدل إلى حالة حبق وثنائية حب من حلب وحلب قصدنا وأنت السبيل، كل ذلك له علاقة بالمشهد التشكيلي، واليوم لدينا مشروع «ألوان وأفكار» لدعم التلاميذ والطلاب، وأردت أيضاً جعل «امرأة ووطن» أيقونة في جبين الحرب يعاد دائماً في هذا الوقت، لنذكر فيه أن المرأة هي إنسان مقدسة وعظيمة، وأنها عندما تكون مملوءة بالمعرفة والثقافة المنفتحة ستكون أقدر على بناء جيل مختلف أمام الحرب التي ألمت ببلادنا وأنها الجسر الذي سيأخذنا إلى ضفة أكثر أمناً وأماناً».
وبيّن جحجاح: «إن هذا المعرض نهديه إلى أمهات الشهداء لأننا اليوم هنا موجودون بسببهن وقدرنا أن نتحول إلى أناس معطوبين روحياً، نعتبر أن الأمل والجمال هما ضفة تأخذنا إلى الأمن القادم بهمة الجيش وبهمة القائد وبهمة الشعب الذي صبر على كل تلك المحن، لأننا نعتبر الجمال هو قيمة مؤنسنة ستفرض النصر القادم».
وقالت الفنانة التشكيلية عفاف خرما: «إن مشاركتي جاءت من خلال3 أعمال تناولت فيها الطبيعة الصامتة وواقعنا المحيط بألوان الباستيل التي أعمل وأجد نفسي بها، وموضوعي لا يمس المرأة بشكل متفرد لأنني تناولته بالشكل العام ومن ضمنه المرأة، وهو بمنزلة التكريم لها في يوم عيدها العالمي». معربة عن تمنيها «بدوام الفرح والمحبة بين الناس واستمرار هذه المعارض وعودة سورية إلى أمنها وسلامها المعهودين».
ومن جانبها قالت سوسن جلال: «شاركت من خلال هذا المعرض في 3 أعمال احتفاء بالمرأة، وكل فنانة وضعت إنتاجها ولمستها الخاصة لتعبر من خلال لوحتها عن المرأة، وفي أعمالي استخدمت المائيات والإكرليك، وتفردت برسم الورود خارجةً عن النطاق التقليدي الذي يتبعه الفنانون، واعتمدت على تشكيل الورد وتكوينه من خلال الألوان والشكل، وبكل تأكيد فإننا عند النظر إلى الورد نرى فيه أنوثة المرأة».
ومن جهتها أكدت مفيدة ديوب: «إن المعرض حمل خمسة من أعمالي بأحجام مختلفة كبيرة ووسط وثلاثة أعمال صغيرة، وأعمالي هي تعبيرية وتجريدية واستخدمت فيها الإكرليك على القماش، والاحتفاء بالمرأة مناسبة مهمة لنا كفنانات تشكيليات لنعبر عن معاناة المرأة في الأزمة التي يمر بها بلدنا، وفي أحد أعمالي تحدثت عن فخر الأم عندما تقدم ابنها شهيداً، وكأنها تقدم باقة من الزهور في لوحة وتعطي زهرة لكل بقعة من بقاع سورية، وأتحدث بالشكل العام عن الحالات الإنسانية التي تمرّ فيها المرأة أو الإنسان، وأعكس حال المرأة من الفرحة أو المعاناة، فالكثير منهن حملن نعوش أبنائهن، وفي الوقت نفسه يرسلن بالآخر للمعركة ذاتها ليتم تحرير كل بقاع سورية، هؤلاء الأمهات الصابرات لهن كل التقدير وواجب علينا التعبير عنهن بطريقتنا الخاصة، فكل من مكانه يجب أن يقف معهن، وأنا كفنانة تشكيلية أعبر عن هواجسي بالريشة وأوثق من خلالها المرحلة التي تمرّ بها سورية وما يميز المعرض أنه إهداء لأمهات الشهداء».

جذورها ملتصقة بالأرض
وعن مشاركتها أشارت صريحة شاهين وهي أم لشهيد «إلى أن المعرض هو تحية للمرأة في عيدها العالمي، وتحية إلى أمهات الشهداء وللشهداء، وأنا كأم شهيد عبرت من خلال لوحتين عن المرأة السورية، اللوحة الأولى سميتها سورية المحبة وسورية الحاضر وعبرت عن المرأة بالشجرة والجذور، فالمرأة لها جذور ملتصقة بالأرض ومتجذرة بها ونراها متمسكة بوطنها ومنتظرة أبناءها وتدعوهم إلى حب الوطن، وذلك لأن الوطن غالٍ وبحاجة إلى التضحية، وسميت العمل الآخر «أحنو على قلبي» وهو قلب المرأة المجروح، وبالنسبة لي فأنا لملمت جراحي ودعوت ربي أن تخرج سورية من أزمتها ويعود لها الأمن والأمان، والمواد التي استخدمتها هي مواد الزيتي والإكرليك إضافة إلى المواد اللاصقة، واستخدمت اللون البني الذي يدلّ على الأرض والأحمر دليل على الجراح التي حدثت في سورية وأن هذه الأرض سقيت بدماء طاهرة».
وقالت حنان الشامي: «إنني رسمت عدة لوحات مائية استوحيتها من الطبيعة الجميلة في بلدنا ومن الأرياف وبيوتها وأشجارها وألوانها، لأن من واجبنا تقدير المرأة السورية البارزة والقوية».
أما الفنانة ميساء عويضة فقالت عن المعرض: «إن مشاركة 10 فنانات للاحتفاء بعيد المرأة العالمي وعيد الأم والمعلم لأنها مربية أجيال، يترافق مع الشهر الربيعي آذار ما يدلّ على انبعاث الحياة من جديد، وأعمالي انحصرت في 4 لوحات، اللوحة الأساسية هي الحجم الكبير ذاته وأسلط فيها الضوء بشكل خاص على المرأة لأنني أراها مركز الحياة ووضعتها في وسط اللوحة وحولها عدة أشخاص، ولا نستطيع في عيدها فصلها عن الأزمة لأنها إحدى أبرز الخاسرين فيها، وموضوع أعمالي بشكل عام هو الإنسان أو المرأة واعتمدت على البيئة الجمالية المحلية التي نملكها وعلى الواقع الجمالي، فعند النظر إلى سجادنا نجده لا يخلو من اللون الأحمر وننظر إلى الزجاج المعشق أو القيشاني الذي يملك جمالية خاصة واستوحيت أعمالي من هذا الجمال بطريقة غير مباشرة».
وكشفت لبنى أرسلان عن مشاركتها وقالت: «شاركت في 3 أعمال من الإكرليك، لأنه يعطي نوعاً من الحرية في العمل، وأدخلت القليل من الفحم مع إضافة خطوط بسيطة ومختصرة لتوضح التكنيك في العمل، وحبي للضوء واضح في مجمل أعمالي، وأعمل دائماً على اللمسات اللونية التي تسمى الضوء، ومنها أيضاً اللون الأصفر وهو الضوء الذي نبحث عنه بذاتنا، وكل شخص فينا اليوم مثقل بهذه الأزمة، لذلك نحن بحاجة إلى القليل من التفاؤل، وساعدنا المعرض كي نفتح الباب على أعمالنا ونظهرها بشكل أفضل، والمرأة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع وهذه الوجوه في أعمالي كفيلة بالتعبير عن الأنثى لأنها محور الحياة».
وقالت إملي فرح: «إنني أعمل بالخزف منذ 35 عاماً وهذا هو نمطي وأعمالي اليوم حديثة قدمتها حصراً للمرأة في عيدها، والخزف له خصوصية معينة واستعملت به عدة تقنيات، وكما هو معروف فإن الخزف يحتاج إلى بال طويل وتسخين بالفرن وله جمالية خاصة».
وأعربت التشكيلية لين البطل عن سعادتها للمشاركة في المعرض قائلة: «سعيدة جداً لمشاركة أعمالي في معرض يضم أعمالاً لـ10 نساء من الفنانات التشكيليات السوريات، وأعمالي تختلف عن باقي اللوحات لأنني خريجة اتصالات بصرية، ولها طابع مختلف وتظهر تأثري بالتراث الإفريقي وفي أميركا اللاتينية، وهو ما يدعى الفن البدائي وأعمل عليه منذ أن كنت صغيرة ومشاركتي تتمثل بلوحات عن المرأة تكريماً لها في عيدها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن