من دفتر الوطن

بأم عيني!

| عبد الفتاح العوض

كلمة «أم» فيها من التعدد والتنوع ما يثير في القلب الرهبة… واحدة منها عندما نقول رأيت بأم عيني فهذا يعني أنك متأكد تماماً لأنك رأيت بعينك..
في كل عيد أم أشعر بأني حزنت بأم عيني وأم قلبي.
وثمة أغانٍ عن الأم تهز المشاعر وتثير الأحزان، ورغم أنني سرت في درب العمر بما يكفي للاعتياد على الحزن إلا أن المسألة ما زالت تأخذ شكلاً حزيناً في كل عيد.
لكن هذه الزاوية ليست عن «الأم» بل عن الوطن الأم.
هل يستطيع «الوطن» أن يهجر أبناءه.. وهؤلاء الذين هجروه وآذوه وأوغلوا في عصيانه هل يستطيع «الوطن» أن يفتح قلبه من جديد لهم؟
هذا السؤال هو أهم سؤال سنواجهه خلال الفترة القادمة.. سيكون علينا الإجابة عنه ببساطة كي تصل إلى الجميع.
ماذا سيفعل «الوطن الدولة» بأولئك الذين ارتكبوا الخطايا بحقه؟ هل يمكن أن نأخذ الإجابات من الأبناء الآخرين.. أم إننا نستعين بالتاريخ ليعلمنا كيف تعاملت الأوطان مع أبنائها؟
الشيء المؤكد أنه جرى في أنهار التاريخ كثير من الأحداث المشابهة وقد خرج أبناء لديهم من العقوق ما آذى أوطاناً وجرح إخوة وثمة منهم من استمرأ طويلاً الإساءة للوطن وكل ما فيه لكن في لحظات ما يصبح الحديث الوطني واجباً أخلاقياً وإنسانياً.
ولعلنا هنا لا نتحدث عن سماح ومغفرة وغير ذلك من كلمات وتعابير العفو… بل نتحدث عن ضرورة التعالي على الجراح.
الجميع تابع أولئك الذين خرجوا من الغوطة وشاهد ما كان يسمى قبيل أيام قليلة «بيئة حاضنة» لنكتشف أنها لم تكن حاضنة بل بيئة مختطفة ومسجونة وغير قادرة على التحرك وفي الفرصة التي أتيحت لها هربت «إلى الوطن».
الهروب إلى الوطن هو الهروب إلى الأم ففيها يشعر الإنسان بأنه في أكثر الأماكن أماناً في الكون كله.
السوريون الأكراد أيضاً ظنوا في لحظات كثيرة أنه يمكنهم أن يحصلوا على «الأم البديلة» واكتشفوا مع كثير من الألم أنه لا بديل من الأم في كل وقت وحين وخاصة في الأوقات الصعبة والحزينة.
أخطاء وخطايا البشر بحق الأم ليست خارج السياق لطبائع البشر.. لكن لا يوجد خطايا وأخطاء من الأم بحق أبنائها… نادرة هي القصص التي تتحدث عن أم آذت أبناءها.
ما شهدناه من «الهروب» إلى الوطن كان اختباراً بعد امتحان السنوات السبع.. الذين يفشلون بعد كل هذا الامتحان عليهم أن يعرفوا أنهم ليسوا في قواهم العقلية ولا في قواهم الوطنية! ووجود السيد الرئيس بشار الأسد في الغوطة ليس مجرد وجود قائد مع جنوده بل هو أعمق وأبعد من ذلك بكثير، وأن يقود السيد الرئيس سيارته بنفسه وصولاً إلى الغوطة يعني أن الرئيس يعرف بثقة طريق النصر.
أخيراً… بأم عيني أرى سورية أجمل.

أقوال:
• السلام على أمي أول الأوطان وآخر المنافي.
• الضربات القوية تهشم الزجاج ولكنها تصقل الحديد.
• الرجال كالأرقام، قيمتهم عند مواضعهم.
• أمي.. الملاك الذي أهداه الله لي ليحرسني ويحميني من الحزن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن