سورية

حراك دبلوماسي مكثف يشير إلى بداية تبلور تفاهمات إقليمية ودولية لحل الأزمة…المعلم يؤكد أن أي جهد لمحاربة داعش يجب أن يتم بالتنسيق مع سورية وأنباء عن لقاء ثلاثي قد يجمعه مع الجبير وظريف في مسقط

 الوطن – وكالات : 

تتسارع الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل للأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام، مع استفحال خطر التنظيمات المتشددة ليس على المحيط الإقليمي والدولي لا بل العالمي أيضاً والتي يأتي في مقدمتها تنظيم داعش وجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سورية وأخواتهما، لتجد الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول الكبرى نفسها أمام «الأمر الواقع» بوجوب جعل التصدي لهذه التنظيمات أولوية لا يتقدم عليها أي أولوية والتنسيق مع الدول المعنية بشأن ذلك، واعتبار كل ما عدا ذلك عبارة عن تفصيلات يمكن حلها بالحوار.
الحراك الدبلوماسي في الأيام القليلة الماضية، بدأ باللقاء الروسي – الأميركي – السعودي، في الدوحة، ومن ثم تبعه إطلاق إيران لمبادرتها المعدلة لحل الأزمة السورية خلال زيارة لنائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، ليصل الأمر إلى أنباء تحدثت، عن تلقّي المعلم، دعوة رسمية من نظيره العُماني، يوسف بن علوي، لزيارة مسقط، وإجراء مباحثات ثنائية، تمهد للقاء المعلم بنظيره السعودي، عادل الجبير، مع عدم استبعاد حصول لقاء ثلاثي، خلال الزيارة نفسها يشارك فيه وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، وذلك بعد تقارير إعلامية تحدثت عن زيارة قام بها مسؤول أمني سوري كبير إلى العاصمة السعودية الرياض وإجرائه مباحثات مع مسؤولين سعوديين، من دون أن تنفي لا دمشق ولا الرياض تلك الأنباء، الأمر الذي ينظر إليه بشيء من التفاؤل بأن تفاهمات دولية وإقليمية قد تكون في طريقها إلى التبلور لإيجاد حل للأزمة السورية وذلك بالتشاور والتنسيق مع الدولة السورية.
ولعل أبرز ما يدلل على هذا التنسيق مع القيادة السورية هو ما أطلقه المعلم من تصريحات بعد لقائه نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في اليوم الثاني من زيارته إلى طهران، رداً على سؤال حول إعلان الولايات المتحدة نيتها تقديم الدعم الجوي لمن تسميهم «معارضين معتدلين» بعد تعرض مجموعة من هؤلاء أدخلتهم إلى سورية لهجوم من «جبهة النصرة»، حيث أجاب المعلم بالقول: «بالنسبة لنا في سورية لا توجد معارضة معتدلة وغير معتدلة وكل من يحمل السلاح ضد الدولة السورية هو إرهابي.. والولايات المتحدة اتصلت بنا قبل إدخال هذه المجموعة وقالت إنها لمحاربة داعش وليس الجيش السوري إطلاقاً ونحن قلنا إننا مع أي جهد لمحاربة «داعش» وذلك بالتنسيق والتشاور مع الحكومة السورية وإلا فإنه خرق للسيادة السورية».
كما يؤكد التنسيق بين دمشق وواشنطن تقارير صحفية تلفزيونية عن اتصالات سورية أميركية جرت في مقر الأمم المتحدة على مستوى رئيسي البعثتين بشار الجعفري وسمانثا باور.
وتوج المعلم زيارته إلى طهران بلقاء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني ونقل إليه تهاني القيادة في سورية للقيادة الإيرانية والشعب الإيراني على النجاح في الاتفاق النووي التاريخي بين طهران ومجموعة خمسة زائد واحد على ما ذكرت وكالة «سانا». كما تم خلال اللقاء استعراض الأوضاع في المنطقة وإنجازات الجيش العربي السوري والمقاومة الشعبية والوطنية اللبنانية في دحر الإرهاب ودعم صمود الجيش السوري.
وأكد الرئيس روحاني ثبات موقف إيران الداعم لسورية في صمودها بمحاربة الإرهاب والتطرف وتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات والعمل بشكل مشترك على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام. حضر اللقاء نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد ومستشار وزير الخارجية أحمد عرنوس والسفير السوري في طهران عدنان محمود.
وخلال اللقاء مع ظريف، شدد المعلم على أن سورية تحارب الإرهاب بالنيابة عن العالم وهي ترحب بأي جهد يبذل في إطار محاربة الإرهاب مع احترام السيادة الوطنية، وقال «إننا نرحب بأي مبادرة سياسية تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية وتحافظ على السيادة الوطنية دون أي تدخل خارجي». ولفت المعلم إلى الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في مواجهة التنظيمات الإرهابية. وقال: «إننا مستمرون في مكافحة الإرهاب حتى تخليص كل الأراضي السورية من هذا الإرهاب الذي يشكل خطراً على المنطقة والعالم».. وهنأ الوزير المعلم إيران على إتمام الاتفاق النووي الذي يحقق تطلعات الشعب الإيراني.
من جانبه جدد ظريف موقف بلاده الداعم لسورية وصمودها في محاربة الإرهاب وقال: «إننا نقف إلى جانب الشعب والحكومة في سورية ونعمل مع كل الأصدقاء في هذا المجال». وأكد ظريف أن الحل الوحيد للأزمة في سورية هو الحل السياسي الذي يقرره الشعب السوري دون أي تدخل خارجي، داعياً إلى ضرورة استمرار التشاور والتنسيق لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين وخاصة في مجال التصدي للإرهاب وتنظيماته المختلفة. كما بحث المعلم مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني القضايا ذات الاهتمام المشترك وخاصة جهود مكافحة الإرهاب. وأكد الجانبان ضرورة متابعة التنسيق والتشاور بين البلدين لما يحقق مصلحة شعبيهما الصديقين.
واعتبر شمخاني أن تنظيم داعش يشكل تهديداً عالمياً وعلى الداعمين لهذه العصابة تحمل مسؤولية الدماء التي تريقها والجرائم التي ترتكبها ضد الأبرياء العزل، مشيداً بصمود سورية قيادة وشعباً وجيشاً في مواجهة الجماعات الإرهابية خلال الأعوام الأربعة الماضية.
وبحسب وكالة «تسنيم» الدولية الإيرانية للأنباء فإن شمخاني أكد خلال هذا اللقاء أن صمود سورية فضح الجماعات الإرهابية وكشفها على حقيقتها، معتبراً، أن الحل في سورية يتمثل في مضاعفة الجهود لتحرير المناطق التي تخضع لسيطرة الإرهابيين وبالتالي إعادة الأمن والاستقرار إلى المواطنين ومن ثم إطلاق حوار سوري- سوري بهدف التوصل إلى وفاق وطني».
ورفض شمخاني أي تدخل عسكري من الدول الأجنبية في الأزمة السورية، مضيفاً: «أن القيام بمثل هذه الخطوة ليس فقط سيؤدي إلى زعزعة المؤسسات السياسية الشرعية المدعومة شعبياً بل سيؤدي إلى تأزيم الأوضاع واتساع نطاق الإرهاب والانفلات الأمني». وأشار شمخاني إلى أن التغيير الذي طرأ على صعيد التعاون مع سورية والاعتراف بضرورة اعتماد الخيار السياسي لحل الأزمة السورية مؤشر على أن اليد العليا هي لسورية ويثبت صحة رؤية دمشق وحلفائها في خصوص مواقفها المبدئية المتمثلة باحترام مطالب الشعب والديمقراطية.

الساحة السورية
والجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب
كما بحث المعلم اليوم مع رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علي لاريجاني آخر المستجدات على الساحة السورية والجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب، حيث استعرض المعلم آخر التطورات الميدانية على امتداد الجغرافيا السورية، مؤكداً أن تضحيات الجيش العربي السوري والشعب السوري أدخلت الإحباط في نفوس الداعمين للإرهاب والإرهابيين. وقال إن «محور المقاومة يقوى ويتعزز وإن الإرهاب يندحر أمام ضربات الجيش العربي السوري والمقاومة الشعبية والوطنية اللبنانية» مشيراً إلى أن الاتفاق النووي بين إيران ودول خمسة زائد واحد سينعكس إيجابا على الشعب الإيراني ودول المنطقة والعالم.
وأكد المعلم ضرورة تضافر الجهود لمحاربة آفة الإرهاب العابرة للحدود. وقال إن «الدول التي رعت واحتضنت ومولت ودعمت الإرهاب تكتوي الآن بنيرانه لأن الإرهاب لا دين ولا حدود له».
من جانبه أكد لاريجاني استمرار دعم إيران للحكومة والشعب السوري لتعزيز صموده في التصدي للإرهاب والإرهابيين مشيراً إلى أن بعض الدول بدأت تتلمس الآن أخطاءها والآثار المدمرة لدعمها للإرهاب حيث يجب عليها أن تصحح مسارها وتمتنع عن دعمها للإرهاب. ونوه لاريجاني بصمود القيادة والشعب السوري وتضحيات الجيش العربي السوري والمقاومة الشعبية والوطنية اللبنانية لدحر الإرهاب والإرهابيين وقال إن «النصر حليف سورية ومحور المقاومة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن