حوت قاتل في دمشق
| حسن م. يوسف
من المعروف أن (الحوت الأزرق) هو أضخم الحيوانات التي تعيش على سطح كوكب الأرض؛ إذ يصل طوله في ذروة نموه إلى حوالي ثلاثين متراً، كما يصل وزنه إلى مئة وتسعين طناً، ويبلغ وزن لسانه وحده حوالي أربعة أطنان! والحوت هو صاحب أقوى صوت على وجه البسيطة، إذ يمكن أن يصل صوته ذو التّرددات المنخفضة من القطب الشّمالي إلى القطب الجنوبيّ.
تنتشر الحيتان في جميع بحار ومحيطات العالم باستثناء بحر قزوين وبحر آرال، وهي تنحدر من ثدييات بريّة يُعتقَد أنّها انتقلت إلى الماء قبل حوالي خمسين مليون عام، وتمتاز بجهاز تنفسيّ فريد من نوعه يسمح لها بالبقاء تحت الماء فتراتٍ طويلة متباينة قد تصل إلى ساعتين كما هو الحال مع حوت العنبر.
لا شك أن الحوت الأزرق كائن جدير بالإعجاب والتأمل، غير أن ما دفعني لكتابة هذه الكلمات ليس إعجابي بالحوت الأزرق الذي يمخر عباب البحار، بل خشيتي من لعبة «الحوت الأزرق» الإلكترونية التي تفتك بالمراهقين عبر الإنترنت في مختلف أنحاء العالم.
لست أخفيكم أنني ظننت أن الأمر لا يعدو كونه ضرباً من المبالغة الإعلامية عندما قرأت أن «القائمين على لعبة (الحوت الأزرق) الإلكترونية يستخدمون أساليب نفسية معقدة بغية تحريض المراهقين على الانتحار». لكن وصول اللعبة إلى منطقتنا العربية ووقوع عمليات انتحار متواترة بين المراهقين لم يترك مجالاً للشك! إذ تم تسجيل ثلاث حالات انتحار في الكويت، وحالتين في السعودية، وثماني حالات انتحار في الجزائر في أقل من شهر، وقد تم إنقاذ الطفل جلالي أصيل من ولاية وهران في اللحظة الأخيرة من الانتحار. وبالرغم من تعالي الأصوات المطالبة لمزودات خدمة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بحجب هذه اللعبة القاتلة، إلا أنها واصلت انتشارها في المغرب ومصر وتونس التي عرفت أكثر من عشر حالات انتحار، في كل من سوسة والقصرين والقيروان ونابل، وقد وصلت لعبة (الحوت الأزرق) إلى سورية مؤخراً وراح ضحيتها فتى مراهق في الصف التاسع يدعى علاء الدين الفواخيري يدرس في المدرسة الباكستانية، انتحر يوم الجمعة في الثاني من آذار الحالي.
يمكن الوصول إلى لعبة (الحوت الأزرق) بوساطة الحواسيب والهواتف الذكية، وهي تتكون من خمسين تحدياً أولها أن يقوم اللاعب بنقش رمز F57 ورسم صورة الحوت الأزرق على ذراعه بآلة حادة وإرسال الصورة للقيِّم على اللعبة لتأكيد دخوله في اللعبة، بعد هذا يبدأ القيّم في السيطرة على حياة اللاعب فيأمره بالاستيقاظ في الساعة الرابعة وعشرين دقيقة فجراً لمشاهدة أفلام الرعب والاستماع لموسيقا الميتال الثقيلة المخيفة، كما يأمره بتنفيذ مهمات مختلفة كالصعود إلى سطح المنزل أو تسلق جسر بهدف التغلب على الخوف. وعندما يصل المراهق إلى منتصف التحديات، يجب عليه إجراء مكالمة مع أحد القيّمين عن اللعبة لكسب الثقة والتحول إلى «حوت أزرق»، وبعد كسب الثقة، يُطلب من المراهق ألا يكلم أحداً وأن يستمر في نقش الرموز على جسده ومشاهدة أفلام الرعب لمدة تسعة وأربعين يوماً. وفي اليوم الخمسين يطلب من اللاعب تنفيذ تحدي الانتحار.
أما إذا قرر اللاعب الانسحاب من اللعبة أو عدم تنفيذ الأمر بالانتحار، عندها يقوم القيِّم على اللعبة بتهديده بنشر ما جمعه من معلومات عنه وعن عائلته، وقد يهدده بالقتل هو وأفراد عائلته.
الشيء المقلق هو أن هذه اللعبة القاتلة ما تزال تواصل انتشارها رغم تمكن السلطات الروسية من إلقاء القبض على مصممها فيليب بوديكين وعلى القيِّم الثاني عليها.
يرجى من الأمهات والآباء الانتباه لسلوك أبنائهم، وخاصة عندما تظهر عليهم علائم الانطواء، فبعض الإهمال يقتل.