ثقافة وفن

أول عمل يصور في حلب بعد تحريرها من دنس الإرهاب … «روزنا».. تمسك المواطن السوري بالأرض رغم المآسي والمحن والويلات

| وائل العدس

أنهى المخرج عارف الطويل تصوير كامل مشاهد مسلسله «روزنا» للكاتب جورج عربجي وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي على أن يكون العمل جاهزاً للعرض في شهر رمضان المبارك المقبل.
ويعد العمل عودة إلى الدراما الحلبية الرائدة التي قدمت أعمالاً خالدة مثل «خان الحرير» و«سيرة آل جلالي» و«كوم الحجر» و«الثريا» و«باب الحديد»، وهو أول عمل يصور في مدينة أبي فراس الحمداني بعدما حررها الجيش العربي السوري من دنس الإرهاب.
أما عنوان العمل «روزنا» فمأخوذ من الأغنية التراثية التي تحكي عن سفينة تركية تدعى «روزنا» حاولت إغراق سوق لبنان بالبضائع والمحاصيل الزراعية لتدمير السوق هناك، فتدخل التجار الحلبيون واشتروا المحاصيل من لبنان وأنقذوا السوق وأفشلوا المخطط التركي العدواني حينها.
ويؤدي أدوار البطولة كل من بسام كوسا وجيانا عيد وأنطوانيت نجيب وندين تحسين بك وأندريه إسكاف وعامر علي وتوفيق إسكندر وتولاي هارون وحسام تحسين بيك وسمر عبد العزيز وقاسم ملحو وناصر وردياني وإيمان الغوري وغسان مكانسي ورضوان سالم وغسان ذهبي وروعة السعدي وعلي كريم ورشا رستم وأحمد خليفة وآخرين.

من الواقع
العمل درامي اجتماعي بخط وطني واضح يرصد حالة اجتماعية وسط مدينة حاول الإرهاب تدميرها وطمس معالمها وهو يستمد أحداثه من الواقع الذي عاشه أهالي حلب خلال سنوات الحرب الإرهابية عليهم.
واعتمد الكاتب في صياغة حكايته على الصدق في التعاطي مع ذائقة المشاهد مبتعداً عن الشعارات وفرض الرأي اللذين ينأى عنهما المشاهد، حيث يحمل العمل مقولة «ارحموا عزيز قوم ذل».
وفي زمن الحرب هناك حكايات كثيرة من الواقع، ومهمة الدراما لا تقتصر على نشر تلك الحكايات لتستجدي تعاطف المشاهد لكن واجبها هو الدعم النفسي والتوعوي وإيصال أمل صادق عبر قصة وشخوص حقيقيين من صلب المجتمع لا يتم استهجانها.
وبيّن أصحاب العمل أن ما تعرضت له حلب من استهداف وتدمير وحصار إرهابي فاق كل وصف ولم تشهده مدينة أخرى ومن ثم كان لزاماً وواجباً علينا كفنانين أن نبرز هذا الصمود ونقول شكراً لحلب وأهلها التي ستظل كطائر الفينيق الذي ينبعث من تحت الرماد إيذاناً بالنصر والولادة الجديدة.
كما يحوي العمل قصص حب وصراع بين شابين على حب فتاة، كما يضيء على نماذج من الذين استغلوا الحرب وتاجروا وجمعوا الأموال تحت شعارات براقة.

من دمشق إلى حلب
وتدور أحداث العمل حول أسرة من مدينة حلب كانت مقتدرة ولكن ظروف الحرب تضطرها للتنقل إلى دمشق وبدء حياة جديدة هناك وفي ظل ظروف الحرب والأزمة يتعرض كل فرد من أفرادها لمشاكل وحكايات مختلفة تضعهم أمام امتحانات صعبة.
وتتمحور قصة العمل حول أسرة حلبية مكونة من الأب «وفا» وزوجته وابنه وابنتيه، ويملك رب الأسرة منشأة صناعية تتعرض للدمار والنهب والسرقة من الإرهابيين، كما يدخل الابن الوحيد في غيبوبة جراء استهدافه من قناص إرهابي وهو في طريقه إلى دمشق ما يضطر العائلة للانتقال إلى دمشق لمتابعة الحالة الصحية لابنهم وعلاجه، وفِي هذه الأثناء يتعرض منزلهم للخراب بسبب قذائف الإرهاب وهو ما يؤدي إلى فقدان رب الأسرة لكل ما يملك ويعود لنقطة الصفر ويضطر للعمل في عدة مهن لتأمين مصدر رزق لأسرته.
بانتقال العائلة للعاصمة تعيش العديد من الوقائع وتدور الأحداث التي تؤكد أن المواطن السوري رغم المآسي والمحن والويلات التي تعرض لها ظل متمسكاً بأرضه وهو ما يجسد صورة بسيطة من صور الصمود الشعبي الوطني خلال سنوات الحرب التي تعرض لها الوطن.
وحسب القائمين على العمل فإن عائلة «وفا» (بسام كوسا) ترمز إلى جزء من أهالي حلب، من شتى اختلافاتهم، وأن لكل فرد فيها رمزاً له أبعاده الدرامية، كما ترمز شخصية «وفا» في شكلٍ أو آخر إلى قلعة حلب.

الشخصيات
يجسد قاسم ملحو شخصية «بكري» وهو عامل يعمل عند «وفا» يقوم بإيصال حاجاته إلى المنزل، ويلازمه في المعمل الذي يملكه، يفتح له باب السيارة، ويحمل حقيبته، وعندما يوزع مساعدات على الفقراء، يكون ذلك من طريق «بكري». بعدها نرى أن الأشياء تغيرت، أصبح لبكري شأن كبير ولوفا مأساة قاسية، وفي مشهد «ماستر» يلتقي بكري ووفا مصادفة، ما يخلق شيئاً غاية في الدقة والتفصيل والقسوة، فيجلسان مع بعضهما ويتكلمان في جوانب ليست لها علاقة بالسياسة بل يكون التركيز على الجانب الإنساني».
ويقدم ميلاد يوسف شخصية «أنور» وهو من الشباب السوريين الذين يعيشون فراغاً عاطفياً وحياتياً. الحياة لا تعنيه كثيراً نتيجة الأزمات والحرب، ما يفقده الكثير من عناصر التمسك بالحياة إلى أن يتعرف إلى «ديمة» (ندين تحسين بك) ابنة «وفا»، فتبدأ إعادة الحياة في نفسه نتيجة هذا الحب». وهنا نقطة التحول في الشخصية، وهي تعني دعوة إلى البحث عن تفاصيل صغيرة في الحياة لإعادة الأمل، وخاصة أن الظروف الحالية تخفي الأمل عن كثير من الأشخاص.
وتطل تولاي هارون بشخصية «عفاف» وإن كانت «خادمة» غير أن المشاهد سيتنبّه إلى أنها لم تكن كذلك طوال حياتها وإنما أرغمتها قسوة الحياة على هذا العمل.
تظهر بمظهر جيد وأنيق، وتتميز بالطيبة والصدق في تعاملها مع الآخرين. ومع تقدم مجريات العمل ستجد نفسها تعمل عند «فرح» التي ستعاني منها ومن طريقة تعاملها وردات فعلها السلبية كثيراً لكنها تكون مضطرة للتحمل أمام عدم شعور زوجها بمسؤولية أسرته ليتغير الوضع بعدما تحمل بجنين.
بدوره فإن توفيق إسكندر يقدم من خلال شخصية تظهر في المقابلات التلفزيونية على أنها ذاك الوطني الحريص على البلد ولكن نكتشف وجهه الآخر، وكيف يستغل الأزمة لمصالحه المادية الجشعة.
وتؤدي سمر عبد العزيز شخصية «داليا»، التي تكون صلة الوصل بين ماضي حصل وآتٍ غير متوقع، وستبين كيف أن الفيسبوك وعالم الإنترنت بشكل عام سيكون بوصلة للقاء من نحب.
أما هبة زهرة فتجسد شخصية «رزان» ابنة «وفا» وهي فتاة جميلة، طيبة، ذكية، صاحبة مبدأ، لديها مسؤولية كبيرة تجاه نفسها وعائلتها. تضطر إلى ترك جامعتها في حلب (أدب فرنسي)، وتبدأ البحث عن عمل لمساعدة أهلها إضافة إلى تعلمها اللغة الإنكليزية لكونها مطلوبة. علاقتها الخاصة بوالدها أشبه بعلاقة صداقة، أكثر مما هي علاقة أب وابنته التي تتمثل به قدوة لها. وفي حياتها شاب ترتبط به بحب قديم وصادق، لديها أمل كبير، ولكن ظروف الحياة تجعلها تتحمل الكثير من المشاق والمتاعب التي لم تكن في الحسبان، في مواجهة قصة حبها في وضع أشبه بالتمزق بينهما.
ويؤدي أندريه سكاف شخصية «هشام» وهو رجل يدمن الكحول غير أنه يتسم بالظرافة.
أما ناصر وردياني فيظهر بدور شقيق «وفا»، ورغم قلة المشاهد إلا أنه من الأدوار المؤثرة وخصوصاً مشهد لقائه مع شقيقه بعد 6 سنوات من الفراق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن