رياضة

الفرسان الثلاثة والتنافس على صدارة الدوري الممتاز … الاتحاد يحتاج للانضباط والبحث عن الهوية الفنية

| حلب – فارس نجيب آغا

جاء توقف دوري المحترفين بوقت مثالي لكرة الاتحاد، فهي بحاجة ماسة لإعادة تقييم الأمور وترتيب الأوراق في ظل تفاوت النتائج بالأسابيع الماضية والنقاط المهمة التي فرط بها، وقد يدفع ثمنها غاليا ويندم كثيراً مع تضييق الخناق عليه من الوحدة والجيش، ويمكن القول إن البطولة تقترب من الاتحاد لكنه لا يريدها من خلال الصورة الواقعية لفريقه وما يقدمه من أداء متقلب يدخل في خانة الشك لمن يرغب في انتزاع اللقب ويتوجب عليه أن يكون أكثر عنفواناً بأرض الملعب وهذا ما لم يحدث في الآونة الأخيرة، وربما المشاكل الداخلية لعبت دوراً في تدهور الوضع نتيجة غياب الاستقرار والانشغال بصراعات هو بغنى عنها أدت لرحيل مدربه واستقدام مدرب جديد بفترة مصيرية فتشتت فكر اللاعبين، وكأن السيناريو التراجيدي يعيد نفسه بصورة مماثلة للعام الماضي من دون التعلم من الأخطاء.
كرة الاتحاد باتت أشبه بمسلسل يعرض كل عام بالقصة والسيناريوهات نفسها وتوزيع الأدوار لأشخاص جدد، وحقيقة الأمر من يعتبرون أنفسهم أبناء النادي هم من يتصارعون فيما بينهم، ومجلس الإدارة بحسبة بسيطة يعتقد أن المال هو العصب والأساس لكن هذا الكلام لا يمكن أن يطبق في كل الظروف والمناسبات مع انعدام آلية العمل وفقدان النظام والتوكل على اللـه، وحقيقة نعترف بها أن النادي يسير نحو الانحدار ليس رياضياً بل اجتماعياً وثقافياً وتلك المعضلة التي تزداد اتساعاً وباتت حديث أغلبية الاتحاديين، والمؤسف أنه لم يتجرأ أحد حتى الآن لصدها أو العمل على وقفها معتبرين أن النتائج قادرة على كم أفواه الكثيرين لكن تلك الحسابات خاطئة تماماً لأن الوضع الداخلي مهترئ ويحتاج لعمليات تجميل.

دعم واستبدال
الاتحاد أنهى الذهاب بمركز الوصافة بعد الجيش متخلفاً عنه بفارق نقطتين جامعاً 28 نقطة من 13 مباراة فاز في 8 وتعادل 4 وخسر أمام الجيش وله 20 هدفاً وعليه 6 أهداف محققاً نتائج مثالية وهو شيء سعى له الاتحاد رغبة في تحقيق اللقب منذ 2005 مع تدعيم الفريق ببعض المحترفين من خارج النادي تحت قيادة مهند البوشي، وقد سارت الأمور كما تحب جماهير الاتحاد التي غصت بها المدرجات من خلال النتائج المسجلة والتي أعادت للنادي هيبته وبدا منافساً على الصدارة التي تأرجحت بحسب لعبة الكراسي بينه وبين الجيش والوحدة وتبدلت من أسبوع لآخر لكن بالمحصلة خرج من مرحلة الذهاب بحالة مرضية، وما عكر الأجواء الهزيمة أمام الجيش تعادل مخيب ضد الجار «الحرفيين» وسط دعم مالي ومعنوي كبير من مجلس الإدارة الذي لم يقصر في شيء، لكن لا بد من نقطة يجب التوقف حيالها وهي استبدال المدرب أنس صاري بمهند البوشي قبيل انطلاق بطولة الدوري بأيام من دون معرفة السبب المباشر.

أحداث وقرارات
مرحلة الإياب جاءت متقلبة وشهدت الكثير من الأحداث غير المتوقعة وصلت مرحلة الفلتان ببعض مفاصلها مع خلط للأوراق وهدر للنقاط وتبديل للمدرب المستقيل ودخول الجماهير على الخط في ظاهرة جديدة على النادي، مع حرب شعواء على صفحات المواقع بين فصائل متعددة الأوجه، وحالات لا يمكن وصفها من رمي الاتهامات هنا وهناك لم يستطع حيالها مجلس الإدارة تطويق أزمته الكروية التي أدت لاستقالة بعض الأعضاء والخروج بقرارات هشة لم تكن ذات معنى هدفها امتصاص نقمة الجماهير.

هدر للنقاط
الاتحاد لعب حتى الآن 6 مباريات ضمن الإياب جامعاً 11 نقطة من 3 انتصارات على الحرفيين والمجد والنواعير وتعادل بمواجهتين أمام الكرامة وحطين في حلب، وعاد ليتلقى هزيمة جديدة من الجيش في دمشق مسجلاً 9 أهداف وتلقت شباكه 4 أهداف معتلياً الصدارة، وله 39 نقطة ويمتلك منافساه الجيش والوحدة مباراة مؤجلة ولهما 38 نقطة أي إن المنافسة مازالت على أشدها وقد أهدر الاتحاد في الملعب أربع نقاط مهمة جداً كانت كفيلة بجعله متصدراً حتى لو فاز منافساه في اللقاء المؤجل وأمام الكرامة وحطين أخفق بالخروج منتصراً وسط غياب جودة اللعب من دون سبب مباشر.

هزيمة واستقالة
مسيرة الفريق في مرحلة الإياب بدأت بفوز كبير على الحرفيين بثلاثة أهداف وعاد الاتحاد ليستقبل المجد في حلب ويكرم ضيافته بهدفين، وجاء لقاء القمة ضد الغريم الجيش وكل يمني النفس بالفوز أو التعادل ليبقى بالصدارة، ورغم الشحن المعنوي والحالة المستقرة للفريق لكنه أخفق بالاختبار وخرج بهزيمة ثانية بالدوري طفت من خلالها بعض الشوائب على السطح مع تصريحات مبطنة وحالة من الغليان لبركان لم يتوقع أحد انفجاره، لكن تعادل الفريق في حلب مع الكرامة سلباً وما جرى من أحداث بين مدرب الفريق مهند البوشي وبعض الجماهير التي تهجمت عليه بحسب قوله أدت لفرط العقد وتوتر الأجواء بعد المباراة وهو ما عجل باستقالة البوشي الذي أعلنها فوراً .
فوضى وحسابات

مجلس الإدارة سارع لعقد اجتماع في اليوم التالي لدراسة وضع الفريق من دون حضور المدرب وخرج بقرار يفرض بموجبه عقوبة الفصل لأحد أعضاء الرابطة من دون أي بيان يوضح فيه وضع المدرب وما نتج عنها الاجتماع مع تسريبات عن تمسك البوشي باستقالته وعدم عودته معتبراً أن ما يجري أمر مبيت من وجهة نظره خلال حديثنا معه وهو ما رفضه مشرف اللعبة، وبين هذا وذاك وخلال ساعات قليلة تم الاتفاق مع المدرب ماهر البحري لتولي قيادة الفريق وتم تقديمه بمؤتمر صحفي غاب عنه وسائل الإعلام ومراسلو الصحف الرسمية في تجسيد لحالة الفوضى التي يسير بها النادي، بكل الأحوال البحري كان أمام اختبار صعب حيث سيواجه فريقه السابق النواعير في حماة وعليه ترتيب وضع الفريق بالسرعة الكلية ليتمكن من الفوز وكسب ثلاث نقاط غاية بالأهمية مع أداء متوسط لكنه عاد ليسقط في حلب أمام حطين بفخ التعادل بعد أن كانت النقاط الثلاث بمتناول يده لتعكر الأجواء من جديد ويدخل الاتحاد بجدول الحسابات لما تبقى من مباريات.

غياب المساواة
مشكلة الاتحاد بالمختصر هي تنظيمية في ظل عدم وجود لائحة تخص اللاعبين يندرج بها مبدأ الثواب والعقاب وغياب المحاسبة الفعلية وخاصة عند الخسارة لذلك ما يحدث هذا الموسم مطابق للموسم الماضي من دون أي إجراء تأديبي خرج به مجلس الإدارة منذ بداية الدوري وحتى الآن وعدم تطبيق سياسة معتدلة بين عناصر الفريق وغياب المساواة مع فقدان هوية الفريق الفنية وعدم وجود شكل لمجموعة تلعب كرة القدم في جل المباريات التي خاضها ويبقى الاعتماد على المال لتحفيز اللاعبين وينتظر بعدها اجتهادات فردية وسط غياب منظومة لعب جماعي تقنع رغم كوكبة النجوم التي دفع النادي لها عشرات الملايين حيث تغلب المزاجية على الأداء علماً أن المنافسة معروفة منذ بداية الدوري بين الاتحاد والجيش والوحدة فهي فرق تملك أبرز لاعبي القطر لكن سياسة العمل والعقلية التي تدار بها الأمور تختلف من ناد لآخر.

حلم اللقب
الاتحاد يتبقى له سبع مباريات فيحل ضيفاً على الجهاد، تشرين، الشرطة، ويستقبل بملعبه الوحدة، الوثبة، الطليعة، المحافظة، وبنظرة سريعة تبدو مباراة الجهاد بمتناول يده ليعود إلى حلب ويستقبل الوحدة في قمة الدوري والفوز وحده يبقي الاتحاد منافساً على البطولة وبذلك يكون قد أزاح خصماً عنيداً وينتظر أن يتعثر منافسه الآخر الجيش، ومن المتوقع أن يتجاوز بعدها الوثبة في حلب ومن ثم تنتظره مباراة صعبة للغاية مع تشرين في اللاذقية ولا يمكن لأحد التكهن بنتيجتها ثم يستضيف الطليعة بحلب والفوز سيكون أقرب له ويعود ليغادر لدمشق لمقابلة الشرطة في مباراة لا تبدو سهلة ويختتم الدوري باستضافة المحافظة الباحث عن طوق نجاة ويبقى كل ذلك توقعاً وعلى الورق لكن مواجهة الوحدة وتشرين مهمتان والفوز يقوي حظوظه على أن تخدمه النتائج الأخرى ويهدر خصمه الجيش بعض النقاط ليكون الطريق ممهداً له، وبكل الأحوال يبقى مصير الاتحاد بيده وهو من أضاع نقاط محققة في ملعبه وفوت عليه فرصة توسيع الفارق النقطي مع ملاحقيه ونشدد في النهاية على ضرورة الحزم من مجلس الإدارة لما تبقى من مباريات، ومن ثم يأتي عمل المدرب ماهر البحري لوضع بصمته التي لم نجدها خلال مباراتي النواعير وحطين، ولن نقسو عليه لأن الحمل كبير جداً لكن فرصة التوقف الحالية هي بنك زمني سيكون بمصلحته ومصلحة الاتحاد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن