رسائل بعدة اتجاهات
| عمار عبد الغني
بعثت زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الخطوط الأمامية في الغوطة الشرقية رسائل بعدة اتجاهات للداخل والخارج، وعلى المستويات كلها العسكرية والسياسية والإنسانية وجعلت المتاجرين بدم السوريين وتباكيهم على معاناتهم يحارون كيف يمكن إفراغ الزيارة من مضمونها، فخرجوا بخطاب أقل ما يقال عنه مثير للسخرية يعكس مدى تخبطهم بعدما أفرغت جعبتهم من أي إنجاز يخدمهم في البناء عليه لتجييش العالم على سورية شعباً وجيشاً وقيادة.
جاءت الزيارة في الزمان والمكان المناسبين، فمن حيث التوقيت أراد الرئيس الأسد أن يطمئن السوريين عموماً وأهل الغوطة على وجه الخصوص، أن استعادة خاصرة دمشق التي عوّل مشغلو وممولو الإرهاب لتكون الورقة الأهم في مواصلة الحرب على سورية باتت في متناول اليدين وأن الأهالي باقون في منازلهم والجيش العربي السوري أخذ على عاتقه تأمين الحماية لهم، ومن ثم اتضحت الصورة الحقيقية للدولة السورية التي حاول الغرب تشويهها على مدار سنوات الحرب، فهي لا تعمل على إحداث تغيير «ديموغرافي» كما يدعون انطلاقاً من إدراكها أن السواد الأعظم من الأهالي قد تم اتخاذهم من ميليشيات الإرهاب والإجرام والقتل دروعاً بشرية، وانتظروا بفارغ الصبر وصول جيش الوطن إلى قراهم لتحريرهم من جرائم الإرهابيين، بينما تكفلت الجهات الحكومية بتأمين كل المستلزمات التي منعتها عنهم الميليشيات المسلحة، وعليه خرج الآلاف عبر الممرات الآمنة يهتفون للجيش والقائد، مطالبين أبطال الجيش بالإسراع بإنجاز المهمة حتى يعودوا إلى أرضهم الطيبة لزراعتها وإلى منازلهم لترميمها وممارسة حياتهم الطبيعية التي حرموا منها خلال السنوات السبع الماضية، هذا الالتفاف الوطني حول الجيش والقائد، أوضح للعالم حقيقة الشعب السوري ومعدنه الأصيل، حيث توجه أهالي الغوطة نحو الطريق المعاكس لآمال المتآمرين على بلادهم الذين كانوا يراهنون على المعاناة الإنسانية وسيلة للتدخل في سورية وكذلك سقطت ورقة «الكيميائي» بعد أن كشف الجيش العربي السوري على الملأ عدداً من المعامل التي كانت تدار من تلك الميليشيات ولم يعطها الفرصة لاستخدامها لتكون ورقة للمتاجرة أمام المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية.
يمكن القول إن معركة الغوطة تم التخطيط لها بعناية فائقة إن كان من ناحية التكتيك العسكري الدقيق والمتناسب مع طبيعة المنطقة ومع توزع الميليشيات المسلحة المرتبطة بجبهة النصرة فيها، وكذلك من ناحية تأمين الأهالي وطمأنتهم بأن الدولة السورية مسؤولة عن حمايتهم وتحريرهم من الإرهابيين وتلك رسالة أراد الرئيس الأسد إيصالها بنفسه إلى أهلنا في الغوطة ومن ثم انتزعت الدولة السورية من يد الغرب أهم الأوراق المتمثلة بالحفاظ على حياة المدنيين وممتلكاتهم.
أخيراً أوضحت الزيارة ثقة القائد بشعبه والشعب بالقائد فعندما يتحرك الرئيس الأسد بمفرده في سيارته الخاصة وفي أحلك الظروف ويستقبل من الأهالي بالفرحة التي شاهدناها فهو يفسر سر صمود سورية في مواجهة الحرب الكبرى التي تشن عليها والذي يرتكز بالأساس على دعم شعبي منقطع النظير للجيش والقيادة السياسية وثقة بالنصر مهما بلغ حجم التضحيات.
نعم معركة الغوطة هي المعركة الأهم استراتيجياً وستكون زيارة الرئيس الأسد بمنزلة الإعلان المبكر لانتصار سورية.