ثقافة وفن

الصوت الأكاديمي المتمرس في معاهد الموسيقا السورية … شذى حايك: الانتشار والشهرة ليسا فناً بل هما الجزء من أثر الفن

| أحمد محمد السّح

حين تمر بهذا الصوت لا يمكن أن تقف أمام حسنه ومرونته، هو صوتٌ جميل بحق، لكن الأصوات الجميلة باتت كثيرة اليوم، فالمميز عند صوت شذى حايك هو ثقافتها الموسيقية، فقد درست في معهد إعداد المدرسين الموسيقيين ومن ثم في المعهد العالي للموسيقا، ثم درست ودرّست الصولفيج في معهد صلحي الوادي، لتتكون لديها ثقافة موسيقية واسعة، وفي الحوار معها ستكتشف من حديثها ولغتها أنها ذات ثقافة كبيرة تنعكس في اختياراتها للأغنية وهي تغني الشعر وتتعامل مع خيرة الموسيقيين، من أغنياتها «هذي الشآم» للموسيقار سهيل عرفة، ومن أغانيها الخاصة «حبيبي تعا»، هي من موسيقاها، «دعني» مع باسل داوود.. الفنانة شذى حايك صوت سوري يقيم اليوم في هولندا ويغني للوطن بحب وتفاؤل ..

حين نسمع أعمالك عبر الإنترنت سنجد الكثير من الأغنيات والمقاطع والحفلات، لفنانة أكاديمية، الموسيقية والعلامات الفارقة في خطاها، فماذا توضحين للجمهور؟
بداية… يبدو طريق الفن شاقاً للغاية، يقوم الفن حالياً على التسويق والإشهار التسويقي المحترف وعموماً أنا كطالبةٍ في الغناء الأكاديمي، حينما تحين لي فرصة عمل فني أقوم باستغلالها بما أملك من موهبة واستطاعة. أحاول أن أرسم مشروعاً واضحاً يخصني، ولا أستطيع العمل في بيئة فنية انفعالية وصاخبة… بإمكانك القول البطء هو سمة الفن الذي أراه.

يتميز صوتك بصفاء ومهارة الأداء، وتشكلين جزءاً من جيل نشأ بثقافة موسيقية والتزام فني عال، بينما اتجهت الأضواء إلى أشخاص آخرين، ماذا تعني لك الجماهيرية والانتشار والشهرة؟
الجماهيرية ذروة دائمة وأنا لا أحب الجماهيرية بقدر ما أحب أن أكون موجودة ببصمة ما.
الانتشار والشهرة ليسا فناً، بل هما الجزء من أثر الفن. هذا لا يعني أن الجماهيرية والانتشار لا يناسبانني لكن الذروة التي أسكن بها تكون مع بعض المحبين والحفلات التي أقوم بها في هولندا كافية لترضي موهبتي التي أحب والفن الذي أؤمن به.

أنتِ مغتربة الآن وتقومين بخطوات لإيصال صوتك، خارج البلاد، هل الأغنية السورية تعاني في الخارج كما في الداخل، وما نظرتك للحلول لمشكلة الأغنية السورية التي صارت مشكلة «عريقة»؟
البيئة الأوروبية تعنى بالثقافات بشكل لا متناهٍ، فقد أغني سوري أو مصري أو لبناني وربما هولندي ولكني أحرص على تقديم التراث السوري والفن السوري في كل حفل أقدمه.. والجميل أن ثقافتك تتمازج بسهولة في الخارج فالجمهور منفتح ويهتم وينصت باهتمام لموسيقا الشعوب الأخرى.
إنه عالم مختلف تماماً، يدرك أن الموسيقا بحث في اللا متناهي، بحث في سياق الأذن البشرية لتتواصل.
المشكلة في سورية أنه لا قطاع خاصاً ولا تلفزيونات خاصة تدعم رؤية فنية مفتوحة، التلفزيون السوري الرسمي مثلاً لا يأخذ دوراً كبيراً في دعم الأكاديميين وتسويق الموسيقا بشكل جيد في الحفلات الرسمية وحتى الحفلات التي يتم نقلها يستقبلون فيها فنانين شعبيين، حيث أُخِذ الفن السوري على واجهةٍ واحدة وريتم صاخب وحاد من دون الاعتناء بالذائقة الروحية للإنسان، لن يكون هناك وجود للأغنية السورية إذا لم تتغير هذه المؤسسات.

في اختيارات أغنياتك تبدو المعايير الفنية التي تتبعينها عالية، أي بمعنى آخر مثقفة، كيف تستطيع شذى حايك أن تمزج هذه المعايير مع معيار سوق الإنتاج الطاغي حالياً؟
هذا السؤال يجيب عن كثير من الأسئلة. فاختيار الأغاني هو دليل على قيمة الفن لدى الفنان، فأنا أختار أغنياتي بما يتناسب مع كياني الإنساني والفني، فكما أجبت في سؤال سابق عن مفهوم الذروة والجماهيرية فأنا لا أريد الوصول إلى جماهيرية مادية، أنا أحاول عكس الحس الفني الذي أمتلكه داخل أطر فنية راقية ولطيفة تصل إلى القلب والروح بوصفها فناً، من هنا يبدو الاختيار صعباً.

ما الفارق في إحساسك كمغنية بين استعادة أغنية لفنان، وبين الأغنية الخاصة بكِ؟
بداية كل ما هو فني هو متاح، الفن عبارة عن لا متناهٍ يمكن استخدامه والإضافة له، كما في الأدب والشعر تعاد الأفكار وتتوالد، أما عن الأغنية الخاصة فهي التجدد والخلق بمزيج من عدة عوامل لإنتاج المادة الفنية الراقية.

في عالم سوق الإنتاج نسمع أن الشركات اليوم تشتري الكلام واللحن وتقدمه للفنان ليضع صوته، فيكون رأيه آخر الآراء، ما موقفك من هذه العملية الانتاجية؟
لست مع أي احتكار أو تحويل الفن والفنان إلى عملية تجارية بحتة تسعى للربح، بعيداً عن المحتوى والهدف لهذا الفن.

كيف تحرسين صوتك وتحافظين عليه؟
الحبال الصوتية مثلها مثل أي عضلة تحتاج الرياضة والاسترخاء والغذاء الصحي والنوم الكافي، أحاول المحافظة على التمرين والاستماع للموسيقا بشكل مستمر.

مسيرتك الموسيقية الأكاديمية متنوعة في تعلم العزف والغناء، وشملت أسماء كبيرة، كما كنتِ مدرّسة للصولفيج.. كيف توجزين لنا هذه المسيرة؟
بالنسبة لمسيرتي الفنية… من طالبة في معهد إعداد المدرسيين للموسيقا ثم طالبة في المعهد العالي للموسيقا ومدرّسة لمادة الصولفيج في معهد صلحي الوادي للموسيقا. والكثير من الحفلات، فكل مرحلة في حياتي الفنية كطالبة غناء ومدرّسة لها أهميتها وأثرها في مسيرتي، تعلمت الكثير منها وأضافت لي الكثير من الخبرة، وأريد توجيه التحية إلى روح معلمي فيكتور بابينكو.

ما طموح شذى الفني على المستوى البعيد؟ وما إمكانيات التحقيق القريبة المدى، التي سنشهدها ونسمعها في المدى المنظور؟
حالياً هناك الكثير من المشاريع قيد الدراسة، أسعى الآن لاختيار مجموعة من الأغنيات لضمها في cd خاص بي والبحث عن شركة إنتاج إضافة إلى الكثير من الحفلات بمشاركة فرق هولندية وعربية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن